المضمون الإسلامي في شعر علال الفاسي
المضمون الإسلامي في شعر علال الفاسي
تأليف: د. حسن الوراكلي
عرض: صدقي البيك
ومَنْ من أهل المغرب العربي لا يعرف السيد علال الفاسي، الزعيم السياسي البارز؟ فقد كافح الاستعمار الفرنسي وقاد حزب الاستقلال عدة عقود.
والمثقفون في المشرق العربي أيضاً يعرفون الفاسي زعيماً دينياً ووطنياً، يحمل الفكر الإسلامي ويمثل بلاده في المؤتمرات الإسلامية..
وهؤلاء وأولئك يعرفونه كاتباً وشاعراً، وقد سبقت شاعريته مؤلفاته، فقد بدأ نظم الشعر ونشره وهو في الخامسة عشرة من العمر!!
وكان لقصيدته "أبعد مرور خمس عشرة ألعب" سيرورة على ألسنة محبي الشعر من الوطنيين الجزائريين.
ومن حق هذا الرجل العظيم شعراً وفكراً وسياسة أن يتناول الدكتور حسن الوراكلي ديوانه بالدراسة، قبل أن يكتمل نشره، فيتحدث عن المضمون الإسلامي في شعر علال الفاسي في كل محاوره الديني والاجتماعي والوطني.
وبعد أن تحدث الدكتور حسن عن الظروف التاريخية والفكرية والاجتماعية التي كانت تحيط بالفاسي وبلده المغرب، تكلم عن مفهوم الدين بشموليته وحركته وثوريته، وعن مفهوم المجتمع من جهة بنيته المادية والمعنوية، وعن مفهوم الوطن، في نفس الفاسي وعقله وقلبه.
وبعد ذلك تناول المحور الديني في شعر الشاعر، مستخرجاً قصائده الإسلامية، من جزء الديوان الأول الذي كان قد صدر، ومن الجزأين المخطوطين، ومن كتاب "المختار من شعر علال الفاسي"، يستخرج هذه القصائد الزاخرة بالحديث عن العقيدة الإسلامية، وما يجب أن تكون عليه في قلوب المسلمين، ومستذكراً ذكريات الإسلام المجيدة، ورجالاته القدامى والمعاصرين، وما قدمه السابقون من بطولات وما بنوه من أمجاد، وما قدمه المعاصرون من جهاد وتضحيات. كما أبرز قصائده التي نظمها في المناسبات والمواسم الإسلامية، وتلك التي خصها بالأدعية والتوسلات.
ثم تناول المحور الاجتماعي في شعر الفاسي، محللاً أشعاره التي يحث فيها على الأخلاق الفاضلة، ومحاربة الأمراض الاجتماعية من جهل واستلاب وسكر ووصولية، وعلى رعاية لبنات المجتمع من امرأة وطفل وعامل وفلاح، مناصراً حقوقهم في التعليم وحسن التربية، وحقوقهم في الأجر والإنتاج الذي يحفظ لهم كرامتهم التي أعطاهم إياها الإسلام بتشريعاته السمحة المنصفة.
وفي المحور الوطني تحدث عن البعد الجهادي الديني العميق في مقارعته للاستعمار الذي كان يجثم على بلده وعلى معظم بلاد العرب والمسلمين، وعن البعد الوحدوي، ودعوته الحثيثة إلى توحيد المغاربة والعرب والمسلمين، وعن البعد اللغوي!! نعم فقد كان من مظاهر الوطنية الحفاظ على اللغة العربية والتمسك بها في مواجهة التخطيط الاستعماري لاستئصالها من المدارس والدواوين والأدب والفكر والمجتمع وكل هذه المفاهيم والأفكار ينطق بها الشاعر من عقيدته الإسلامية، ويربط بين كل ما هو وطني حر وإصلاح اجتماعي، وبين الإسلام وعقيدته وتشريعاته.
ولكون الكتاب يدور حول المضمون في شعر الفاسي، فإن المؤلف لم يتطرق إلى جانب الشكل والأسلوب في شعر الفاسي.
وبعد أن انتهى من الحديث والتحليل في هذه المحاور الثلاثة، خصص عشرات الصفحات لعرض نصوص كاملة لقصائد الشاعر من المحاور الثلاثة.
والكتاب محاولة جادة لتقويم شعر الأستاذ علال الفاسي من منظور إسلامي، وهو على رغم تأخر صدوره بعد وفاة الشاعر عام 1974م، وتأخر صدور ديوان الشاعر كاملاً، فإنه أدى مهمة تنطلق من أهداف الأدب الإسلامي ونقده، والشاعر بها جدير.