رحلة نحو القرن الحادي والعشرين

رحلة نحو القرن الحادي والعشرين

إذا كان كتاب (رحلة نحو القرن الحادي والعشرين) صغير الحجم، فإنه عظيم الفائدة ولاسيما قطاع الشباب على اعتبار أن الكتاب موجه لهذه الفئة العمرية في المقام الأول وفقاً للإشارة التي اعتلت علاقة مؤلفة الكتاب هي السيدة رايكو أوشيدا يابانية الجنسية.

ولدت في عام 1936م بمنطقة جبلية تدعى (Ehime) باليابان وفي عام 1968م عينت من قبل محافظ كانجاوا أمّاً بالتبني للصبية العاملين من اليتامى والمعدمين بمدينة أوداوارا.

وهكذا تحول منزلها إلى بيت للصبية والمراهقين العاملين.

ومن خلال خبرتها في التعامل مع المراهقين، وحل مشكلاتهم، تمت دعوتها من قبل اتحاد أولياء الأمور والمعلمين (PTA) في اليابان لتلقي كلمات وتحاضر وتناقش أولياء الأمور ومعلمي الحضانات والمشرفين التربويين والمعلمين المختصين بتدريس المراهقين في الصفوف المتوسطة والمرحلة الثانوية، وقد حظيت أوشيدا باحترام المختصين وأولياء الأمور على حد سواء بسبب خبرتها الواسعة وحديثها المباشر النابع من القلب.

أما هي فتقول عن نفسها في المقدمة: لقد كتبت حتى اليوم أربعة كتب عن العلاقات الإنسانية على أساس خبراتي الحياتية حول كيفية أن يكون المرء ولي أمر مرن، والعلاقات بين الكنة والحماة، وغيرها، وقد استقبلت هذه الكتب بحفاوة في اليابان من قبل أولياء الأمور والمعلمين والأشخاص العاملين في مجال تطبيق القانون وغيرها من المجالات ذات الصلة. وكذلك من قبل التربويين في مختلف أنحاء العالم.

* * *

هذا الكتاب هو دليل للتعايش مع شكوك وظنون القرن الحادي والعشرين، فبقاء العالم يعتمد على إدراك الشباب للحقيقة الكامنة في حياتهم ووضعها موضع التنفيذ.

والحقيقة أن مكتب التربية العربي لدول الخليج كسب في حصوله على حقوق الترجمة العربية لهذا الكتاب أكثر من فائدة. ولعل ما يتعلق منها بشأن التربية والشباب والتواصل بين الثقافات هو الأكثر والأوفر حظاً.

وهذا هو المهم.

يقول الدكتور سعيد بن محمد المليص مدير عام مكتب التربية العربي لدول الخليج عن الكتاب ومؤلفته وقصة حصول المكتب على حقوق ترجمته للعربية: هو رسالة حب تأمل المؤلفة.

ونحن معها – أن تصل إلى أيدي وقلوب وعقول الشباب في الدنيا كلها - قد لا تكون الحكمة التي تقدمها (رايكو أوشيدا) جديدة كل الجدة، ونحن نعرف عن يقين أن كل ما يضمه هذا الكتاب وغيره من الكتب التي تعنى بالمراهقين والشباب لا تعادل قطرة من محيط الحكمة والمعرفة والرؤية الثاقبة التي صاغها الرسول صلى الله عليه وسلم في كلماته الخالدة: (قل آمنت بالله ثم استقم). إن الاستقامة هي الجوهر الذي تصبو إليه كل كتب التربية والتعليم. ولا سبيل إلى تحقيق الاستقامة إلا بإتباع كتاب الله وسنة نبيه، ثم يستفتي الإنسان قلبه في كل شأن من شؤون الدنيا.

* * *

ومن مميزات الكتاب دراسة في ترويض المراهق أو الشباب لنفسه، وتنمية قدراته في السيطرة على نوازع النفس وغوايتها، ومن ثم القبض على جمر الإيمان والمحبة والمعرفة. فالسبيل إلى إدراك المعرفة الحقة، هو المحبة، بمعنى القدرة على تجاوز حدود الذات ومطامعها الضيقة، لكي نشارك الآخرين في مشاعرهم وآلامهم. ونخرج من ربقة الذات إلى حرية الانتماء للعقيدة والوطن والكون كله.

ولقد جاء الكتاب في خمسة فصول هي:

الفصل الأول وعنوانه الكلام: اشتمل على الموضوعات التالية: التحية، تحية صباح لطيفة، البدء هنا والآن، أن تكون عند كلمتك الأولى، معجزة الحادثة. تحقيق الذات، تنظيف مكتبك، أنا بلا نفع أو جدوى مهما فعلت.

أما الفصل الثاني وعنوانه الالتزام: فقد اشتمل على موضوعات: صندوق المجوهرات بداخلنا، محفوظ في كن القلب، لا تدع نارك تخمد، تحدي الأسبوع الواحد، ثق بنفسك، فلتسأل نفسك، ذكرى حزينة، اجتياز الحواجز، مساعدة كل منا الآخر، الكلام بمرض، قليل من التفكير في الآخرين.

وقد احتوى الفصل الثالث وعنوانه: قوة القلب على الموضوعات التالية: اتخاذ القرار، عمل القلب، تدريب القلب، مقارنة نفسك بالآخرين، المنزل القفر، نافذة الروح، تكون إيجابياً أم تكون سلبياً، السلبية، القبول، الوحدة، البقاء على قيد الحياة، ما كان يأمله ابني، صمت ودموع، الاهتمام.

وتناول الفصل الرابع الموسوم بتحسين الذات الموضوعات التالية: اكشف عن معدنك الأصيل، الإشراف من الداخل، تنقية الروح، قاعدة القلب، التدريب على استخدام القلب، تحقيق الأهداف، عزيمة، بحثاً عن عقيدة كونية، افعل أو مت (مسألة حياة أو موت).

أما الفصل الخامس والأخير وهو بعنوان احلم، فقد احتوى على الموضوعات التالية: أحلام، انتصر على نفسك أولاً، تبادل المحبة، تحقيق الأحلام، الوصول إلى الشباب في أنحاء العالم كافة.

* * *

ومن بين الفقرات المهمة التي تطرقت إليها المؤلفة في الكتاب نقتطف منها:

* إن الأشخاص الذين يفتقرون إلى الثقة بالنفس لديهم في الحقيقة الكثير من القوى الكامنة، وأولئك الذين يتعلمون كيفية الإصغاء لما تتلى عليهم من إجابات بداخل أنفسهم سوف يدركون قدراتهم وقوتهم المدهشة.

* إن الحياة فسحة طويلة من الوقت يقع فيها الكثير والكثير من الأحداث، ومجرد القراءة أو التفكير لا يكفي لحل مشكلات الحياة، الفعل هو المهم: بالفعل وحده يمكننا أن نتوقف عن إضاعة الوقت، ونحقق نتائج حقيقية هنا والآن وكل يوم.

* * *

* قد يتعمد المرء إضاعة الوقت في اللعب أو مشاهدة التلفاز أو الاستماع للموسيقى بدلاً من القيام بما هو ضروري، وقد لا يبدي ما يكفي من الاهتمام والتركيز داخل الفصل، ومن ثم يحصل على درجات بشعة في المدرسة، غير أنه حينما يقرر المرء أن يأخذ زمام المبادرة ويفعل ما هو ضروري، وقتها فقط سيكتشف أنه من الممكن القيام بأغلب الأعمال التي كان يعتقد من قبل أنها أمر مستحيل أو غير ممكن.

* هل تناولت من قبل شراباً بارداً وأنت تعرف بشكل مسبق أنه سوف يصيبك بآلام في المعدة. لعلك كنت تريد أن تتبع حدسك ولكنك لم تستطع أن ترفض أو تعارض الصديق الذي قدم لك المشروب.

ومع ذلك فإن غضبك من نفسك سوف يعمل على تعزيز إمكانية تكرار هذا الأمر (أي التصرف طبقاً لما يمليه أو يفرضه عليك الآخرون لا تبعاً لحدسك أو صوت قلبك).

إن الغضب من الذات سوف يزيد ويراكم النوازع السلبية بداخلك، كل ما عليك فعله هو أن تقبل التجربة بصفتها درساً لك، ومن ثم تعمل على أن تتصرف في المرة القادمة بقدر أكبر من الحكمة.

* في صباي، دعتني إحدى الصديقات للذهاب إلى منزلها بعد المدرسة، في تلك اللحظة أحسست أنني سوف أقع في مشكلات جمة، إذا لم أعد إلى البيت مباشرة، ولكني قلت لنفسي: (سوف أذهب إلى منزلها فقط لفترة قصيرة)، ثم انتهى الأمر بي للبقاء هناك لوقت متأخر.

حقاً، إنه كتاب من النوع النادر والطراز الثقيل، لذا هو حري بأن يقتنى ويقرأ، وتحية شكر في الختام للقائمين على مكتب التربية العربي لدول الخليج الذي تولى ترجمة الكتاب إلى اللغة العربية.