فصل الخطاب في تاريخ قتل ابن الخطاب للخوئيني

فصل الخطاب

في تاريخ قتل ابن الخطاب للخوئيني

د. محمد عمارة

* المؤلف: الشيخ أبو الحسين الخوئيني

* عنوانه: (فصل الخطاب في تاريخ قتل ابن الخطاب) ويليه رسالة: (شهادة الأثر على إيمان قاتل عمر).

* المؤلف: الشيخ أبو الحسين الخوئيني.

* صفحاته: 259 صفحة.

* الناشر: هيئة خُدّام المهدي – لندن (1427هـ-2006م).

* التوزيع: مركز نور الهدى – بيروت – حارة حريك – بئر العبد- خلف البنك الفرنسي.

* مؤلف هذا الكتاب - كما يبدو من أسلوبه- هو واحد من علماء الشيعة الإمامية الإثني عشرية.. الذين درسوا أصول الفقه.. وعلوم الرواية والتاريخ.. وهو إيراني الجنسية..

 وموضوع هذا الكتاب - كما يظهر من عنوانه - مخصص "لتحقيق" تاريخ يوم مقتل عمر بن الخطاب (40 ق هـ - 23هـ 584 - 644م) رضي الله عنه.. والأهمية التي تجعل تحقيق هذا التاريخ قضية تؤلف فيها الكتب، أن هذا اليوم - عند الشيعة- هو يوم عيد كبير، يحتفلون به منذ قرون، في التاسع من شهر ربيع الأول من كل عام.

والكتاب يَجتهد ليثبت أن هذا التاريخ - التاسع من ربيع الأول- الذي يتم فيه العيد والاحتفال - هو التاريخ الحقيقي لهذا الحدث- مقتل عمر بن الخطاب- وليس التاريخ الذي جاء في مصادر أهل السنة والجماعة - الذين يسميهم المؤلف: (العامة العمياء)، وهو أواخر شهر ذي الحجة سنة 23 هـ.

(1)

وفى هذا الكتاب تتكرر العبارات التي تصف عمر بن الخطاب بأنه:

"الجبت، الذي عادى النبي - صلى الله عليه وسلم وآله- وفرعون، الذي حرّف القرآن.. وأذاع في الأرض الفساد.. وأظلمت من كفره الدنيا.. والذي طلب - عند مماته- أن يشرب النبيذ"(1)!!..

كما يصفه بأنه:

أكبر صنم عرفته البشرية منذ بدء نشأتها حتى يومنا هذا، بل إلى آخر الدنيا.. ذلك أنه لم يوجد منذ أول يوم من أيام الدنيا، حتى يومنا هذا، ولن يوجد صنم أكبر وأعظم من عمر بن الخطاب.. فهو المنافق الذي أرضى المجوس واليهود والنصارى(2).

كما يقول عن عمر: "إن الكبش خير منه"(3).

* ولا يقف الكتاب - في هذه الأوصاف- عند (تأليف المؤلف).. وإنما يذهب لينسب مثل هذه الأوصاف إلى الوحي الإلهي.. في الحديث القدسي.. المنسوب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والذي جاء فيه - كما يقول الكتاب- عن عمر بن الخطاب: "إنه أشد أهل النار عذاباً في الآخرة.. يبدّل كلامي، ويشرك بي، ويصد الناس عن سبيلي، وينصّب من نفسه عجلاً لأمتك، ويكفر بي في عرشي.."(4).

* كما ينسب الكتاب إلى الصحابي حذيفة بن اليمان، وصف عمر بن الخطاب بأنه:

"المنافق، الذي ارتد عن الدين.. وحرّف القرآن.. وغيّر الملّة.. وبدّل السنة.. وغيّر السنة كلها.. وأظهر الجور.. وحرّم ما أحل الله، وأحلّ ما حرّم الله.."(5).

كما ينسب الكتاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (أن الآية: "وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ" (يوسف: 106) قد نزلت في عمر بن الخطاب..)(6).

ويختم الكتاب صفحاته بشعر يقول فيه عن عمر بن الخطاب: إنه.. جبت بالله قد كفر

وعن مقتله: إنه عيد .. فيه صنم الكفر انكسر

تلك قطرة من بحر الأوصاف التي امتلأ بها هذا الكتاب عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-.

(2)

وإذا كانت هذه مجرد نماذج من الأوصاف التي وُصف بها عمر بن الخطاب - من قبل مؤلف هذا الكتاب- فإن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وحوارييه، الذين صنعهم على عينه، ورباهم في مدرسة النبوة، والذين أقاموا الدين.. وأسسوا الدولة.. وأزالوا - بالفتوحات التحريرية- دول الجور "الفرس والروم".. وحرروا الشرق من القهر الحضاري والديني والسياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي.. وفتحوا الأبواب أمام انتشار الإسلام..

هؤلاء الصحابة - وخاصة الخلفاء الراشدين- كان نصيبهم في هذا الكتاب وصفهم بأنهم:

الذين قال الله فيهم: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ(22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ"(23) (محمد: 22-23)، وأن أتباعهم ومن يواليهم هم: "الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً منَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً(51) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (52)" (النساء: 51-52)(7).

كما يتهم الكتاب أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب بأنهما - بواسطة أم المؤمنين عائشة، وأم المؤمنين حفصة- قد سقيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سمّاً، في حجرة عائشة، وسمّياه (لُدّا)، تمويهاً للأمر، فمات - صلى الله عليه وسلم- بسببه!!

كما يتهم الكتاب عمر بن الخطاب - في ذات الصفحة- بأنه قتل أبا بكر- (فتك به) بالسم أيضاً!(8).

* ثم يمد الكتاب نطاق الافتراء، ويعمم بلواه، عندما يتهم من يسميهم (حزب السقيفة) - سقيفة بني ساعدة– التي يسمى يومها (اليوم المشئوم) الذي ترجع إليه جميع المصائب والجنايات التي نزلت بالإسلام وبأهل البيت...

* يتهم الكتاب من يسميهم (حزب السقيفة).. ومنهم: (عُمر وأبو بكر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح) بأنهم أظهروا الإسلام طمعاً فيما سمعوه من علماء اليهود في حق النبي - صلى الله عليه وسلم- وغلبته على العرب - كما غلب بختنصر على بني إسرائيل..(9).

هكذا قدمت صفحات هذا الكتاب صورة صفوة الصفوة من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وحوارييه.. على هذا النحو المشين.. والشائه.. والكريه..

(3)

أما أهل السنة والجماعة - وهم 90% من أمة الإسلام- فإن هذا الكتاب يسميهم: (العامة العمياء)(10).

كما يهيل التراب على علماء أهل السنة والجماعة - في مختلف ميادين العلم- فيقول: "إن البخاري وأحزابه كلهم متهمون بالخيانة والكذب.. وإن قلامة ظفر إبهام الإمام الصادق يعدل من مثل البخاري مائة"(11)!!

"ويقطع الكتاب بلزوم الحكم بالزندقة، وهدر الدم للبخاري وأمثاله من علماء العامة ومؤلفيهم..»(12)!.

 ويدعي أن بعض أئمة أهل السنة "قال بضلال البخاري وانحرافه وفساد عقيدته"(13). ثم يعمم هذه الأحكام على سائر علماء أهل السنة والجماعة - وليس فقط البخاري وأحزابه- فيقول:

".. والتدليس طريقة شائعة مستمرة بين جميع طبقات محدّثيهم، وأهل الحديث والتاريخ والسير عندهم.. فيلزم على ذلك فسق أكثر رواة العامة- (أي أهل السنة)- ومحدثيهم، وبالتالي سقوط رواياتهم المروية في كتبهم عن درجة الاعتبار.. فهم يدينون بدين البغال»!!(14).

هكذا تحدث الكتاب عن علماء أهل السنة والجماعة - الذين بنوا علوم الحضارة الإسلامية وتاريخها- فحكم عليهم بالكفر والزندقة والضلال.

(4)

أما أبو لؤلؤة المجوسي، قاتل عمر بن الخطاب، فهو - في هذا الكتاب-:

"مسلم.. مؤمن.. من خُلّص شيعة مولانا أمير المؤمنين علي بن أبى طالب عليه السلام".

وإن قتله لعمر بن الخطاب "إنما كان بإشارة علي - عليه السلام - ولذلك، فمهمة أبي لؤلؤة - رحمه الله - لا يُلقاها إلا ذو حظ عظيم، إذ على يديه جرى أعظم عمل، ونفذت أكبر مهمة لم يعرفها العالم قبله، ولن يعرفها بعده، وهى كسر أكبر صنم عرفه التاريخ(15).

* ثم يمضي الكتاب فيورد عشرين صفحة - من ص187- تمجد أبا لؤلؤة، وتشهد بإيمانه، ناسباً ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 كما ينسب - الكتاب- إلى الإمام علي بن أبي طالب ما يشهد على إيمان أبي لؤلؤة ودخوله الجنة(16).

ويصف أبا لؤلؤة بأنه:

"من أبرز مصاديق عنوان المؤمن.. وأن زيارة قبره (في كاشان - بإيران) أولى وأوجب من زيارة سائر المؤمنين.. فهو مبشر بالجنة.. وقتله لعمر كان عملاً جهادياً عظيماً، بدافع ديني سامٍ، مقبولاً عند الله تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة: 27) .. ولذلك استوجب عليه الجنة(17).

* ويعلل الكتاب إقدام أبي لؤلؤة على قتل عمر بن الخطاب، بأن السبب الأصلي كان منع عمر من الدخول بأم كلثوم - بنت علي- التي تزوجها عمر بالإكراه.. فقتله أبو لؤلؤة، ليمنعه من الوصول إلى بنت أمير المؤمنين - علي- لأنها كالقرآن المصون لا يمسه إلا المطهرون(18).

* ويقطع الكتاب بأن أبا لؤلؤة قد فرّ - بعد طعنه لعمر بن الخطاب- من المدينة - وطار إلى كاشان - بفارس- بإعجاز من أمير المؤمنين علي بن أبى طالب- ومات فيها، وقبره هناك معروف يُزار(19).

ولم يقل لنا الكاتب - الذي يتحدث كثيراً عن العقل والبراهين العقلية-:

إذا كان الإمام علي يملك من المعجزات ما يجعله يحمي أبا لؤلؤة من المحاكمة والقصاص.. ويطيّره - قبل اختراع الطيران- من المدينة إلى كاشان- بالمعجزات- فلِمَ لم يقم - بواسطة هذه المعجزات- بمنع عمر من الزواج بأم كلثوم!..

كذلك، لم يفسر لنا الكاتب دعواه وروايات شيعته كتمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتنزه عن ذلك - وحي الله - المزعوم في نفاق عمر وكفره وشركه وردته وظلمه لفاطمة الزهراء وقتله لها.. ومقتله - على يد أبي لؤلؤة - وهي أمور من أمهات العقائد الشيعية.. لتعلقها بالولاية والإمامة - كما ذكر المؤلف..

لم يفسر لنا سبب كتمان الرسول تبليغ أمته هذه الأمور العقدية - التي نسبها الكاتب للرسول - صلى الله عليه وسلم- وهو كتمان لا يجوز على أي نبي من الأنبياء، ولا يليق بخاتم الأنبياء.

وإلا.. فهل كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يخاف من عمر!.. ويستخدم التقية معه؟!.. وهو الذي عصمه الله من الناس - مطلق الناس-  وأزال الشرك.. وحارب اليهود.. وتحدى الروم.. ولم يخش في الله لومة لائم.

(5)

ولأن هذه هي نظرة المؤلف وعقيدته وعقيدة مذهبه في عمر بن الخطاب.. وفي الصحابة.. وفي أهل السنة والجماعة.. وفي علمائهم..

وتلك هي عقيدته في أبي لؤلؤة المجوسي.. فلقد ذهب الكتاب للتشديد على الأهمية، والعظمة، والقدسية التي أضفاها الشيعة على الاحتفال بمقتل عمر بن الخطاب – في التاريخ الذي كتب الكتاب لتحقيق يومه – التاسع من شهر ربيع الأول سنة (23هـ) – فهذا اليوم- برأي علماء الشيعة – كما جاء بهذا الكتاب:

"يوم عيد اشتهر بين الشيعة من زمن الإمام أبي الحسن العسكري (232- 260هـ/846 – 833م).. وبدأ الاحتفال به في قم.. ثم كاشان، حيث مدفن أبي لؤلؤة.. ثم بقية مواطن الشيعة.. ولقد أصبح عيداً رسمياً بإيران منذ زمن الحكومة الصفوية (907 – 1149هـ/1501 – 1736م).

وأنه – هذا العيد- كما يقول الكتاب- ويصل إلى غاية ازدهاره بعد ظهور المهدي المنتظر طالب ثأر الزهراء.."(20).

فهذا العيد – وفق الرواية عن إمامهم أبي الحسن العسكري-:

هو أفضل الأعياد عند أهل البيت ومواليهم.. فيه يغتسل الشيعة، ويلبسون الثياب الجدد..(21).

* ويذهب الكتاب فينسب تشريع هذا العيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم(22).

* بل وينسب إلى الوحي الإلهي أن الله عز وجل هو الذي جعل يوم مقتل عمر بن الخطاب عيداً:

"يُرفع فيه القلم عن الخلق كلهم ثلاثة أيام، فلا يكتب الكرام الكاتبون على الخلق شيئاً من خطاياهم.. ومن يحتفل بهذا العيد يغفر الله ذنبه، ويشفعه في أهله، ويوسع عليه في مال.. إلخ.. إلخ.."(23).

* كما يورد الكتاب كلاماً منسوباً إلى الإمام علي بن أبي طالب، يسمي فيه هذا العيد – عيد مقتل عمر بن الخطاب باثنين وسبعين اسماً- للدلالة على فضله وأهميته وقدسيته- ومن هذه الأسماء:

- يوم الهدى..

- ويوم البركة..

- ويوم العيد الأكبر.

- ويوم فرح الشيعة..

- ويوم الفطر الثاني..

- ويوم الغدير الثاني..

- ويوم عيد أهل البيت..

- ويوم قتل المنافق..

- ويوم يعض الظالم على يديه..

- ويوم الإسلام..

- ويوم الشكر.. إلخ.. إلخ..(24)

(6)

وإذا كان هذا هو مقام أبي لؤلؤة المجوسي.. وتلك هي مكانة العيد الذي يحتفل فيه الشيعة بمقتل عمر بن الخطاب.. إن لقبر أبي لؤلؤة – هو الآخر- مكانة عظمى لدى الشيعة.. يستفيض في الحديث عنها هذا الكتاب فيقول:

* إن أبا لؤلؤة (هو مؤمن فارس)(25).

* وزيارة قبره – في كاشان- (كزيارة الأئمة المعصومين)(26).

* وإن الشيعة – في إيران- منذ قديم الزمان قد بنوا على قبر أبي لؤلؤة رحمه الله، القبة والأبراج، وجعلوا له رواقاً وصحناً، وما زالوا يحسّنون بناءه، تعظيماً لشأنه، وتسهيلاً على الزائرين الذين يأتون من كل أقطار العالم الشيعي، متقربين إلى الله تعالى بزيارته، معتقدين بعلوّ مقامه، وكونه ممن يقضي الله بهم الحاجات.. بل كان أكثر علماء الشيعة يزورونه، خصوصاً في عيد الزهراء (رضي الله عنها) حيث يزدحم حرمه الشريف بالعلماء والموالين من كافة المناطق والبلدان(27).

* وإذا كان الكتاب قد جعل طيران أبي لؤلؤة من المدينة المنورة إلى كاشان، معجزة من معاجيز الإمام علي بن أبي طالب.. فإنه لم ينس أن يحدّث القراء عن إعجاز قبر أبي لؤلؤة ومزاره.. فنقل – المؤلف- عن (دائرة التراث الثقافي لمدينة كاشان) "أن الزلزال الذي وقع بالمدينة سنة (1192هـ) قد دمر كل المدينة، وقُتل فيه ثلاثة أرباع السكان، ولم يسلم من الأبنية الأثرية بالمدينة سوى قبة أبي لؤلؤة رحمه الله.." – كما جاء بهذا الكتاب-(28).

وحتى يثبت الكاتب ويؤكد على أن ما ذهب إليه كتابه هذا ليس اجتهاداً فردياً.. وإنما هو موقف (المذهب.. والطائفة).. أورد كلام آيات الله العظمى: - الوحيد الخراساني.. والتبريزي.. والسيد محمد اليثربي الكاشاني- في تعظيم الشيعة لقبة أبي لؤلؤة ومزاره.. وتكريم بقعته المباركة.. وشخصيته العظيمة، بناءً على:

"الأدلة المحكمة والمتقنة التي تثبت أن السيرة المستمرة للسلف وقدماء الشيعة من قديم الأيام كانت على تعظيم واحترام هذه الشخصية العظيمة.. وأنه أولى بالتعظيم بعد الأئمة المعصومين!.."(29).

وتلك هي المقولة الوحيدة التي صدق فيها كاتب هذا الكتاب!..

فهذا (الفكر الشيطاني) الذي امتلأت به صفحات هذا الكتاب، والذي طفح بثقافة الكراهية السوداء ضد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخاصة الراشد الثاني الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ليس مجرد وسوسة شيطانية لمؤلف هذا الكتاب.. وإنما هو موقف مذهب (الباطنية – الغنوصية) في هؤلاء الصحابة حواريي رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين صنعهم على عينه، والذين أقاموا الدين.. وأسسوا الدولة.. وأزالوا طواغيت ذلك الزمان.. وفتحوا في ثمانين عاماً أوسع مما فتح الرومان في ثمانية قرون.. وكانت فتوحاتهم تحريراً لأوطان الشرق، ولضمائر الشعوب وعقائدها من القهر الحضاري والديني والثقافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي دام عشرة قرون.

نعم.. إنه فكر شيطاني، تلبّس مذهباً.. وليس مجرد نزوة لمؤلف هذا الكتاب، ويشهد على هذه الحقيقة: (الكتاب العمدة) لأحاديث الأصول والعقائد في هذا المذهب – (الكافي) – للكليني (329هـ- 941م)- الذي ينسب إلى جعفر الصادق (80- 148هـ/ 699- 765م) – سادس أئمتهم-.

"أن الآية: (إنَّ الذينَ كفروا وماتوا وهم كفّار) (آل عمران:91) قد نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان.. وكذلك آية: (إنَّ الذينَ ارتدّوا على أدبارهم من بعد ما تبيّن لهم الهُدى الشيطانُ سوّل لهم وأملى لهم) (محمد:25) وأنهم آمنوا بالنبي في أول الأمر، وكفروا حين عرضت عليهم ولاية علي بن أبي طالب.. وأنهم ارتدوا عن الإيمان في ترك ولاية علي"(30).

"وأن المراد في الآية: (ربنا أرِنا اللذينِ أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحتَ أقدامنا ليكونا من الأسفلين)(فصلت: 29) هم أبو بكر وعمر.."(31).

وفي (شرح الكافي) يقول المجلسي – محمد باقر (1037- 1110هـ/ 1628 – 1698م): "إن الجن المذكور في الآية هو عمر بن الخطاب سمي بذلك، لأنه كان شيطاناً، إما لأنه كان يشركه شيطان، لأنه ولد زنى، أو لأنه في المكر والخديعة كالشيطان.."(32).

فهو موقف (مذهب.. وطائفة) منذ تبلورت عقائد هذا المذهب وهذه الطائفة.. ويستمر هذا الموقف ثابتاً من هذه الصفوة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ تأسيس هذا المذهب وحتى هذه اللحظات.

فآية الله العظمى الإمام الخميني (1320- 1405هـ/1902- 1989م) يقول عن أم المؤمنين عائشة.. وعن الزبير بن العوام.. وعن طلحة بن عبيد الله.. وعن معاوية بن أبي سفيان – أنهم: "أخبث من الكلاب والخنازير"!(33).

وكذلك آية الله العظمى أبو القاسم الخوئي (1317-1412هـ/ 1899-1592م) يقول:

"إنه قد ثبت بالروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين، ووجوب البراءة منهم، وإكثار السب عليهم، والوقيعة فيهم – أي غيبتهم) لأنهم من أهل البدع والريب، بل لا شبهة في كفرهم، لأن إنكار الولاية والأئمة حتى لواحد منهم والاعتقاد بخلافة غيرهم، يوجب الكفر والزندقة، وتدل عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية"(34).

فنحن – إذن أمام مذهب.. وليس مجرد مؤلف لكتاب.. مذهب يعتقد بالبراءة والسب والوقيعة والتفسيق والتكفير، لا لجمهور الصحابة فقط.. وإنما لكل من والاهم من المسلمين.. أي لـ (90%) من أمة الإسلام.. الذين يسمونهم (العامة العمياء.. التي تتدين بدين البغال)!!.

تلك هي القضية.. وهذه هي الحقيقة.. حقيقة (الفحش الفكري) الذي تجسد في صفحات هذا الكتاب (فصل الخطاب في تاريخ قتل ابن الخطاب).

                

الهوامش:

(1) فصل الخطاب في تاريخ قتل ابن الخطاب: ص 7.

(2) المرجع السابق: ص 13، 29، 37، 50، 183، 233، 292.

(3) المرجع السابق: ص 215.

(4) المرجع السابق: ص 48، 49.

(5) المرجع السابق: ص 5.

(6) المرجع السابق: ص 239.

(7) المرجع السابق: ص 9، 10.

(8) المرجع السابق: ص 212.

(9) المرجع السابق: ص 86، 225، 226.

(10) المرجع السابق: ص 86.

(11) المرجع السابق: ص 28، 29.

(12) المرجع السابق: ص 137.

(13) المرجع السابق: ص 138.

(14) المرجع السابق: ص 140، 160.

(15) المرجع السابق: ص 187.

(16) المرجع السابق: ص192، 193.

(17) المرجع السابق: ص 236، 238.

(18) المرجع السابق: ص 210، 211.

(19) المرجع السابق: ص 182، 217.

(20) المرجع السابق: ص 42.

(21) المرجع السابق: ص 46.

(22) المرجع السابق: ص 47.

(23) المرجع السابق: ص 48، 49.

(24) المرجع السابق: ص 51، 54.

(25) المرجع السابق: ص 71.

(26) المرجع السابق: ص 187، 189.

(27) المرجع السابق: ص 202، 203.

(28) المرجع السابق: ص 204.

(29) المرجع السابق: ص 206 – 208.

(30) الكليني: (الكافي): (1/42) تحقيق: علي أكبر العقاري. ط طهران سنة 1388هـ.

(31) الكليني: (الروضة من الكافي)، (8/ 334).

(32) المجلسي: (مرآة العقول): (26/488) ط دار الكتب الإسلامية – طهران.

(33) الخميني: (كتاب الطهارة) المجلد الثالث: (ص 457) ط طهران، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني.

(34) الخوئي (مصباح الفقاهة): (2/11).