أهم الكتب التي صدرت في أمريكا

أهم الكتب التي صدرت في أمريكا

خلال الشهر الماضي

د.خالد الأحمد *

اسم الكتاب: الحرب والقرار:

داخل البنتاغون عند فجر الحرب على الإرهاب ..

اسم المؤلف: دوغلاس فيث

هذا الكتاب عبارة عن أول وأهم مذكرات يكتبها دوغلاس فيث، نائب وزير الدفاع السابق لشؤون السياسة، يعرض فيها بالتفصيل تاريخ بداية الحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر، وقرار بدء الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق.

يعتبر دوغلاس فيث من ضمن أهم اللاعبين الرئيسيين في تخطيط وتطوير حرب إدارة الرئيس بوش على الإرهاب. كان فيث محللاً للسياسات الدولية المؤثرة بشكل كبير لأكثر من ربع قرن قبل التحاقه بإدارة بوش عام 2001، حيث عمل بشكل وثيق مع رئيسه وصديقه المقرب وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وبول ولفوفيتز وكولين باول وكوندوليزا رايس، ونائب الرئيس تشيني والرئيس بوش، وخاصة في تحديد الرد الأميركي على هجمات 11 سبتمبر، وقرار شن الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق.

والآن، في هذه المذكرات الصريحة والكاشفة، يعرض فيث، العضو المؤسس في حركة "المحافظين الجدد" ومهندس استراتيجية الحرب الاستباقية أو الوقائية للإدارة في الحرب على الإرهاب، أكثر التفاصيل عمقاً وتوثيقاً عن موقف البنتاغون الناجم خلال أكثر الفترات جدلية من التاريخ الأميركي. ويستخدم السياسي المحنك كنزاً فريداً من الوثائق والسجلات، ويأخذ القارىء معه وراء الأبواب الموصدة وإلى غرف الاجتماعات واللقاءات السرية التي انبثق عنها قرار حربي العراق وأفغانستان. هذا التسجيل الفريد للأحداث سيضع القارئ في الغرفة ليراجع الاجتماعات الرفيعة المستوى التي عقدت في السابق ولم تذكر، ويعرض كيف أن المئات من القرارات الحاسمة قد وضعت للدفاع عن المصالح الأميركية خلال وبعد أزمة 11 سبتمبر، حيث كان البعض من القرارات ناجحاً بينما البعض الآخر مثيراً للجدل.

ويكشف دوغلاس فيث و لأول مرة في كتابه ومذكراته كيف تم توزيع سيناريوهات ما بعد الحرب على العراق على الأعضاء الكبار من إدارة بوش. وقد وضع فيث ودونالد رامسفيلد سلسلة من التحذيرات في مذكرات داخلية رفعها البنتاغون إلى ممجلس الأمن القومي الأمريكي والرئيس بوش ونائبه ديك تشيني. ومن بين التحذيرات الثلاثين التي يكشف عتها دوغلاس فيث لأول مرة في كتابه "الحرب والقرار"، كانت التحذيرات التالية:

- "قد تفشل الولايات المتحدة بإيجاد أسلحة الدمار الشامل على أرض الواقع في العراق".

- " ربما ستستغرق الحرب الأمريكية في العراق وإعادة الاستقرار في فترة ما بعد صدام وجهود إعادة البناء والإعمار من قبل الولايات المتحدة أكثر من أربع سنوات وربما تمتد إلى أكثر من ثمانية أو عشر سنوات".

- من الممكن أن تنغمس الولايات المتحدة بشكل كبير في جهودها في العراق إلى حد أن تصرف انتباهها عن المشاكل الجدية، بما ذلك المشاكل المتوالدة الأخرى ومشاكل الإرهاب".

- قد تساعد كل من سوريا وإيران أعدائنا في العراق. قد يواجه العراق شقاقاً وخلافاً عرقياً بين الأكراد والسنة والشيعة.

إن ما يجعل كتاب الحرب والقرار مؤثراً جداً هو كونه توثيق للتاريخ من شخص مؤثر عايش الأحداث العاصفة التي مرت بها الولايات المتحدة بدءاً من هجمات 11 سبتمبر وانتهاءً بغزو العراق، كاشفاً الخفايا الداخلية والاستراتيجيات والتوصيات التي بنى عليها المسؤولون في البنتاغون والإدارة الأمريكية قرارهم التاريخي بشن الحرب على أفغانستان والعراق رداً على هجمات 11 سبتمبر.

ما يجعل كتاب دوغلاس فيث مختلف هو أنه يحاول تبرير الكثير من القرارات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية لبدء الحرب وإعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط. بنفس الوقت لا يخلو كتاب فيث من نقد ذاتي لبعض القرارات الخاطئة التي ارتكبت أثناء وبعد غزو العراق. كما يكشف الصراعات الداخلية بين أنصار المتشددين في السياسة الخارجية الأمريكية، أو تيار المحافظين الجددد الذي ينتمي إليهم فيث ويعتبر من كبار دعائم هذه الحركة، وبين أنصار الواقعية والبراغماتية في الديبلوماسية والسياسة الأمريكية مثل كولن باول ونائبه ديك أرميتاج في وزارة الخارجية الأمريكية أنذاك.

ويدافع دوغلاس فيث في كتابه بإخلاص عن كثير من الشخصيات الجدلية التي عمل معها، كوزير الدفاع دونالد رامسفيلد، وغيره من صقور الإدارة الأمريكية. ويقدم فيث في كتابه صوراً جديدة لرامسفيلد مغايرة لتلك التي رسمها النقاد والصحفيون عن قسوة رامسفيلد وتجاهله توصيات القادة العسكريين الميدانيين وانفراده باتخذا القرار في البنتاغون. وعلى العكس يظهر رامسفيلد في كتاب فيث كعسكري محنك وحكيم ويوازن الكثير من الأمور قبل تبنيها، وقد حذر مراراً من ضرورة عدم تحول الجيش الأمريكي إلى "بوليس دولي" يراقب ويسجن العالم، وجادل مراراً في مذكراته الداخلية في البنتاغون وتلك التي رفعت لمجلس الأمن القومي والرئيس بوش بأنه "لا يتوجب على الولايات المتحدة أن تسجن أي شخص لا تستدعي ضروراتنا القصوى سجنه" !!

ومن "الأساطير" الأخرى، كما يطلق عليها فيث ويحاول أن يفندها في كتابه هي أسباب إصرار المحافظين الجدد وتخطيطهم لبدء الحرب الأمريكية على الإرهاب وغزو العراق. ويكشف لأول مرة الأيادي العراقية التي رسمت خطط غزو العراق مع الأمريكيين وشجعت عليه كأحمد الجلبي وكنعان مكية، العالم العراقي المبعد والمنفي، وكيف تولدت هذه الفكرة لتتبلور إلى خطة ثم إلى استراتيجية تبنها الإدارة الأمريكية في حربها ضد الإرهاب. و يقول فيث إن المحافظين الجدد لم يدفعوا أبداً لغزو العراق من أجل "دمقرطة" هذا البلد، كاشفاً أن موضوع الديمقراطية كان على آخر جدول أولويات الإدارة الأمريكية.

في الواقع، تظهر مذكرة داخلية للبيت الأبيض في تشرين الأول 2002، بأن الديمقراطية كانت مدرجة كأخر نقطة من قائمة ثماني نقاط لأهداف الولايات المتحدة من أجل العراق، وحتى في ذلك كان الهدف المتواضع هو "تشجيع بناء مؤسسات ديمقراطية". وعلى النقيض، كانت الأهداف الأساسية في قائمة أولويات الإدارة الأمريكية هي أولاً، خلق عراق جديد لا يهدد جيرانه، وثانياً دولة تتخلى عن دعم ورعاية الإرهاب الدولي، بينما حل موضوع أسلحة الدمار الشامل رابعاً في القائمة.

وأخيراً هناك "أسطورة"، كما يطلق عليها فيث، بأن كبار المسئوليين في الإدارة الأمريكية أمثال نائب الرئيس ديك تشيني ونائب وزير الدفاع بول وولفوفيتر، اختاروا أفضل الموجود وسيسوا المخابرات لكي يبنوا قضيتهم للحرب، و"الأسطورة استمرت على الرغم من استنتاج هيئتين مؤيدتين للحزب بأنه لم يحدث أي شيء من هذا"، كما يقول فيث في كتابه مضيفاً بأن الحقيقة هي أن المخابرات الأمريكية كانت دوماً مسيسة داخلياً، تحديداً من قبل بيروقراطي وكالة المخابرات المركزية. وقال فيث إنه كثيراً ما شكك بروايات بعض العراقيين المبعدين المنفيين الذين قدمتهم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ودعمتهم.

إضافة إلى أسلوبه الروائي الذي يعرض بالتفصيل الدقيق تاريخ الفترة من صيف 2001 وحتى حزيران 2004، فكتاب "الحرب والقرار" يتضمن أيضاً ملحقاً من ثلاثين صفحة لصور عن مذكرات حكومة الولايات المتحدة ووثائق أخرى من فترة هنري كيسنجر، وزير الخارجية السابق، الذي كتب بأن كتاب فيث هو "البيان الأكمل والأكثر عمقاً الذي يعكس طريقة تفكير البنتاغون قبل وفي أوائل مراحل الحرب على العراق".

لمحة عن المؤلف

دوغلاس فيث بروفسور في سياسة الأمن القومي في جامعة جورجتاون بواشنطن. كما أنه باحث زائر في مركز بيلفير في مدرسة كيندي الحكومية هارفارد وزميل زائر متميز في معهد هوفر. بصفته نائب وزير الدفاع لشؤون السياسة من تموز 2001 ولغاية آب 2005، ساعد في تصميم إستراتيجية الحكومة الأميركية للحرب على الإرهاب وساهم في وضع السياسة للحملات على أفغانستان والعراق. كان السيد فيث في السابق المفوض الشرعي الإداري لواشنطن في شركة القانون فيث وزيل، بي سي. خلال فترة إدارة ريغان عمل فيث في البيت الأبيض كمختص في شؤون الشرق الأوسط لصالح مجلس الأمن ثم عمل كنائب مساعد لسكرتير الدفاع في سياسة المفاوضات.

اسم الكتاب: أمة مخفية:

كيف يسهم بحث الأكراد عن استقلالهم في تشكيل العراق والشرق الأوسط ؟

اسم المؤلف: كويل لورنس

كان ينبغي للمخطط الأمريكي في العراق أن يكون على الشكل التالي: الإطاحة بالدكتاتور صدام حسين؛ وفك أسر الشعب العراقي المضطهد الذي سيستقبل الجيش الأمريكي بالورود والريحان و الامتنان، وتحظى أمريكا بحليف جديد موالٍ للغرب في الشرق الأوسط العدائي ...

بهذه المقدمة، يبدأ المؤلف الأمريكي كويل لورنس كتابه المهم والمثير للجدل حول أكراد العراق الذين كانوا "الحليف الأقوى والأهم" للولايات المتحدة الأمريكية في حربها للإطاحة بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. ويشرح المؤلف في كتابه "أمة مخفية" بأن المخطط الأمريكي في العراق لم ينجح في وسط وجنوب العراق، وإنما أثمر فقط في شمال العراق حيث يسعى الأكراد بصمت وعزيمة وإصرار لتأسيس أمتهم ويحلمون بإعلان استقلالهم الفعلي وانفصالهم عن بقية العراق.

وبينما تعاني الولايات المتحدة من أتون المقاومة الشرسة واشتعال الفتنة الطائفية في العراق، فإن الوضع مختلف تماماً في كردستان العراق الذي يتمتع ببعض الهدوء السلبي واستقرار السلطة بين كبار القادة والزعماء الأكراد الذين يستغلون صلاتهم القوية بالولايات المتحدة لجذب الاستثمارات الغربية وتقوية عضد الكيان الكردي.

ويشرح الكتاب تفاصيل مهمة عن تاريخ العلاقات الكردية – الأمريكية، حيث أن الأكراد الذين كانوا محميين خلال السنوات الأخيرة من حكم صدام في منطقة يحظر فيها الطيران وتحت رعاية أميركية قد تمتعوا بميزة عملية وهي بناء الأمة الكردية التي "زلزلت سائر أركان العراق". هذا الشعب الذي كان ينعم بالهدوء والسعادة لتركه وشأنه، قد طور شبه استقلال بالحكم الذاتي في إقيلم كردستان الذي يؤيد التوجه نحو الديمقراطية والأميركية وحتى اليهودية. إنها منطقة مسلمة ولكنها ليست ثيوقراطية. ليس هناك عصيان، ولا يقتل الجنود الأميركيين هناك. ويرى المؤلف لورنس بأن كردستان العراق قد تحولت مصادفة إلى "واحدة من أكثر المناطق نجاحاً في مشروع بناء الأمة في تاريخ أميركا".

وحول كيف حدث ذلك ؟ هذا هو موضوع كتاب المؤلف لورنس، حيث يمحص في الأحداث التي تجري في شمال العراق في وقت كان فيه تركيز العالم موجهاً إلى الأحداث المفجعة في أقصى الجنوب. إنها قصة تستحق السرد، على الرغم من أن السيد لورنس، مراسل الشرق الأوسط لكل من برامج إذاعة BBC/PRI "العالم، يعرض سرداً زمنياً أكثر مما هو قصصياً حيث يبدأ كتابه بشكل حساس جداً بإلقاء نظرة شاملة موجزة عن تاريخ الأكراد. ورداً على السؤال المزعج الذي لا يمكن تفاديه والذي يطرح على كل متحدث باسم الأكراد: من هو الكردي تحديداً ؟ ويتوقف الكاتب مطولاً عند الإجابة، فقد كانت الحكومة التركية وعلى مدى سنوات طوال تتجاهل وجود مليون كردي على أراضيها، وتدعم أتراك الجبل الذين نسوا اللغة".

في الواقع، يقول الكاتب، إن الأكراد هم مجموعة من عرق قديم بارز، لهم لغتهم الكردية غير العربية ويعيشون في أجزاء من تركيا وسوريا وإيران والعراق. ومثل الفلسطينيين هم أشخاص بدون أرض وأملهم بالحصول على أرض لا يضاهي أمل الفلسطينيين. ويسرد الكؤلف لورنس كيف تمكن الأكراد "الشجعان والمصممين" من التغلب على الخيانات المتكررة من قبل القوات الغربية، وتمكنوا من خلق دولة افتراضية لهم على أنقاض العراق، لافتاً أن الدولة الكردية لا يمكنها أن تصبح واقعية إلا إذا ما انغمس الشرق الأوسط في الفوضى.

ويخصص المؤلف لورنس أجزاءً كثيرة في الكتاب لوصف نهضة حزبي كردستان الكبيرين العشائريين ومناوراتهما المستمر للحصول على موقع في عهد ما بعد صدام حسين، وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي قاده منذ عام 1975 مسعود بارزاني، والذي ينافس الحزب الوطني الكردستاني الذي يقوده مؤسسه، الجذل وذو القدرة الخارقة جلال طالباني. وحتى الخبراء لا يمكنهم أن يميزوا الفرق في برامجهما.

ويصف الكتاب معلومات مثيرة على التنافس الخفي بين أكبر حزبين مؤثرين في كردستان حيث يتحدى الحزبان الدسائس والشجار فيما بينهما عندما يتعلق الأمر بقومية الدولة الكردية وعلاقاتها مع دول الجوار والمنطقة والغرب. ولكن عندما يتعلق الأمر بداخل كردستان العراق، فإن هذين الحزبيين يتنافسان على اقتسام النفوذ والسلطة وإدارة مقاطعات منفصلة ضمن كردستان العراق، والسيطرة على المرافق الحيوية وحتى على أمور التجارة والاستثمار وشبكات الهاتف الخليوي.

ويمضي الكتاب "أمة مخفية" بكشف الجوانب السلبية والإيجابية داخل كردستان العراق، فمن الأمور المريعة للأمريكيين هي أن حلفائهم الأكراد الذين يفترض أن يكونوا مثالاً للديمقراطية والشفافية هم على شاكلة بعض الأنظمة "المستبدة والمتحكمة" في الشرق الأوسط حيث يعمل كلا الحزبين على منح المناصب لأصدقائهم المقربين وتقاسم الثروات وغض النظر عن الرشاوى والفساد وممارسة أشد أنواع الرقابة على وسائل الإعلام.

أما النواحي الإيجابية التي يراها المؤلف لورنس فهي قيام الأكراد بحملات جادة ضد الإسلاميين المتشددين. ويقدم السيد لورنس عرضاً مثيراً لحملة الحزب الوطني الكردستاني ضد أنصار الإسلام، المجموعة الإسلامية الكردية، إلى جانب أفراد من البيشماركة، المليشيا الكردية، التي تقاتل إلى جانب قوات العمليات الخاصة الأميركية.

وقد عمل الأميركيين والبيشماركة معاً بشكل جيد على الرغم من الأساليب التكتيكية المختلفة كلياً، حيث يفضل عناصر البيشماركة الاعتماد على تجاربهم الخاصة في القتال والحفاظ على الأمن، وببدلاً من رمي الكرة في الميدان 10 أمتار في كل مرة، فهم يميلون إلى أسلوب الانقضاض المفاجئ واقتناص اللحظة المناسبة وملاحقة العدو بأقصى سرعة، مع القبول بالخسائر الكبيرة ثمناً للنصر. وفي نفس الوقت، نادراً ما يظهرون قبل الساعة السابعة صباحاً ويتوقفون بشكل روتيني لاستراحة الغداء. ومع ذلك لا زال التعاون ناجحاً بين القوات الأمريكية الخاصة وبين قوات البشمركة.

وأخيراً يجادل المؤلف الأمريكي لورنس في كتابه "أمة مخفية" بأن "الانقسام السلمي" والانفصال عن الأكراد هو الحل الأمثل بالنسبة للأكراد، مشيراً إلى أن نسبة 2 % فقط من الأكراد لا يؤيدون الاستقلال الذاتي والانفصال ويتمنون البقاء جزءاً من العراق. ويحذر المؤلف أن أي إعلان أحادي بالانفصال من قبل الأكراد سيقلب موازيين القوى وسيستدعي التدخل العسكري من قبل الدول المجاورة للعراق وبالأخص تركيا وربما سوريا. ويلفت الكاتب إلى أن الأكراد يستغلون الخلاف الحالي بين السنة والشيعة في وسط وجنوب العراق واشتعال الحرب الأهلية، وبالتالي فهم يحاولون استمالة الأمريكيين لإقناعهم بأهمية كردستان العراق وإمكانية بناء قاعدة عسكرية أمريكية دائمة على أراضيهم وتعزيز التحالف الكردي – الأمريكي على المدى القريب والبعيد.

ويختم المؤلف لورنس كتابه بالإشارة إلى أنه للمرة الأولى منذ قرون، يرفع أكراد العراق راية النصر، وهم يعملون وراء الستار أو "تحت الرادار"، ومهتمين بإبقاء تحالفهم مع الأمريكيين متيناً وطويلاً، ولأجل ذلك يترتب عليهم البقاء إلى حد ما "غير مرئيين".

ويكتب لورنس في ختام كتابه "أمة مخفية"، لدى قراءته لما تفكر به القيادة الكردية:

"يمكن للأكراد الحصول على دولة في كل شيء إلا الاسم، وبتلك الطريقة لن يتهمهم أي من الجيران بمحاولتهم لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط."

اسم الكتاب: سقوط وبزوغ الدولة الإسلامية..

اسم المؤلف: نوح فيلدمان

كتاب فيلدمان الجديد "سقوط وبزوغ الدولة الإسلامية"، هو تأمل عميق وعودة إلى التاريخ وإحياء الشريعة، والقانون الذي يحكم المجتمع الإسلامي.

يحاول الكاتب نواه فيلدمان في كتاب "سقوط وبزوغ الدولة الإسلامية" دراسة المبادىء الرئيسية التي تتركز عليها "الأمة الإسلامية" كما يطلق عليها، ودور الشريعة في وضع القواعد التي تحدد السلوك الإسلامي. وعبر عودة سريعة إلى الماضي وربط بالحاضر والمستقبل، يركز الكتاب على محاولات مؤيدي "الدولة الإسلامية" استرداد جوهر ما جعل الإسلام التقليدي دولة عظيمة. وفي الوقت الذي يصرح فيه كبار المفكريين الإسلاميين بولائهم للشريعة، يعلنون في الوقت نفسه انجذابهم للديمقراطية التي في الأساس شجع الدين الإسلامي عليها عبر الشورى.

يبدأ فيلدمان كتابه البحثي بإلقاء نظرة إلى الماضي. فقد تأسست الدولة الإسلامية الأولى قبل 14 قرناً على يد الرسول محمد (ص) في المدينة المنورة في المملكة العربية السعودية. ومن هذا المجتمع المتواضع البدائي انطلقت امبراطوريات كبيرة، وحكمت برجال طموحين في مهمات روحية مؤقتة.

يقول فيلدمان في كتابه إن "هؤلاء القادة (الخلفاء) كانوا يعتبرون خليفة الله على الأرض، ومسؤولين عن تطبيق الشريعة". وتعتمد الشريعة على القرآن والسنة، وأحاديث الرسول محمد (ص)، ولكنها لا تطبقها بنفسها. يحتاج القانون الإسلامي إلى إعادة تشكيل وتأويل من قبل علماء وفقهاء مدربين ومتمكنين.

يعرض فيلدمان دور كبار القادة المسلمين الذين قادوا الفتوحات الإسلامية لافتاً إلى دورهم الأساسي في التعمير المذهل للدولة الإسلامية. ولكن كانت التغيرات الجذرية قد بدأت تسري في عصب الدولة الإسلامية مع دخول الإمبراطورية العثمانية (1299-1922) التي انهارت في القرن العشرين.

نهاية الدولة الإسلامية القديمة

أسس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية على أنقاض الإمبراطورية العثمانية. وقد أقصت إصلاحاته الشاملة دور "الخليفة" واستبدلت الشريعة بالقانون المدني. ويرى فيلدمان أن برنامج أتاتورك كان صفعة قوية للثيوقراطية الإسلامية، ولكنه دفعةً قوية للدولة العلمانية الحديثة.

يؤكد فيلدمان "من الناحية الرمزية والعملية انتهت الدولة الإسلامية عام 1924"، ومنذ ذلك الحين كانت الدعوة لإعادة إحياء الدولة الإسلامية قوية ومثابرة. إلا أن "الحركات الإسلامية الراديكالية"، مثل حركة الأخوان المسلمين، كما يشير فيلدمان، تعرض شعارات مبالغاً فيها والقليل من الخيارات والخطط الواقعية. ويضيف الكاتب في بحثه ودراسته عن الدولة الإسلامية أنه من الواضح جداً بأن النماذج الحديثة من الحكم في بعض الأمم الإسلامية سيطلب إليها بناء إجماع حقيقي، ومنح عدالة قانونية، وضمان السلام والأمن وحقوق الإنسان.

يتوقع فيلدمان النجاح لتلك الدول التي بإمكانها "تطوير مؤسسات جديدة قادرة على إيجاد طريقها الأصلي والواضح لتقديم حياة حقيقية لقيم القانون الإسلامي. من الممكن لهذا الأمر أن يكون هيئة تشريعية موجهة إسلامياً، تزكيها روح الشريعة الديمقراطية؛ أو بإمكانها أن تكون محكمة تمارس القضاء الإسلامي لتشكيل والتأثير في القوانين التي تمرر في ظلها".

يوصي فيلدمان بالدستور العراقي والأفغاني الجدد كونهما إسلاميان وديمقراطيان. مثلاً ينص الدستور العراقي على أنه "لا يمكن وضع قانون يتناقض مع أحكام الإسلام المؤكدة". كما يوضح بأنه لا يمكن وضع قانوناً يتناقض مع مبادئ الديمقراطية المؤكدة". ينص الدستور الأفغاني على أنه "لن يكون هناك قانوناً يتنافى مع معتقدات وأحكام الدين الإسلامي المقدس في أفغانستان". ولكنه يسمح بنفس الوقت بحرية العبادة ويتبنى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (للعام 1948). إن هذا تطورات قانونية واعدة، ولكن يصعب التنبؤ بنجاحها النهائي.

ويختم المؤلف كتابه بالتركيز على إمكانية قيام دول إسلامية قوية تستمد بقائها ووجودها من مبادىء الشريعة والقانون المدني معاً، وترتكز على مبادىء الديمقراطية وحقوق الإنسان مع المحافظة على خصوصية الدين الإسلامي والسماح بحرية العبادة والإيمان بأديان أخرى، وهذه بالضبط المبادىء التي قامت عليها الدولة الإسلامية القديمة منذ عهد الرسول محمد (ص)، وهي نفس المبادىء الت ييمكن أن تقوم عليها الدولة الإسلامية الحديثة.

لمحة عن المؤلف

نواه فيلدمان من كبار المفكرين والباحثين والكتاب في أميركا اليوم. بروفسور في مدرسة هارفرد للقانون، وهو مؤلف ثلاثية الكتب المحفزة عن الديمقراطية والدين: "مقسومة من قبل الله: مشكلة كنيسة دولة أميركا، وما الذي علينا أن نفعله حيالها"؛ "ما الذي ندين به للعراق: الحرب وأخلاقيات بناء الأمة"؛ و"بعد الجهاد: أميركا والنضال من أجل الديمقراطية الإسلامية".

اسم الكتاب: أصدقاء مرّين وحضن الأعداء

إيران والولايات المتحدة والطريق الملتوي للمواجهة

اسم المؤلفة: باربارا سالفين

بتحليل شفاف واستخدام أسلوب سرد الرواية، تعرض المراسلة الدبلوماسية لصحيفة يو إس إيه توداي باربارا سالفين في الولايات المتحدة العلاقة المعقدة من الحب والكراهية بين إيران والولايات المتحدة، آخذة بعين الاعتبار العادات الثقافية الراسخة بعمق والأهداف السياسية لكي توضح الصراع بين طهران وواشنطن والذي يتوقع بأن يبقى القصة الرئيسية على مدى العقد القادم.

في هذه الدراسة المذهلة عن العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران التي تصفها الكاتبة بعلاقة "الحب والكراهية"، تقدم سالفين تفاصيل عن الجهود التي عارضت وتصدت للمصالحة بين إيران وأمريكا في ظل حكم كلاً من الرئيسين كلينتون وبوش والفرص التي ردت من قبل إدارة بوش لاعتقادها بأن غزو العراق سوف يضعف الحكومة الإسلامية في إيران بشكل ما. إلا أنه وعلى الرغم من الوضع الرهيب في العراق، فيبدو بأن إدارة بوش تبني قضية للمواجهة مع إيران تعتمد على المواضيع الثلاثة نفسها التي استخدمتها ضد نظام حكم صدام حسين: أسلحة الدمار الشامل، دعم الإرهاب، وقمع حقوق الإنسان. تتهم الولايات المتحدة إيران لدعمها للإرهابيين داخل وخارج العراق كما أن إيران تضطهد شعبها الذي، وفقاً لكلام المسئولين الأميركيين، "يستحقون حياة أفضل".

وتعتقد سالفين في كتابها بأن الحكومة الأميركية قد تعاني من نفس القصور في فهم موقف ووجهة نظر الإيرانيين، والتمعن جيداً في العواقب والأسباب التي أدت إلى إطالة الحرب في العراق. يذكر أن سالفين واحدة من بين عدد قليل من المراسلين الأمريكيين الذين قابلوا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، إلى جانب من سبقه من الرؤساء الإيرانيين، حيث تقدم نظرة معمقة لما لا تأخذه الحكومة الأميركية في عين الاعتبار. إنها تصور إيران على أنها دولة تحترم أميركا وبنفس الوقت تخشاها ولديها إحساس عميق بأهمية العلاقات التاريخية والإقليمية. وتلفت سلافين في كتابها أنه على الرغم من أن الحكومة الإيرانية تحاول تصوير الولايات المتحدة وكأنها "الشيطان الأعظم"، إلا أن العديد من الإيرانيين يهيمون بالسلع الأميركية ويهتمون بالأفلام و الموسيقى الأمريكية الصاخبة بينما في الوقت نفسه يتعلقون بتقاليدهم ويحترمون عاداتهم.

وتحذر المراسلة الصحافية أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران ستزداد تعقيداً وربما تتجه أكثر إلى المواجهة مع تحرك إيران لامتلاك وتطوير قدراتها النووية. وتلفت سلافين إلى عدم وجود ثقة بين الطرفين ولكن في الوقت نفسه يطمحان للوصول إلى مصالحة، فلا تعرف لا إيران ولا الولايات المتحدة كيف ستنتهي هذه الرواية والمشكلة بينهما.

وتكشف المراسلة عبر العديد من المقابلات والوثائق أن العلاقات الأميركية-الإيرانية المشحونة ليست وليدة الحاضر وإنما تعود لسنوات من المد والجزر، وأن بعض كبار القادة الأمريكيين لم ينسوا أو يغفروا لإيران بعد أزمة الرهائن الأمريكيين في طهران عام 1979. وتلفت سلافين كيف يكون بعض الملالي الإيرانيين أحياناً إلى جانب الإصلاح، بينما رجال الأعمال ذوو الفكر الغربي قد يدعمون الفساد والقمع المنظم الذي تمارسه الحكومة الإيرانية.

وتختم سلافين كتابها بالإشارة إلى أن الموضوع الرئيسي وراء سوء العلاقات هو عقد من الزمن من الفرص الضائعة، من قبل كلا الطرفين، لتحقيق التقارب بين أمريكا وإيران، لافتةً بوجود تيارات داخلية معارضة داخل كل من هرمي السلطة في طهران وواشنطن لجهود المصالحة التي يبذلها البعض. وتقول سلافين إن الملالي الإيرانيين وآية الله والرجعيين في إيران ضد أميركا بعناد شديد، مما قد يجعل من المقاربة غير محتملة. ولكن، تضيف، بأن الشعب العادي والعدد المتزايد من التيارات السياسية الجديدة المختلفة لديهم سلوك ودي تجاه الأميركيين، وذلك جزئياً بسبب "ارتباطهم ببلاد الشتات، إذ أن حوالي مليون شخص منهم في الولايات المتحدة". وتشجع الكتابة أخيراً على اعتماد مبدأ الدبلوماسية والصبر لرأب الصدع في العلاقات الإيرانية الأمريكية وتقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن.

( كلنا شركاء) باتفاق خاص مع المركز الأمريكي العربي للترجمة و البحوث و الاتصالات في واشنطن

               

*كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية