رواية عذراء حماة

د. عبد الله السوري

د. عبد الله السوري

[email protected]

صدرت هذا العام (2010) عن دار عمار في عمان رواية عذراء حماة ، للروائي الدكتور عبد الله الدهامشة ، وبطلة الرواية ( صفاء ) طالبة في ثانوية السيدة عائشة بحماة عام (1964م) ، وخطيبها ( محمود نعيم ) أحد تلاميذ الشيخ مروان حديد يرحمهم الله ، تبدأ الرواية بالحركة الإسلامية في ثانوية السيدة عائشة التي قادها الشيخ بشير يحفظه الله ، وانتشار الحجداب الإسلامي في الثانوية ، مما دعا سلطة البعثيين إلى نقله بعيداً عن محافظة حماة .

ثم تدور الرواية مع تلاميذ مروان حديد في ثانوية عثمان الحوراني ، وفي مسجد الشيخ مروان حيث يلتقي محمود ومنقذ وعبد الله وتوفيق مع مروان يرحمهم الله جميعاً ، ويتدارسون حال المدارس والدعوة الإسلامية فيها .

وتصور الرواية بشيء من التفصيل الصراع العقائدي بين الحركة الإسلامية والبعثيين ممثلين بالحرس القومي يومذاك والأمن السياسي . وجهود البعثيين لإبعاد المدرسين الإسلاميين عن الطلاب والطالبات ، مما حدا بهم إلى نقل ثلاثة مدرسي تربية إسلامية من الدعاة فرقوهم في البوكمال والسويداء وحلب ...

ثم تعرض الرواية بتفصيل فكر مروان حديد السياسي ، وقناعته بالعمل السياسي كالإضراب والمظاهرات والاعتصام وغير ذلك من الأعمال السياسية من أجل إسقاط حكومة الانقلابيين ( البعثيين ) الذين سرقوا الحكم الديموقراطي في سوريا الذي دام بعد فترة الوحدة ، وعلى مدى سنتين ونصف تقريباً شهدت فيها سوريا مجلساً نيابياً وحكماً ديموقراطياً ....

ثم تؤرخ الرواية لحدث ( 1964) من مماحكات ثانوية الصناعة ، إلى مظاهرة ثانوية عثمان الحوراني واستشهاد ( سمير جواد ) بينما كان يهتف ضد البعثيين . ودخول اللواء ( 45) المدعوم بدبابات ( ت 54 ) الحديثة يومذاك من اللواء الخامس المدرع .

ويعتصم مروان ومجموعة من التلاميذ في مسجد السلطان ، وهنا ترافق الرواية الحدث ساعة بساعة ، فمحمود خطيب بطلة الرواية ( صفاء ) من قادة المعتصمين في المسجد ، وتذكر الرواية تداعيات الحدث بالتفصيل حتى تم اعتقال مروان والتلاميذ معه ، بعد استشهاد محمود ومن ثم منقذ صيادي وعبد الله وتوفيق يرحمهم الله تعالى ....

ثم يحاكم مروان في محمكة عسكرية رئيسها مصطفى طلاس في حمص ، ويحكم بالإعدام على مروان وبعض الشباب معه .

والفصل الأخير خصص لبطلة الرواية حيث تجند السلطة كل قواتها ألأمنية لمعرفة  خطيبة ( محمود ) التي أوصلت له ( البلطة ) إلى المسجد ، فقطع بها رأس العسكري وأخذ بندقيته وقتل بضعة عشر جندياً على الباب الشرقي للمسجد قبل أن تمزقه رصاصات الجنود الآخرين ....

وعرفوا بيت ( صفاء ) التي تلح على والدها أن يأخذ أفراد الأسرة ويخرجوا من المنزل ويغادروا الحي كله ، وبقيت وحدها في البيت فلبست فستان العرس الأبيض فوق الحزام الناسف ، وقاتلت القوات التي جاءت للقبض عليها حية ، وأخيراُ وبعد أن يدمروا المنزل بالآربجي ويمسكوا بها ويلتفوا حولها ليروا هذه العروس بالثوب ألأبيض يدوي انفجار عنيف يقضي عل الضباط وضباط الصف حولها ويمزقها الانفجار مع ثوبها الأبيض ....

ثم تزفها الملائكة إلى عريسها محمود الذي سبقها إلى جنة الخلد .....

 ملاحظــات :

--- يلاحظ أن الراوي صحف الأحداث أي استخدم بعض أحداث ( 1982) ووضعها في ( 1964) حيث ختم روايته بذلك الانفجار الكبير ، كالذي كان يحدث عام (1982) ...

--- كما يلاحظ أن الراوي خبير بالحدث ، يدخل في أدق التفاصيل ، ومنها أن الشيخ محمد الحامد يرحمه الله ، وغالب فهمي الرواي يرمز به لجماعة الإخوان المسلمين ، لايوافق مروان يرحمه الله على اعتصامه في المسجد .

 --- مما يعجب القارئ إسهاب الراوي في وصف شوارع حماة وساحاتها وشبابها وطالباتها وثانوياتها ومدرسيها وأحداثها ، حتى يتخيل القارئ أنه في حماة عام (1964) .

--- وختاماً يتوجب علي شكر الكاتب الدكتور عبد الله الدهامشة الذي أتحفنا بهذه الرواية السياسية ، وقد نسجها على منوال ( عذراء جاكرتا ) وذكرنا بالراوي المسلم الفذ الدكتور نجيب الكيلاني يرحمه الله ... كما يتوجب علي شكر دار عمار التي نشرت هذه الرواية لتحفظ حدثاُ تاريخياً كان أول صدام بين السلطة والحركة الإسلامية ....

--- ومما ألاحظه من هنات في الرواية اهتمام الراوي بالسرد التاريخي أكثر من التصوير الأدبي والنفسي ، حتى راحت الرواية تقترب من التاريخ أكثر من الأدب والله أعلم .