السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
قراءة : م. شاهر أحمد نصر
تأليف: براء ميكائل
ترجمة: رندة بعث
قد لا يختلف اثنان في أن النفط هو المصدر الرئيسي لانجذاب الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط وتدخلها في شؤونه اعتباراً من أربعينات القرن العشرين. ويضيف المحللون تفسيراً لأخذ واشنطن الشرق الأوسط بالاعتبار مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبدء الحرب الباردة، ألا وهو رغبة الولايات المتحدة في مواجهة أي طموح استراتيجي روسي. ومع ذلك فمن المفيد والضروري التعرف على المنطلقات الأساسية في السياسة الخارجية الأمريكية بشكل عام، وموقع الشرق الأوسط فيها، لإيجاد الطرق والأدوات السليمة للتعامل مع هذه السياسة.
يجيب على هذه المسألة كتاب "السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط"، منطلقاً من التعريف بأصول الأمة الأمريكية، التي استغرق بناؤها وقتاً طويلاً، بدءاً من أول حركة هجرة واسعة في مطلع القرن السابع عشر، نحو أرض اكتشفت قبل قرن من الزمن. كان أوائل الواصلين من إنكلترا في معظمهم، لكن كان بينهم أيضاً ألمان وهولنديون، بل وحتى فرنسيون. "كان سكان جنوبي القارة أول من عرف ويلات الغزاة الأوربيين، ولا سيما الأسبان منهم... وأصبحت شعوب المايا والأزتيك في عداد أولى الضحايا الجرثومية وأعمال العنف والإبادة والاستعباد."ص25 وصلت فرنسا إلى لويزيانا وأعلنت تأسيسها رسمياً في العام 1699... وزود الغزاة الإنكليز البلاد بالقسم الأعظم من السكان الذين اعتبروا أنفسهم فيما بعد سكان الولايات المتحدة الأمريكية. "استقر هؤلاء الآباء الحجاج، على الساحل الشرقي وكانوا في الفترة الأولى في أصل تأسيس مستوطنة ماساشوستس. في وقت تالٍ، وبعد أن ساعدهم عدد كبير من العبيد على استصلاح الأراضي، قاموا بغزو تدريجي لشمال القارة، وأدى ذلك إلى تأسيس المستوطنات الإنكليزية الثلاث عشرة في منتصف القرن الثامن عشر. افتتحت حينذاك حقبة من التوترات والنزاعات، التي أدت بسرعة، لكن بصعوبة، إلى تجسيد أولى أسس السياسة الأمريكية".ص26
شجع الازدهار الكبير.. وتداخل عوامل سياسية، واقتصادية، وفكرية في دفع رعايا التاج البريطاني الأمريكيين للمطالبة بهامش من حرية اتخاذ القرارات المتعلقة بمستوطناتهم. لذا اندلعت حرب الاستقلال منذ العام 1775، والتي تميزت جزئياً برفض المستوطنين الإنكليز لأي تدخل بريطاني في شؤونهم. أما الفرنسيون الذين طردهم التاج البريطاني من كيبيك في العام 1759، فحاولوا تعزيز وجودهم بالانحياز للمتمردين. وعلى الرغم من حرص المستوطنات على استقلالها، فقد فهمت (وليت العرب يعتبرون) عدم وجود خيار أمامها سوى تشكيل تحالف تستطيع عبره توحيد جهودها، وتطوير سياسة مناسبة لتحقيق غاياتها. وهكذا شهد العام 1774 تأسيس الفيدرالية، وهي أول كونغرس قاري أقيم باتفاق متبادل بين المستوطنات الثلاث عشرة، ومنحت المستوطنات للكونغرس الامتيازات اللازمة للقطيعة مع بريطانيا العظمى.
أعلن الكونغرس استقلال الولايات المتحدة منذ العام 1776، لكن توجب انتظار توقيع معاهدة باريس (1783) كي تعلن رسمياً ولادة الولايات المتحدة الأمريكية. وتم تبني دستور فيدرالي وانتخاب جورج واشنطن لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1787.
صيغت بدايات الدبلوماسية الأمريكية في خطاب الوداع الذي ألقاه جورج واشنطن رافضاً الترشح لولاية رئاسية ثالثة في أيلول (سبتمبر) 1796، "أعلن فيه أسس دبلوماسية أمريكية رسمت ملامح ما عرف بعد عشرين عاماً باسم عقيدة مونرو. اعتبر جورج واشنطن أنّه ليس من مصلحة المواطنين الأمريكيين التدخل في نزاعات القوى الأوربية (مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير). وقال إنّ الحياد السياسي الذي تعلنه الولايات المتحدة يرتدي مظهراً مفيداً، باعتبار أنّه يضع حداً لأية محاولة انشقاقية من جانب المواطنين.. فالتحيز لهذه القوة الأوربية أو تلك سيعني خطر أن ترغب تلك القوة حين يؤون الأوان في التدخل مجدداً في الأراضي الأمريكية. ص30
أًصبح عدد الولايات الأمريكية في العام 1850 واحدة وثلاثين ولاية، وحمل هذا الواقع في داخله بذور أكثر النزاعات دموية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية: حرب الانفصال، التي امتدت من العام 1861 إلى العام 1865، وأدت إلى وفاة 620 ألف شخص... استمر العنف الملازم لتأسيس الولايات المتحدة الأمريكية حتى نهاية القرن التاسع عشر مع تجاوز أسطورة "الحدود" ووضع حد نهائي لفتح الغرب. نتيجة لذلك أعادت الولايات المتحدة صياغة مهمتها عبر الانخراط في نزاعات ذات طبيعة جديدة. كلن ذلك عصر النزعة التدخلية الأمريكية، الذي أصاب أولاً البلدان التي تشكل المجموع الأمريكي اللاتيني، ولكن سرعان ما تعززت بما يدعى بسياسة الأبواب المفتوحة (Open Door Policy).
دفعت أحداث مطلع القرن التاسع عشر في أوربا الرئيس مونرو إلى وضع إعلان تاريخي في 2 كانون الأول (ديسمبر) 1823 تضمن ما يلي: "لن تبقى الأمريكيتان الشمالية والجنوبية مفتوحتين أمام الاستيطان الأوربي؛ تعتبر الولايات المتحدة كل تدخل أوربي في شؤون القارة غير ودي (unfriendly) ويمثل تهديداً للسلام والأمن؛ ولن يكون هنالك بالتالي مفرٌ من فعل أو تدخل أمريكي ضد الأوربيين. كما تضمن الإعلان مبدأ الحياد، العزيز حينذاك على قلوب الأمريكيين".ص37
تشير عقيدة مونرو إلى بدايات الميل الإمبريالي الأمريكي.
ارتفع عدد الولايات الأمريكية إلى سبع وثلاثين ولاية في العام 1870. كان الأمريكيون مقتنعين بضرورة أن يوسعوا الحدود دون توقف، وشكلت الحروب بينهم وبين التاج البريطاني (1812-1814) والمكسيك (1845-1848) أفضل برهان على ذلك.
شكلت سياسة المصادرة والنهب تجاه الهنود الأمريكيين تأكيد منطق سياسي أمريكي أوجزته كلمتان رئيسيتان: التقوية، وشعور التفوق. فقد شعرت الولايات المتحدة بأنها منخرطة في مهمة لنشر التحضر...ص39
بعد انتهاء حرب الانفصال (1861-1865) اجتمعت الشروط المناسبة كي ينخرط هذا البلد في عملية سياسية قومية منتظمة. غير أنّ التوترات في البلدان الأمريكية اللاتينية أفقدتها بريقها. لم تنته تلك التوترات إلا في العام 1923، حين وضع حد لملحق روزفلت لعقيدة مونرو (1904)، الذي تضمن حق الولايات المتحدة في "ممارسة سلطة دولية بوليسية في حال وجود عمل شرير أو عجز ظاهر". بالتالي تمكنت الولايات المتحدة في فجر القرن العشرين من التعامل مع أطوار سياسية جديدة متنوعة، لم يتأخر الشرق الأوسط في نيل دور أساسي فيها.ص41
لا يمكن النظر إلى الغايات الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية بمعزل عن مسائل استراتيجية، وسياسية ظهرت منذ نهاية الحرب العالمية الأولى. فقد رفضت واشنطن لفترة طويلة المشاركة في هذا النزاع باسم مبادئها، التي تضمنتها عقيدة مونرو... إلا أن نسف غواصة ألمانية للباخرة البريطانية لوستيانا الذي أدى إلى سقوط 1200 ضحية مدنية، من بينهم 128 مواطناً أمريكياً، وإطلاع الساسة الأمريكيين على اقتراح الخارجية الألمانية للرئيس المكسيكي بغزو جنوب الولايات المتحدة، ساهم في تصويت الكونغرس لصالح دخول الولايات المتحدة الحرب في 6 نيسان (أبريل)1917. كان هذا أول خروج عن عقيدة مونرو.ص45
"وبمعزل عن هذا الوضع، اقتصرت الانعزالية الأمريكية التقليدية في الواقع على تطبيقها لما يدعى بسياسة "الباب المفتوح" (Open Door Policy). التي تعود جذورها إلى العام 1899، وهو العام الذي أرسل فيه وزير الخارجية جون هاي رسالة إلى القوى الرئيسية في تلك الحقبة (ألمانيا، وإنكلترا، وفرنسا، واليابان، وروسيا)، ورد فيها أنّ وجود مناطق نفوذٍ يستفيد منها كلٌّ من تلك القوى لا يتضمن على الإطلاق حق كل أمة في الاستفادة من المساواة التجارية في الأراضي الصينية. بعد عشرين عاماً، طالبت الولايات المتحدة باسم المبدأ نفسه بالحق في الوصول إلى حقول النفط في الشرق الأوسط.."ص45 وأبرز العام 1928 معطىً جديداً في تقاسم نفط الشرق الأوسط. فقد منح بروتوكول 31 تموز (يوليو)، الذي صدر عن مؤتمر أوستد (في بلجيكا) فرصةً لواشنطن كي تضع على نحو دائم بيادقها على رقعة النفط الإقليمية. أصبحت شركة تنمية الشرق الأدنى، وهي اتحاد ضم الشركات النفطية الأمريكية الرئيسية، تسيطر على 23.75 بالمائة من شركة النفط التركية (TPC)، التجمع الذي أنشئ في العام 1912 بهدف الشروع في استثمار النفط العراقي، باستثناء الكويت.. وبادر الأرمني كالوست غولبنكيان لإبرام اتفاق "الخط الأحمر" الذي جرى توقيعه في سياق بروتوكول 31 تموز (يوليو) 1928. حدد هذا الاتفاق الحدود الإقليمية التي يمكن لشركة TPC الاستثمار وفقها.
في السابع عشر من أيلول (سبتمبر) 1928 جرى توقيع اتفاقات أشنكاري (اسكتلندا) بين رؤساء شركات شل الهولندية الملكية، وشركة النفط الإنكليزية الفارسية، وشركة ستاندرد أويل نيوجرسي، ما أدى إلى ولادة أول كارتل نفطي في التاريخ. سرعان ما عرفت هذه الشركات، بالإضافة إلى شركة إكسون ونفط الخليج وموبيل للنفط وتكساكو، التي انضمت إليها بصورة ملحقة شركة CFP، بلقب "الأخوات السبع" ووجدت المدخل المثالي كي تفتتح بعد نحو نصف قرن السيطرة على السوق النفطية.ص46
لم يكن للعراق الذي اكتشف نفطه في العام 1927 من منافس مباشر حينذاك في المنطقة إلاّ فارس، التي استثار اكتشاف النفط فيها في العام 1908 شهية الإمبراطوريات الاستعمارية والأمريكيين.
اكتشف أول حقل للنفط في البحرين في العام 1932، ثم تلتها الكويت والعربية السعودية في العام 1938، ثم قطر في العام 1939.. أولت الولايات المتحدة أهمية كبيرة لاكتشاف تلك الحقول النفطية الجديدة. التفت واشنطن على اتفاقية "الخط الأحمر" التي كانت إجراءاتها مفروضة على جميع الأطراف.
"عادة ما تعاد أصول المملكة العربية السعودية المعاصرة إلى العام 1744 حين أقنع محمد بن عبد الوهاب أميراً من منطقة نجد، اسمه محمد بن سعود بالتحالف معه.. وجد ابن عبد الوهاب في ابن سعود وسيلة للتبشير بإسلام مبني على رؤيته الخاصة... وشعر الثاني بالفرصة المقدمة كي ينجز فتوحاته الإقليمية... فمنذ العام 1902 بدأ عبد العزيز بن سعود، وبتأثير دوافع جده نفسها، سلسلة من الفتوحات التي سمحت له على التوالي بالاستيلاء على واحة الرياض، ونجد، وإمارة الإحساء، وخاصة الحجاز التي تضم مكة والمدينة. في العام 1932 أصبح ابن سعود يسيطر على منطقة واسعة للغاية، مما سمح له بإعلان نفسه ملكاً على العربية السعودية، وألحق بعد عامين إمارة عسير بمملكته.
في 14 شباط (فبراير) 1945 أبحرت الطرادة كوينسي في البحر الأحمر، قرب شواطئ مدينة جدة السعودية، وعلى متنها فرانكلين روزفلت، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذي كان عائداً لتوه من يالطا، وطلب مقابلة الملك عبد العزيز بن سعود. استجاب هذا الأخير مباشرة لطلب الرئيس الأمريكي. يقال في هذا الصدد بأنّ العاهل السعودي صعد على متن الطرادة وتلقى استقبالاً حاراً من الرئيس الأمريكي الذي سارع ليسأله بأية صفة طلب منه تلك المقابلة. يسهل علينا تخمين الدهشة التي أبداها حينئذ ابن سعود، وهو الذي كان يلبي دعوة الرئيس الأمريكي نفسه.
أياً كانت صحة هذه الرواية، فسرعان ما أفضى اللقاء بين روزفلت وابن سعود إلى اتفاق أصبح يعرف باسم ميثاق كوينسي، ينص على استثمار الولايات المتحدة لنفط المملكة العربية السعودية لمدة ستين عاماً، شرط تزويدها بحماية عسكرية في حال تعرضت لعدوان... وفي عام 1951 اضطرت الولايات المتحدة للاكتفاء بخمسين بالمائة من الموارد النفطية، لتهدئة الاضطراب الذي شعر به السعوديون المعادون لاستغلال ثرواتهم على يد أجانب.ص54
في الثامن من كانون الثاني (يناير) 1918 أعلن الرئيس الأمريكي وودرود ويلسون "نقاطه الأربع عشرة" أمام الكونغرس الأمريكي... من المناسب أن نركز على ثلاث نقاط منها تخص الشرق الأوسط بصورة مباشرة، هي: نهاية الدبلوماسية السرية، والتسوية العادلة لمسائل الكولونيالية (او حق الأمم في تقرير مصيرها) وإنشاء عصبة الأمم.ص58
تفاعلت بعض الأوساط القومية العربية مع إعلان الرئيس ويلسون... الذي نص ضمناً على إمكانية أن تضع واشنطن نفسها موضع الملاذ المحتمل في مواجهة أطماع القوتين الاستعماريتين الفرنسية والبريطانية في الشرق الأوسط. اضطرت الولايات المتحدة على التحفظ وعدم الرد على تلك الدعوات... وحافظ القوى الاستعمارية الأوربية على سيطرتها على الشرق الأوسط، وساعد على تحقيق غاياتها انسحاب الولايات المتحدة من مؤتمر باريس للسلام في العام 1919 (السابق لمعاهدة فرساي 28 حزيران (يونيو) 1919) وكذلك عجز الفاعلين العرب على إظهار وحدتهم في دعوتهم للاستقلال. بذلك وجدت اتفاقيات سايكس ـ بيكو 1916 مجالاً مناسباً لتطبيقها..ص59
بعد قصف الطائرات الأمريكية لمدينتي هيروشيما وناغازاكي بالقنابل النووية في السادس، والتاسع من آب (أغسطس) 1945، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ومع بدء الحرب الباردة أعلن الرئيس الأمريكي ترومان عقيدته في الثاني عشر من آذار (مارس) 1947، التي حملت مبادئ محددة باعتبار أنها تضمنت ضرورة أن تكرّس الولايات المتحدة نفسها للحفاظ على مكتسباتها ومصالحها الاستراتيجية والاقتصادية في أرجاء العالم، وذلك عبر تدخلات عسكرية أو اقتصادية مباشرة. وهكذا جرى تبرير التجاوزات السابقة لعقيدة مونرو بالاستثناء، وأصبح التدخل في شؤون بلدان أخرى مقبولاً باسم الحفاظ على المصلحة القومية الأمريكية. في هذا الصدد شكلت خطة مارشال المعلنة في الخامس من حزيران (يونيو) 1947 مثالاً كشف سياسةً خارجيةً أمريكيةً حريصةً على تصدير طرائقها ووسائلها في الإدارة السياسية والاقتصادية... وتبنى ترومان مبدأ إقامة الحواجز أمام كل ما يمت بصلة إلى الشيوعية، وطور الجنرال إيزنهاور مبدأ الحواجز ليفوز برئاسة البلاد في العام 1952 بفضل مبدأ الهجوم الاستباقي rollback ، الذي تضمن المضي أبعد من إقامة الحواجز أمام الشيوعية، أي محاصرتها في أصغر الزوايا.
في موازاة المسائل المرتبطة بالتزويد بالنفط، يحتل العالم العربي والإسلامي في عقيدة ترومان وظيفة استراتيجية بالغة الأهمية، إذ يندرج جغرافياً في إطار مناسب للاستراتيجية الأمريكية التي تستهدف إقامة الحواجز أمام أي نفوذ شيوعي، وسوفيتي، أو روسي.ص61
الثوابت الاستراتيجية الأمريكية: هيمنة، إقامة وسائط محلية وتعزيز مصالح: تلك هي الكلمات المفتاحية التي تميز مطامح الولايات المتحدة الأمريكية. هكذا أصبح السعي إلى الهيمنة أحد المبادئ الملازمة للاستراتيجية السياسية الأمريكية في الشرق الأوسط... وتشكل مسألة وجود وسائط محلية قادرة على تسهيل المكتسبات السياسية والاستراتيجية الأمريكية إحدى الثوابت الراسخة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.... ويتمتع تعزيز المصالح الأمريكية عبر العالم وبالتالي في الشرق الأوسط بقيمة مزدوجة: قيمة الثابتة الاستراتيجية وقيمة الغاية طويلة الأمد.ص65
أدرك الرئيس روزفلت الأهمية الانتخابية للصهاينة الأمريكيين. فقد استغلوا مراكزهم ووظائفهم في عالم النشر والإعلام لتشكيل مجموعة ضغط مصممة قادرة على التأثير على توجهات الكونغرس الأمريكي... لم تتردد واشنطن في رشوة العديد من الدول المتحفظة كي تصوت لصالح قرار تقسيم فلسطين، وإقامة إسرائيل... وأصبحت إسرائيل مرتكزاً إستراتيجياً في السياسة الأمريكية.ص82
بعد هذا العرض التاريخي لنشأة وتطور الاستراتيجية الأمريكية في السياسة الخارجية، يستعرض الكاتب مواقف الولايات المتحدة الأمريكية من أهم الأحداث التي عرفتها المنطقة، من أزمة السويس 1956، ومنعطف حزيران 1967، وحرب تشرين 1973، ومبادرات السلام الأمريكية، ويفرد قسماً خاصاً تحت عنوان "من لبنان إلى أفغانستان"، متضمناً "لبنان أرض مواجهات"، و"الحرب العرقية الإيرانية"، و"حرب أفغانستان"، ويقف عند "نهاية العالم الثنائي القطب ومخرجه الشرق أوسطي"، وعملية السلام الإسرائيلية العربية، ونهاية الأوهام"، ويختتم كتابه بقسم حول "الحادي عشر من أيلول، متسائلاً إن كان منعطفاً جديداً أم محفزاً؟" ويتحدث فيه عن "الأمريكيين العرب: النشوء والواقع الاجتماعي"، وعن الحرب الأمريكية الطويلة بعد الحادي عشر من أيلول. كما يفرد فصلاً خاصاً لمشروع "الشرق الأوسط الجديد" هل هو مشروع واسع النطاق أم اكتشاف مرتبط بالمصادفة؟
ويصل الكاتب في نهاية هذا الكتاب الهام والضروري لكل مهتم وباحث في شؤون ومصير المنطقة العربية، والباحث عن أسس السياسة الأمريكية في المنطقة، بخلاصة معبرة مركزة في انطباع مزيف عن التجديد البنيوي.
يقع كتاب "السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط" في 280 صفحة من القطع المتوسط، وهو من تأليف: المستعرب والباحث المتخصص في الشرق الأوسط وجيوسياسية المياه في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS): براء ميكائيل، ترجمة: رندة بعث. الناشر: دار المركز الثقافي للطباعة والنشر والتوزيع.