عقول هادئة.. وقلوب دافئة

عقول هادئة.. وقلوب دافئة

من أبجديات الحب والسعادة الزوجية

د. بشير شكيب الجابري

قراءة: علاء الدين آل رشي

 

هذه المواضيع هي زبدة مشاركات اجتماعية لرجل ناجح شهدت له دروب الهداية وميادين الحياة العلمية..

وهي كلمات موفقة في مسرات عامة بيد أنها لا تميل إلى الإنشائية ولا تتوسل إلى عقل القارئ بلغة فلسفية إن مصداقيتها تستند إلى نبلها في مقصدها واتزانها في عرضها وعمقها في إنسانيتها وإحاطتها في موضوعاتها..

إنها تدعو إلى حقائق لا يرخصها ضعف أحد الزوجين وإلى حقوق لا يهضمها بغي أحد الزوجين..

وعلى الرغم من كون الإسلام قد أقام حقوقاً وواجبات في العلاقة الزوجية إلا أننا لا نزال نحتكم إلى أجواء وأعراف غريبة عن الدين فنحن مبدعون في نسج إسلام حسب ما تهواه نفوسنا وكثيراً ما تغلب إرادتنا إرادة ومراد النص الديني المقدس..

إن الزواج في الإسلام ليس عقد استرقاق بل شراكة قلب واقتسام هموم ورسم أفراح مشتركة وتحمل مصائر ومضامين الغيب والمستقبل المجهول بعزيمة وفؤاد واحد..

أما اليوم فالزوج أقصى ما يتمناه من زوجته هي أن تكون في النهار طباخة مجيدة وفي الليل حسناء فاتنة وهكذا تختزل العلاقة الرحيمة الودودة بلغة الجسد وحسب.

وأما النساء فمادام الكثير من الرجال هكذا فهمهن أن يتقن ثقافة الطهي ونعومة الملمس ورشاقة القوام.

ويوم تكثر النماذج المعلولة من عبيد الفتنة ومدمني الدعارة الأخلاقية ومروجي هذه الأفكار فإن العدوان يشق طريقه في مجتمعاتنا كالسكين في الزبد لا يلقى عائقاً ولا عنتاً وهذا هو البسيطة الإنسانية النبيلة وفضائله الخيرة وهذا ليس استجابة للحق فقط بل هو السياج الذي يحمينا في الدنيا وينقذنا في الآخرة.

والعلاقة الزوجية التي نرغب بإطلاق مفاهيمها ليست ازوراراً عن مباهج الحياة التي تهفو إليها النفوس ولكنها علاقة تؤسس على شراكة وإدارة للحياة وفق مفاهيم العدل والشرف والاستقامة وجعل الرجل جناحاً والمرأة جناحاً آخر ليقلع المجتمع بجناحي القوة والعطف الحنو والمسؤولية.

إن من أهم ما علينا أن نعيد مراجعتنا له هو تعاملنا مع النصوص الدينية في موضوعات الزواج وفي النظر إلى المرأة خصوصاً فثمة مسافة كبيرة بيننا وبين النص الديني، إنها مسافة مؤلمة حقاً، فتفسير النصوص على نحو يجعل الرجل سلطة مطلقة بحكم القوامة والفحولة الذكورية أمر يتنافى مع مقاصد الشريعة وفلسفة الدين التي لفتت النظر إلى حكمة (الملكة بلقيس) وعقلها المتزن وكذلك تريث الفاروق عمر عندما راجعته امرأة وإن ربط مسائل (الكيد) بالمرأة اعتماداً على تسويق فج لهذه المسألة من خلال تصغير كيد الشيطان وتهويل كيد المرأة هذا التفسير يوحي أيضاً بمعان غير إيجابية في عقل الرجل تجاه المرأة.

وأما في حياتنا الاجتماعية ففي جنباتها تنتشر أمراض وأمراض، فالأم تحشر في ذهن ابنتها ضرورة تكبيل الزوج بالأولاد حتى لا ينظر إلى غيرها ويبقى حبيس قفصها وتحذر الأمهات بناتهن من المجابهة والمطالبة بالحقوق حتى لا يقع الطلاق فظل رجل ولا ظل حائط كما يشاع في الموروث الشعبي.

والشاب يعلمه محيطه كيف يبدل زوجته كما يبدل المرء حذاءه، وبضرورة مشاورتهن ومخالفتهن وقسرهن على ما لا يقنع وهكذا تضيع روح العلاقة الزوجية الفريدة التي يقبلها الضمير الإنساني الحي والتي أكدت عليها معارف السماء.

إن استبداد العادات والبعد عن روح التشريع الحكيم وبيئة الإسلام وفق قراءة اختزالية ذات مفاهيم خاصة تستند إلى المحلية والعرف يبرمج لعلاقة خاطئة جداً في أمور الزواج وتتحول الشراكة إلى متناقضات إما مطالبةً بالحقوق أو بالواجبات، ويتلاشى مفهوم التبادل والتودد والمشترك الأكبر.

وبرأيي أنه علينا أن نشيع المفاهيم الأكثر إنسانية بين الزوج وزوجته ومن بعدها يمكن توفير ضمانات لينال ويؤدي كل واحد من الزوجين حقوقه وواجباته..

ومن هذه المفاهيم:

الزواج شراكة.

الزواج مسؤولية على الزوجين.

الزواج مؤسسة تنجح بإدارة مشتركة، إلى غير هذه المفاهيم..

إن إنشاء أسرة أولى من السعي لإنشاء دولة، فأسرة بلا أخلاق يعني دولة بلا بناء، فالدول التي لا يحتكم مؤسسوها إلى قيم هي دول إلى زوال وإن تخيل البعض دوامها.

فلنحرص على إنشاء أسر بعيداً عن أسر المفاهيم المغلوطة إذا كنا نحرص على بناء مستقبل أفضل وأيام أجمل لأبنائنا.

إنني أقدرك قارئي وقارئتي وأشكركما على منحكما لي وقتاً من يومكم لنتواصل، وتحية لكما، وكذلك للسيد المؤلف المسكون بحب الخير ودافع النبل والحكمة والغيرة الذي سينقلكما إلى لفتات ذكية وآراء حكيمة من أجل بناء أسرة سعيدة عبر مواضيع متعددة يجمعها رباط واحد هو القلب الكبير والعقل الرشيد والتجربة الواعية ومحبة الله.