دموع السجينات
دموع السجينات
إعداد: حمد بن سليمان اليحيى
مقدمة
أحمد الله ربي وأثني عليه وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .... أما بعد .... ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....،،،،،،،،،
في بداية أوراقي المتواضعة التي تحمل اسماً جديداً لموضوع من أهم المواضيع وأحرجها أقدم للقرّاء الكرام اعتذاري الشديد للشفافية في الأسلوب والطرح لاسيما وأني قد اخترت لهذه المادة عنوان : ( دموع السجينات ) الذي هو رسائل عاجلة لكل أب وأم وأخ وأخت وزوج وزوجة وشاب وفتاة وخاصة الشباب المعاكس ذكوراً وإناثاً وهم يلعبون بالنار والأعراض إن صح التعبير .
دموع السجينات ، موضوع في غاية الأهمية قلما يطرقه الدعاة والمشايخ الفضلاء فكم هي الكتيبات والأشرطة والمطويات قليلة في الحديث عن هذا العالم المجهول لكن وبعد دارسة مستفيضة واستبانات وإحصائيات ظهر لي حاجة المجتمع للحديث عن ذلك من باب الخوف على أفراده من الانحلال والضياع لا على سبيل التندر بذكر القصص وسردها في المجالس والمنتديات العامة فمجتمعنا الإسلامي ولله الحمد مازال بخير وإن عاش بعضه الخطأ والزلل فمظاهر الانحراف عن الصواب هي حالات محدودة الانتشار ولا تمثل ظاهرة يخاف منها وحق علينا أن نتحدث عنها من باب القضاء على مسببات الضياع والفساد حتى لا تستفحل المشكلة وتعظم فنندم وحينئذ لا ينفع الندم وكم هو جميل أن نطرح قصص السجينات كظاهرة هي مثل الظواهر في بقية مجتمعات دول العالم يدفعنا لذلك إصلاح الخلل وتصحيح الأخطاء لتعود الأمور إلى نصابها وقد دفعني لجمع هذه المادة وطرحها في هذا الكتيب هذا الموقف المبكي والمشهد المؤسف الذي وقفت على جلّ تفاصليه فقد اتصل بي رجل عن طريق أحد الدعاة وكانت نبرة صوته حزينة وحديثه متقطع يبدو عليه الارتباك كثيراً فأغلق السماعة ثم أعاد الاتصال وقد كان متردداً في الحديث معي فدار بيني وبينه الحوار التالي :
قال : تأذن لي بعرض مشكلتي الآن ؟؟
قلت : تفضل عزيزي فأنا أسمعك !!
قال : والله لا أعرف كيف أبدأ فأنا في وضع حرج جداً .
قلت له : أرجو أن يكون خيراً .
فقال : قبض رجال الأمن على أختي في قضية أخلاقية الآن فهل تساعدني ؟؟
هنا طلبت منه المقابلة لمعرفتي الجيدة بتلك الحوادث فاتفقنا على تحديد الموعد والمكان وحصل ذلك ولعلي لا أطيل عليكم يقول هذا الأخ عن أخته : أنها طلبت زيارة صديقتها في بيتها وذهبت بها لثقتي فيها وتركتها مدة ساعتين تقريباً حسب طلبها ، تفاجأت باتصال رجال الأمن يطلبون حضوري لقسم الشرطة حالاً فذهبت ولم يكن في ذهني أن أختي هناك فأخبرني بأن أختي ضبطت في قضية أخلاقية ولباس غير محتشم ...
قلت للضابط : كيف ! اتق الله أختي عند صديقتها فقال : هي وصديقتها هنا قلت : أختي لباسها ساتر لا تعرف شيئاً من ذلك وبنفسي أنزلتها في بيت صديقتها فقال : لحظه من فضلك !! فنادى أختي فلما رأيتها كدت أسقط من شدة ما رأيت وشاهدت ، أكبت أختي باكية وبصوت مرتفع سامحني أخي فقد أخطأت علي صديقتي وأعطتني من ملابسها وهي السبب والله في ضياعي هونت عليها لأني شريكها في ما أصابها علماً بأن أبي حذرني مراراً بأن لا أذهب بها لكن هي غلطة وحصلت والعاقل من لا يكرر ذلك بل تكون درساً له ... ،
كانت هذه الحادثة فاتحة لي أن أتعرف على السجينات عن قرب لتفاصيل ما حصل بعد ذلك في هذه القصة وغيرها من القصص المؤسفة الحزينة فقررت أن أكتب عن ذلك وبكل شفافية تامة وبدون مجاملة .
دموع السجينات لحظة ألم في ساعة كدر تعبت فيها نفوس وبكت من هولها عيون كيف لا !! وقد تكالبت عليهنَّ المصائب والآلام إنها هموم متراكمة ومشاعر حزينة وآمال بعيدة وعواطف محرومة فما أكثر ما تشتكي أحدهنَّ وتبكي ولا مجيب ولا سامع فمن لهنَّ يا الله !!
دموع السجينات هي القلوب الحزينة والأعين الباكية والدموع الحارة والأنفس المفجوعة قد علا الشحوب وجوههنَّ وفتكت الهالات السوداء بأجفانهنَّ من وحشة المكان وفراق الأحباب إنها معاناة مقولة : أمي مسجونة !! وبنتي في السجن !!
وإنها كلمات تقتل الحليم وتذهب بلب العاقل فمن يتحملها ؟؟ وهي البؤس في أوضح معانيه والشجن يحكي دمعة صاحبته بكل مرارة وندم !!
دموع السجينات جدرانٌ تحوي نساءً وفتيات تُنسج من حياتهنَّ الحكايا الموجعة والقصص المبكية وإنها فواتير مدفوعة الثمن باسم الثقة الزائدة التي منحت السجينة شكلاً قبيحاً ورسماً مختلفاً ودماراً لها مجلجلاً ، إنها رسائل عاجلة لكافة أفراد المجتمع من أم مكلومة وأخت مهمومة كسيرة وزوجة ضعيفة فالدموع وحدها لا تكفي والموت ألف مرة لا تعادل آهة واحدة تخرج من جوفها المجروح وفؤادها المكلوم ..
دموع السجينات مجموعة من القصص الواقعية بشخصياتها وأحداثها ونهاياتها المؤسفة أو السعيدة لكن في حالات نادرة جداً كيف لا ! وهي متعة أعقبت ندما وأورثت حسرة إنها قصص ومآسي حقيقة لنساء وفتيات ضعن وضاع معهنّ شرف وسمعة عائلاتهن بسبب السذاجة وقلة الخبرة وانعدام المثالية والتوجيه فكانت النتيجة الانخراط في سلك الانحراف والرذيلة إنها قصص تدمي القلب والعقل معاً وتعتصر النفس حسرةً وألماً على هذه الزهور النضرة التي ذبلت في مستنقع الفساد ووحل الخطيئة ... ،
* * *
لماذا فعلتِ هذا يا أمي ؟؟
قالتها لي فتاة نزيلة بدار الرعاية الاجتماعية فقد أرسلت لي رسالة تحكي حالها وسبب سجنها فكان مما كتبت بين طيات رسالتها وصفحاتها أنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة أكتب قصتي وأسطر حروفها بعتاب ساخن أخرجه الألم وأفاضه القلب المجروح ( لماذا فعلت هذا يا أمي ) وأودعتني بدعوتك السجن وظلماته وكان بمقدورك أن لا تفعلي ذلك !!
لا أطيل عليكم..
هذه الفتاة لها مع أمها قصة وأي قصة !!لها مع أمها حديث العقوق المشين والعصيان المقيت فكم كانت هذه الفتاة عاقة لأمها ليس في تصرفاتها فحسب بل حتى في أقوالها وحديثها وأنها في حالات كثيرة أحزنت أمها وأدخلت عليها الأسى والشجن والله يمهل ولا يهمل !!
تقول هذه الفتاة عن نفسها في رسالتها ..
تعرفت على صديقة سيئة في الجامعة عرفتني بدورها على شاب كانت مؤهلاته الأناقة والوسامة وأصول الإتيكيت كما يقال بيننا معاشر الفتيات وأنه رومانسي لايوجد مثله استطاع أن يصطادني بأسلوبه وخفة دمه ولقد كنت أتحدث إليه عن طريق الهاتف الساعات الطويلة وأعلل ذلك لوالدي أمام فاتورة الهاتف الباهظة بأنها صديقتي ولن أعود لتكرار مافعلت فكان يعاتبني وما أسرع ما يتسامح ويعفو لكن في لحظة غفلة مني علمت ( أمي) بذلك وأني على علاقة برجل غريب فنهرتني وحذرتني بل هددتني بإخبار والدي إن لم أقلع عن ذلك لكني رفضت لعلمي بضعف أمي وأنها لاتستطيع إخبار أبي فأنا أعرفها جيداً وبم تفكر فأعادت التحذير لكني رفضت وطالبتها بعدم التدخل كثيراً في شؤوني الخاصة وفي يوم من الأيام اتصل بي الشاب على الجوال وكنت بعيدة عنه فأخذته أمي وردت عليه وهو ساكت لم يتحدث لأن الصوت مختلف فأيقنت أنه هو فردت عليه بكلام جارح وأسلوب قاسي فأخبرني هو بذلك فصدقته تحت ضغط الحب الزائف والتعلق المزعوم .
نعم أنا أحبه آنذاك ولا استطيع الإبتعاد عنه وبسبب ذلك ذهبت لأمي رافعة صوتي عليها بكلام لا أستطيع البوح به الآن في رسالتي وأطلب من الله السماح والعفو والصفح فبكت أمي وجثت على ركبتيها وقالت: بنيتي ما بك ؟؟ اتق الله ؟؟أنا أمك ..أنا أمك ..أنا أمك..,فقلت اتركيني ولا علاقة لك بي !! اتركيني وشأني !!لكن وفي لحظة تسلط الشيطان علي , نادتني أمي بصوت مرتفع فنهرتها ومضيت وتركتها فقالت:اسمعي مني فالتفت إليها ونظرتها بنظرات غاضبة وقبح الله تلك النظرات التي أرسلتها لأعظم مخلوق يحبني ويخاف علي رفعت يديها أمي وعيناها تذرفان بالدمع وقالت بصوت متقطع: (اللهم اسألك أن تكفيني شرها )ونسيت أمي أن تدعو لي بالصلاح والهداية نسيت أن تدعو لي بالستر وعدم الفضيحة لقد دعت أمي علي فأصابتني في مقتل فهذه الدعوة سلاح فتاك سريع الأثر كيف لا وهي دعوة الوالدة على بنتها ومن قلب غاضب عليها لتخرج فتخترق الحجب والسحب والسماء فتصل إلى الله السميع البصير !!
( تطورت العلاقة)مع هذا الشاب حتى قويت الصداقة أكثر ونحن ننتظر الفرصة المناسبة للخروج معاً ضاربة بتهديد أمي لكني كنت خائفة من دعوتها خوفاً يجعلني في قلق دائم مما أفعله وكان الشيطان يستدرجني بتعلقي بهذا الشاب وفي لحظة غفلة من أهلي وخاصة (أمي) خرجت معه مرات عديدة لتقع المصيبة الكبرى الجريمة العظمى (الزنا)وبعد أشهر حملت منه سفاحاً فأخفيته عن أهلي لنتفق سوياً على إيجاد حل لهذه الكارثة , ودعوة أمي ما تزال بين عيني لا تفارقني ومنظرها وهي رافعة يديها تدعو علي مشهد لا يتوقف ... اتفقنا سامحنا الله على إجهاضه وقتله وهو من لا ذنب له ولا خطيئة وتحت جُنح الظلام ورمال المعصية وصحراء الخطيئة أُجهض الحمل وأُسقط في حفرة الذل والانحطاط لكن الله كان لنا بالمرصاد فهو الذي يمهل ولا يهمل فكشف الله الجريمة على يد رجال الأمن ليخرج الصباح وتشرق الشمس وتستيقظ الأسرة على مصيبة تنوء بحملها الجبال الراسيات بكيت كثيراً وأنا في السجن أتذكر دعوة أمي التي قتلتني فالحادثة مهولة والنهاية فاجعة بالنسبة لي ولأهلي وأقول بمرارة وألم :
بأي وجه أقابل أمي الحنون!!
وبأي حال أقابل أبي الكريم!!
وهو مطأطئ الرأس مسود الوجه قد ذبحته بغير سكين كيف لا!!والجريمة بشعة والمصير السجن لا محالة ,,,
تقول هذه الفتاة في نهاية رسالتها ......
أودعت السجن جزاء سلوكي السبل الممنوعة والطرق الشيطانية لقد تورطت بذلك في علاقات سلبت مني كرامتي وعفافي وأهدرت بأقل ثمن بل وبدون مقابل إلا شهوة دقائق ونشوة عابرة ما أسرع ما انتهت وبقيت اتجرع آلامها شهوراً طويلة عشت أيامها في السجن أعد الأيام عداً وأتجرع لوحدي الأسى والأسف وأتنفس الهم والشجن عشت في سجن ضاق بي وضاقت معه أنفاسي فلم يعد بمقدوري أن أتحمل بُعدي عن أمي التي تزورني من وقت لآخر وهي تدعو لي لكن بعد فوات الأوان ,,,
عفواً مهما أخطأت فأنا تائبة!!وإن زلت بي القدم فأنا عائدة!!لا غنى لي عن أمي فهي من تزيل همي وتخفف لوعتي فدعوة لكل أم أن ترحم أمثالي من بعض الفتيات المجروحات بنار المعصية المكلومات بحرارة الخطيئة .
( أحبابي الكرام ) ..
وأنا أحكي لكم هذه القصة كأني أعيش معها أحاسيس مختلفة تلاحقها ومن ذلك ...
( إحساس مقزز)
يوم أن همش الذئب لحمها وافترس قلبها واحتسى دمعها لتتابع عمليات موت الكثير من فتياتنا بين أنيابهم ومخالبهم كلما رأيت القصص المؤسفة .
( إحساس ممل )
يوم أن تقرأ قصة مثل هذه فلا تتحدث إلا عن نفسها وفقط ولا معتبر ولا متعظ ولا متأثر ولا تائب فكم هن الفتيات اللواتي تعرفن على شباب وتواعدوا على الزواج باسم الحب قبله .
( إحساس مؤسف )
يوم أن فتحت هذه الفتاة لهذا الشاب قلبها وبوابة أحلامها فمنحته الثقة بلا حدود فبكت وأبكت قبل دخول عش ومملكة الزواج المنبع الصافي للسحر الحلال .
( إحساس مخيف جداً )
يوم أن اكتشفت الفتاة موت مشاعرها الصادقة وحبها الصافي الشرعي الذي لا يكون إلا بالحلال وفقط اكتشفت وبكل أسف بأنها مخطئة بكل ما تحمله الكلمة من إحساس مخيف لرحيل الحياة الطيبة بخطيئة نهايتها الفشل الذريع كما حصل ،،
( إحساس بشع )
يوم أن وهبته أسرارها فاصطادها بها وإن كان كاذباً في كلامه ووعده لكن لم تستطع التراجع بعد السقوط ودعوة أمها كانت القنبلة الموقوتة في ذلك ،،،
( إحساس مزعج )
لكل داعية فاضل له جهد مشكور في توجيه فتياتنا أن لا يصيبه الإحباط من هذه القصص المزعجة المؤسفة بل تكون داعية لبذل المزيد من الجهد والمثابرة في إرسال الحلول الملائمة للأخطاء وعلاجها بسرية تامة ،،،،
( إحساس مؤلم )
يوم أن عاشت شبابها تحت نيران العقوق المقيت فعاشت مع أم أحبتها وأعطتها كل شيء وبخلت الفتاة بأقل شيء لتعاقب بشاب أعطته هي كل شيء ولم يعطها أي شيء إلا العار والفضيحة تتجرعه لوحدها وفقط .
( إحساس قاسي )
حينما تذكرت الفتاة صديقتها السيئة الوسيط بينهما فقد كانت قبلها تعيش الهدوء والاستقرار في ببت أهلها لم يخطر ببالها أن تصل إلى ذلك وكان بمقدورها أن تقطع علاقاتها معه من البداية لكن ما فات لا يعود وها هي حصدت السجن تحت ضغط الحب الزائف .
( إحساس صادق )
في توبتها وعودتها ورجوعها وأسفها على ما حصل من خطأ وزلل وكلي دعاء ورجاء أن يمنحها ربي الهداية والعافية فما حل بها من إثم وخطيئة فرحمة الله تشمله والتوبة ندم والتائب من الذنب كمن لا ذنب له والحياة أنفاس والأنفاس أيام والأيام سنوات والعمر محدود يختمه بالتوبة الصادقة .....