ملحمة لهفي على بغداد !

د.عدنان علي رضا النحوي

ملحمة لهفي على بغداد !

د.عدنان علي رضا النحوي

منذ سنة 1956م وأنا أقدّم حلولاً لقضيّة فلسطين ، ضاعت بين أمواج الاقتراحات التي كانت تطرح آنذاك . لأني أعتبر ضياع فلسطين تمهيداً وأساساً لغزو آخر وجريمة أخرى . محور ما كنت أقترحه وأساسه الالتزام بأمر الله ، ورفض أيّ مساومة أو تنازل عن أرض الإسلام ، وأن تنهض الأمة كلها للوفاء بعهدها مع الله . فإن انتصرنا فذلك فضل الله ، وإن هزمنا فعسى أن يغفر الله لنا بعد أن نكون أبينا التنازل والمساومة . وبيّنا أنَّ كلّ تنازل سيتلوه تنازل آخر ، حتى يمضي مسلسل التنازلات يحمل لنا الهزيمة وغضب الله .

وجاءت أحداث أفغانستان ، ثم جاءت  أحداث العراق الأخيرة والغزو الذي قامت به أمريكا وحلفاؤها ، جاءت هذه الأحداث كلها لتبيّن لنا أن هؤلاء يمضون على خطة واضحة ، وأن ضياع فلسطين وقيام دولة اليهود فيها كان المنطلق لما تلا ذلك من أحداث في أفغانستان ، ثم في العراق . إنها خطة واحدة وغزو متكامل للعالم الإسلامي .

  فمع فجر يوم الخميس (17/1/1424هـ 20/3/2003م ) بدأ العدوان الإجرامي على العراق ودوّت الصواريخ والقنابل وأسلحة الدمار الشامل فوق بغداد ، وآذان الفجر يدوّي من مآذن بغداد عسى أن يوقظ المسلمين من سباتهم ولهوهم وانغماسهم بالدنيا وزينتها .

إن دخول أمريكا أرض العراق دون أيّ حقّ من شرع ودين ، ولا من مروءة أو قيم ، سيبقى إلى أبد الأبدين  وصمة عار في تاريخ أمريكا ، وصفحة سوداء تنضمّ إلى سائر صفحاتها السوداء .

إنها جريمة من أبشع الجرائم في التاريخ ، جمعت من الخزي الشيء الكثير الكثير : كذب مكشوف ، وافتراءات ، وكبر وغرور ، وخداع وتدليس ، وتناقض واضطراب ، وتجاهل كامل لنداءات العالم كله شعوبه ودوله إلا عصابة من عصابات الإجرام التفّت حول أمريكا ذلَّةً وخنوعاً ، التفاف مطامع ومصالح ، ذيل لذيل ، وكلهم ذيل للشيطان .

نقدّم هذه الملحمة بعنوان : " لهفي على بغداد ! " ، وهي تتبع النهج الذي أدعو إليه في الأدب الإسلامي ليحلّ محل التصور الوثني للملحمة ، التصور الذي يخضع له الكثيرون كأنه شيء مقدّس لا يجوز مخالفته ! ولقد عرضت التصور الذي أطرحه في معظم الملاحم التي سبق نشرها ، فلا حاجة لأن أعيدها هنا ، يكفي أن نقدّم موجزاً هنا .

وهذه الملحمة تتألف أولاً من الافتتاح ، ثم القسم النثري بأبوابه الستة ، ومن القسم الشعري بأبوابه الخمسة ، ثم الخاتمة ،وأستعرض في هذه الملحمة نثراً وشعراً أحداث العراق الأخيرة وغزو الحلف الأمريكي لها .