الخَضر حسين الإمام الأكبر
من سلسلة أدب الفتوّة
للأديب الكاتب رابح خدوسي
عبد الله لالي
بسكرة الجزائر
مازلت مولعا بكتب الأطفال والفتيان، لا أرى منها عنوانا إلّا ولابدّ أن آتي على محتواه أو أُلمّ به إلمامةً ما، إن لم يرقني كثيرا..
وهذا الكتاب هو عبارة عن قصّة للفتيان من تأليف الأستاذ الأديب رابح خدوسي، كتبها عن أحد كبار أعلام الأمّة؛ فضيلة الشيخ ( الخضر حسين الإمام الأكبر ) صدرت عام 2005 م عن منشورات وزارة الثقافة ضمن ( سلسلة أدب الفتوّة )، وقد صدر من هذه السّلسلة عدّة عناوين هامّة نذكر منها:
- الأمير عبد القادر
- الشيخ طاهر الجزائري
- الشيخ إبراهيم اطفيّش
- محمّد بن شنب
- أحمد رضا حوحو
- رمضان حمّود
- الكاهنة
ومنها أيضا هذا الكتاب الذي ألفه الأديب رابح خدوسي، وهو له تجرية كبيرة في مجال الكتابة للأطفال والفتيان، وسبق وأن كتبت عن بعض مساهماته الجديرة بالاهتمام.
والكتاب جاء في 40 صفحة من القطع المتوسّط في طباعة جيّدة، مزدانة بالصّور الملوّنة الخلّابة التي تشير إلى الأحداث بشكل مباشر، وبدأ الكاتب قصّته بمقدّمة هامّة جاء فيها:
" إذا سألت عنه سكّان بسكرة قالوا: عالم منّا قد هجر. وإذا سألت عنه بلاد مصر قالت: إمامنا الأكبر. وإذا سألت عنه العالم الإسلامي قال: شيخ الأزهر .."
ثمّ ذكر الكاتب سبب تأليفه لهذه القصّة، وهو زيارته للزّاوية العثمانيّة ببسكرة عام 2001 م وحديث شيخ الزاوية عبد القادر عثماني عن الشيخ الخضر حسين، ثمّ يقول الكاتب:
" منذ ذلك اليوم واسم الخضر حسين يؤذّن في خاطري.. فقرّرت القيام بالبحث عن آثاره.." إلى أن أَلمّ بها وكتب عنه هذا الكتاب الممتع، والذي قسّمه إلى ثمانية مراحل قبل الاستقرار، وهي:
- قبل المولد ( وتمثل مرحلة هجرة عائلته إلى ( نفطة ) تونس ضمن عائلة خاله المكّي بن عزّوز العالم الشهير ).
- الميلاد بنفطة ( تونس ) في 16 أوت 1877 م.
- انتقاله مع عائلته إلى تونس العاصمة في سنّ الثانية عشر عام 1889 م. والتحاقه بجامع الزيتونة بعد عامين من ذلك.
- رفضه لعرض من حكومة تونس الفرنسيّة بالعمل عندها، بعد نبوغه وظهور علامات التفوّق عليه.
- سفره إلى ليبيا عام 1899 م
- حصوله على الشّهادة العالميّة من الزيتونة عام 1902 م
- زيارته للجزائر عام 1905 م واتصاله بعلمائها وكتابته عنها ( رحلة جزائريّة ) ونشرها غي جريدة ( السّعادة العظمى ) التي أسّسها.
- سفره إلى اسطنبول بسبب مضايقات المستعمر الفرنسي له، وزيارة خاله المكي بن عزّوز.
- العودة إلى تونس ثمّ السّفر مرّة أخرى إلى دمشق سنة 1911م وتولّيه التّدريس هناك.
- السّفر إلى الحجاز 1912 م، ثمّ تعيينه محررا حربيّا من قبل أنور باشا في السّلطنة العثمانيّة.
- إرساله في مهمّة إلى ألمانيا عام 1915 م وتعلّمه للغة الألمانيّة في زمن قياسي.
- اعتقاله في سوريا عام 1916 م وتدخّل أنور باشا لإطلاق سراحه.
- ذهابه في مهمّة مرّة أخرى إلى برلين عام 1917 م.
- استقراره بمصر ( القاهرة ) عام 1921 م.
وبعد أن لخّص الكاتب أهمّ محطّات حياة الشيخ الخضر حسين، بشكل مركّز ودقيق تعرّض إلى جوانب أخرى من حياته، فذكر بداية نشاطه الصّحفي في تونس بتأسيسه مجلّة ( السّعادة العظمة ). ثمّ تولّى القضاء لفترة معيّنة عام 1905 ما برح حتّى استقال منه بعد ثلاث سنوات، وتولّى التدريس بجامع الزّيتونة.
وفي سنة 1922 م بدأ مرحلة التأليف فكتب رسالة بعنوان ( الخيال في الشعر العربي ) وعندما تحصّل على شهادة العالميّة من الأزهر بجدارة واقتدار، تولّى التدريس في الأزهر. وفي سنة 1952 م تولّى مشيخة الأزهر.
وكان عضوا في عدّة مجامع شهيرة منها: ( مجمع اللّغة العربيّة بالقاهرة سنة 1932 م، والمجمع العلمي بدمشق، وهيئة كبار العلماء ..).
بعد ذلك تحدّث المؤلّف عن مواقف الشيخ الخضر حسين العظيمة، حيث كان صلبا تجاه المستعمر الفرنسي ورفض أيّ وسيلة تعاون معه، خصوصا في مجال القضاء، كما تعرّض للتّيارات والكتّاب الذين يسيؤون للدّين أو العقيدة، ومنها تصدّيه لعلي عبد الرّازق وطه حسين.
ثمّ ساق الكاتب جملة من شهادات بعض الأعلام حول شخصيّة الشيخ الخضر حسين، نذكر منهم: ( محبّ الدّين الخطيب، الدّكتور محمّد عمارةن أبو القاسم سعد الله ..).
الكتاب متميّز في بابه، عرض لحياة علم من أعلام الأمّة بأسلوب يناسب الفتيان وطلاب المدارس وحتّى طلاب الجامعات في مراحلهم الأولى، وهو إضافة نوعيّة لتراجم أعلام الأمّمة التي بهم تعتدّ وتفاخر..