الدعوة الإسلامية بين الجماعات والأحزاب

د.عدنان علي رضا النحوي

تأليف: د.عدنان علي رضا النحوي

           صدر عن دار النحوي للنشر والتوزيع كتاب الدعوة الإسلامية بين الأحزاب والجماعات للداعية الدكتور عدنان النحوي، حيث جاء هذا الكتاب في مائة وعشرين صفحة من القطع المتوسط ، وفيه طرح الداعية النحوي التصور الحقيقي للدعوة الإسلامية كما يريدها الله ورسوله، ثم شخص حالة الدعوة الإسلامية في واقعنا المعاصر وما يشوبها من أمراض وعقبات صنعها الدعاة أنفسهم .

         وللوهلة الأولى يظن القارئ من العنوان الرئيس أن الكتاب موجه لقادة العمل الإسلامي وعلماء الأمة فقط وليس للمؤمنين كافة ، ففي مقدمة الكتاب يطالب كل العاملين في حقل الدعوة أن يقفوا مع أنفسهم وقفة مراجعة وحساب وتقويم وعلاج، خاصة أن الفواجع قد أحاطت بنا جميعا ويذكرنا الداعية النحوي بأن قضاء الله عادل ونافذ لا ظلم فيه وما أصابنا هو بسبب ما كسبته أيدينا .أما الحواجز التي تمنعنا من ممارسة هذه الوقفة الإيمانية فهي كثيرة ، منها الكبر والغرور، وكذلك دوي الشعارات والاندفاع بها دون روية، وكذلك الأمراض المتفشية بين المسلمين من غيبة وتناجش وتباغض وصراع خفي .

       ثم يتحدث في الفصل الأول عن واقع الدعوة الإسلامية وما رافقه من اضطراب التصورات وغياب الأهداف وعدم تقدير لأهمية وخطورة هذا الأمر، حتى أصبح العمل الإسلامي يجمد الكثير الكثير من الطاقات واكتفى الكثيرون بالتلاوة أو شيء من الدراسة مع الشعائر، وأقبلوا على الدنيا يعطونها وقتهم وجهدهم ومالهم ويفرغون فيها آمالهم الحقيقية، ويعطون للإسلام أماني عاطفية. ثم يوضح أهمية النهج والخطة، وإدبار البعض عنها وتحويل العمل الدعوي إلى عواطف وارتجال، ويطرح سؤالاً دار في رؤوس الكثيرين:

      إلى متى سنظل نقرأ ؟

     ويجيب عليه:

     حتى نستفيق ونستيقظ ونمضي على الدرب لتحقيق الأهداف الربانية. ثم يوضح أمراً مهماً للدعاة كافة أن الدعوة الإسلامية لا تدخل فيها التنازلات عما جاء به الوحي ولا المساومة عليه، وأن أي إخفاء لحقائق هذا الدين يصيبنا بما أصاب أهل الكتاب حين حرفوا وأخفوا وبدلوا.وطالب بعدم المجاملة على حساب هذا الدين لأعداء الله بحمل شعاراتهم والتقرب إليهم.

ثم ذكر خصائص الدعوة الإسلامية، وذكر أن من أهم خصائصها قضية الإيمان والتوحيد، وأنها أخطر قضية في حياة الإنسان،وعلى الداعية المسلم أن يلتزم بها أولاً في نفسه تصوراً وفكراً وممارسة وتطبيقاً، حتى إذا استقرت في قلبه انطلق يدعو الناس إليها، كذلك من خصائص هذه الدعوة أنها تقوم بإخراج الناس من الظلمات إلى النور. وهذه أعظم مهمة في حياة الإنسان والبشرية في التاريخ كله.وهذه الدعوة ممتدة على مدار الزمان والمكان وأن وظيفة الأنبياء والرسل هي أعظم وظيفة وأجلها وأن الرسل والأنبياء قاموا بهذه الوظيفة .

       وكذلك من خصائص هذه الدعوة أنها دعوة التزام واستقامة وليست دعوة طارئة، وأن هذه الدعوة دعوة توحيدية تربط الأمة كلها برابطة واحدة هي الرابطة الإيمانية، وحسبك نداء الله الخالد( يا أيها الذين آمنوا )، ثم أورد أن هذه الرابطة لها مسؤوليات وتكاليف وليست رابطة مفرغة من هذه المسؤوليات حيث إن القران الكريم والسنة النبوية فصلت حقوق هذه الرابطة الربانية بين المؤمنين .

         ثم أعادنا الداعية النحوي إلى ظلال لفظة الحزب وما تحمله من معاني سامية، حيث ردها إلى القران الكريم وذكر خصائص الحزب الرباني، وأعاد لهذه الكلمة البريق الذي خبا في نفوس المؤمنين بعدما دنسته ممارسة الواقع لهذه الكلمة وأرجعنا إلى مفهوم الحزبية في الإسلام، ومفهوم حزب الشيطان وماذا يدعو ولماذا.  وأوضح أن هم الأحزاب اليوم جمع الأنصار دون إعداد، والفوز في الانتخابات وجمع الأصوات  لذا كان ضغط الواقع شديداً حتى أصبح التحالف مع الأحزاب الأخرى شيئاً طبيعياً وأنساهم همَّ الدعوة إلى الله ورسوله.

           ثم عرّج النحوي على فشل الأحزاب الإسلامية وخاصة في الميدان السياسي والاقتصادي ،وعزا ذلك لغياب الأهداف الثابتة والمرحلية وغياب الخطط والنهج .

         وفي الفصل الأخير من هذا الكتاب يطرح الداعية النحوي نهجاً للعلاج ويعترف بأن هذا النهج لا يستطيع تنفيذه اليوم وحده ،بل يحتاج إلى تكاتف جهود العاملين، لتلتقي هذه الجهود بنية صادقة نقية لوجه الله ، وهذا النهج يبتدئ من نفس المسلم من داخله من قلبه وفطرته، ليجاهد نفسه من كبر أو شرك أو إيثار الدنيا على الآخرة ويبرأ من كل المعوقات النفسية من حب السمعة والمصالح الدنيوية الذاتية.

       إن واقعنا اليوم لا يرضي الله ورسوله ولا المؤمنين، وإن البداية من نفس المؤمن.

       هكذا أنهى الداعية النحوي بحثه القيم في هذا الكتاب ولا يفوتني أن أذكر بأن النحوي قد أهدى كتابه هذا لكل العاملين في حقل الدعوة الإسلامية خلاصة تجربة امتدت خمسين عاماً في ساحة الدعوة الإسلامية ، وقد أتحفنا بكلمات نقف عندها طويلاً نسترجعها ونعيشها من هذه الكلمات إن أخوة الإيمان ليست عاطفة فحسب ولكنها مسؤوليات وواجبات وحقوق والتزام لا تسقط حتى لو تغيرت العاطفة لا تسقط.

        جزى الله الداعية الدكتور النحوي خير الجزاء على كتابه الخير.

        لا شك أن العمل الإسلامي قد حفظ عدداً كبيراً من الشباب من الانزلاق في تيه كبير ، ولكنه جابه واقعاً كبيراً أكبر من قدرته ، فما استطاع معالجة الواقع من خلال الشعارات ، وبدأت التنازلات في الفكر والشعارات ، جاء هذا الكتاب ليساهم في وضع النقاط على الحروف ويذكرنا  بالدعوة أولاً .