من ثمرات الأقلام 4
قراءة في كتاب
القرن الخامس عشر الهجري
في ضوء التاريخ والواقع
للعلامة: أبو الحسن الندوي رحمه الله
الشيخ علي أبو الحسن الندوي |
د. موسى الإبراهيم |
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
أولاً: - حاجة الأمة الإسلامية إلى العلماء الربانيين.
إن أشد ما تحتاجه الأمة الإسلامية وهي تتطلع إلى النهوض والإقلاع الحضاري هو وجود العلماء الربانيين الصادقين الراسخين في العلم والدين الذين يربطون القلوب بالله تعالى عند النكسات التي تصاب بها الحكومات الإسلامية، وعند فتنة المادة والشهوات والتنافس في البذخ والثراء التي تمنى بها المجتمعات الإسلامية.
العلماء الذين يبعثون في النفوس التسامي عن الأغراض الخسيسة ويكرهون إليها الحياة الذليلة الرخيصة والخضوع المستكين للسلطات والثروات وبيع الضمائر والذمم ويحببون إليها الاستماتة في سبيل العقيدة والمبدأ والشهادة في سبيل الله، ويحاربون اليأس القاتل، ويجردون الأمل في روح الله ونصره.
إن وجود هؤلاء الربانيين حاجة المجتمع الإسلامي في كل عصر ومصر، فهم الذين ينجحون حين تخفق الحكومات وينتصرون حين تنتكس الرايات، وغيابهم عوز وخسارة لا تعوض بالمنظمات السياسية والأساليب العلمية والوسائل الدعائية ومجرد الهتافات العالية الفارغة.
يقول محمد إقبال رحمه الله:
- إن المسلم هو الإنسان الوحيد الذي يعد خطراً على الباطل في كل زمان ومكان.
- والمسلم قد بنى العالم المستنير في الزمن البعيد وهو مهيئ اليوم لإعادة البناء في العالم الحديث.
إن القرن الخامس عشر الهجري لا يبعث همة المسلمين فحسب بل إنه يوجد رسالة ثقة وتفاؤل إلى النوع البشري كله.
وفي التاريخ عبر
هزائم القرن السابع الهجري
لقد زحف التتار على العالم الإسلام 616هـ فخربوا وأبادوا، ولكن الإسلام فاجأ العالم ونهض من تحت أنقاض عظمته الأولى وأطلال مجده التالد واستطاع بواسطة دعاته أن يجذب أولئك الفاتحين الوحوش الذين نثروا عليهم كنانة ظلمهم فأسلموا "كما يقول آرنولد في كتابه الدعوة إلى الإسلام".
فهل تعرفون من انتصر على التتار وحبب إليهم الإسلام؟
إنهم رجال من أصحاب القلوب الصافية الذين كانوا يتمتعون بالربانية الصادقة والقوة الروحية الدافقة. أسلم على أيديهم التتار على بكرة أبيهم في ظرف نصف قرن، إن التتار أسلموا كأمة 100% إنه لغز من ألغاز التاريخ.
ثانياً: -احتياجات الصحوة الإسلامية المعاصرة
الصحوة الإسلامية المعاصرة هي الأمل بعد الله في إعادة الأمة الإسلامية إلى مكانتها الريادية العالمية ولكن حتى تكون هذه الصحوة راشدة وحتى تكون هذه الصحوة على المنهج الرباني ووفق السنن الربانية في الإصلاح والبناء فلا بد لها من العناية بالمعاني التالية:
1- تحريك الإيمان في نفوس الشعوب والجماهير المسلمة.
2- صيانة الحقائق الدينية والمفاهيم الإسلامية من التحريف.
ومن إخضاعها للتصورات العصرية الغربية، ومن تفسير الإسلام تفسيراً سياسياً بحثاً، أو تنظيره على مستوى الفلسفات العصرية.
3- تقوية الصلة الروحية والعاطفية بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم والحق العميق له.
4- إعادة الثقة في نفوس الطبقة المثقفة والفكرية والسياسية بصلاحية الإسلام وقدرته
على مسايرة العصر، بل على قيادة ركب البشرية إلى الغاية المثلى، وأنه السفينة التي
لن ينجو إلا من ركبها.
5- قلب نظام التعليم المستورد من الغرب وصوغه صوغاً إسلامياً جديداً يتفق مع شخصية هذه الأمة المسلمة وعقيدتها ورسالتها وقامتها وقيمتها.
6- حركة علمية قوية دولية تعرف الطبقة المثقفة بذخائر الإسلام وتاريخه المجيد، وثبت للعالم أن الفقه الإسلامي من أرقى القوانين التي تصلح الحياة الإنسانية كل زمان ومكان.
7- الحضارة عميقة الجذور في النفس الإنسانية وتجريد الأمة من حضارتها الخاصة مرادف لعزلها عن الحياة.
8- معاملة الحضارة الغربية –بعلومها واكتشافاتها- كمواد خام يصوغ منها قادة الفكر حضارة مؤسسة على الإيمان والأخلاق والتقوى والعدل ويأخذون من علومهم ما ليس عليه طابع غرب أو شرق، ويعاملون الغرب كزميل وقرين، وهو في حاجة لئن يتعلم منا الكثير الكثير.
9- إقناع الحكومات المشغولة بحرب إبادة للعنصر الإسلامي بأنها سياسة عقيمة لن تنجح.
10- في البلاد غير الإسلامية تتم الدعوة إلى الإسلام بروح تتفق مع طبيعة الإسلام وروح العصر.
وأخيراً:
إن الحضارة الغربية أشرفت على الانهيار وآذنت بالزوال وبقاؤها لا بقوتها بل لأنه لا توجد الحضارة التي تحل محلها وتسد فراغها.
فإذا قام في العالم الإسلامي من يسد هذا الفراغ فإنه يعود لقيادة العالم من جديد.
فلينظر قادة العالم الإسلامي إلى ما هو أولى لهم وبهم:
التمسك بأذيال الغرب كالشحاذين أم قيادة الإنسانية وهداية الشعوب؟!
إنها سلعة غالية لا يخسر بها المشتري ولو ضحى بنفسه مائة مرة.
هذا والله أعلم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
قراءة: د. موسى إبراهيم الإبراهيم
السبت 2/4/1430هـ
28/3/2009
الهوامش
ص25