المورد الأكبر شيخ القواميس
المورد الأكبر شيخ القواميس
جورج جحا
القاموس الإنجليزي العربي الموسوعي الضخم "المعجم الأكبر" الثري والمميز نوعا وكمية ومنهجا.. يأتي دون شك تتويجا لجهود العلامة الراحل منير بعلبكي الرائد الكبير في مجالي الترجمة والعمل المعجمي في العالم العربي.
وهذا العمل الحدث الذي صدر أخيرا في بيروت عن "دار العلم للملايين".. بمنهجه الفريد في مجاله وبمواده ومصطلحاته التي تربو على ربع مليون وصفحاته الكبيرة الموسوعية التي بلغت 2155 صفحة ..جدير بان يحمل بحق لقب "شيخ القواميس" الإنجليزية العربية كما كان واضعه الراحل قد اكتسب لقب "شيخ المترجمين العرب"
وهو ما أطلقه عليه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين. الدكتور رمزي منير بعلبكي عالم اللغة الأكاديمي ونجل المؤلف الراحل أتم القاموس وراجعه بعد وفاة والده سنة 1999 وكان المرض قد أدخل الوالد سنة 1997 في غيبوبة استمرت حتى وفاته. وقد ساعد في التحرير سعد ضاروب.
يذكر الدكتور رمزي بعلبكي في "تصدير" كتبه ان والده كان قد قضى "خمسة عشر عاما بين عام 1982 وعام 1997 يعمل على تأليفه بجهد يصل فيه الليل بالنهار وكأنه يسابق القدر." وكان الراحل قد أصدر قاموس "المورد انجليزي عربي" سنة 1967 وما لبثت سلسة قواميس المورد ان أصبحت شأنا ذا اثر مهم في الفكر العربي اجمالا وفي عالم الترجمة والعمل الصحافي وكل ما يعني العاملين في المجالات الثقافية كافة.
ومنير بعلبكي الذي عمل في التدريس في مدارس وجامعات ومعاهد في بيروت ودمشق وبغداد له ما يزيد على 100 كتاب مترجم في الادب العالمي والمجالات الفكرية والاجتماعية. وقد عرفت ترجماته بالدقة والامانة وروعة الاسلوب الامر الذي أكسبه لقب شيخ المترجمين العرب. ويرى كثيرون انه مع قاموس "المورد الانجليزي العربي" ارتفعت الصناعة المعجمية في العالم العربي الى مصاف تلك الصناعة في اوروبا والولايات المتحدة. وبعد ذلك أصدر موسوعة المورد الانجليزية العربية بين العام 1980 و1983 بعد عمل استغرق 13 سنة. وكان للموسوعة اثر كبير في ارساء المصطلح العربي ولا سيما في شتى مجالات العلوم. وكان منير بعلبكي أحد مؤسسي "دار العلم للملايين" سنة 1945 وهي مؤسسة رائدة عريقة. ومن اسهاماته العديدة في الحياة الثقافية لبنانيا وعربيا أصداره مجلة "العلوم" سنة 1956 وقد تولى رئاسة تحريرها حتى سنة 1972 واشترك في تاسيس اتحاد الكتاب اللبنانيين كما كان عضوا فاعلا في مجمع اللغة العربية في القاهرة منذ انتخابه عام 1984.
اما الدكتور رمزي بعلبكي الحائز على الدكتوراه في تاريخ النحو العربي وفي النحو المقارن من جامعة لندن فهو استاذ اللغة العربية في الجامعة الامريكية في بيروت منذ 1978 وله عدة كتب وعشرات المقالات في المجلات العلمية في مجال اختصاصه.
ومن اسهامه في العمل المعجمي "معجم المصطلحات اللغوية" الانجليزي العربي والزيادات السنوية على قاموس المورد الانجليزي العربي للمواد والمعاني المعجمية المستجدة فضلا عن انجاز المورد الاكبر ومراجعته وتحديثه. عند استعمال "المورد الاكبر" نجد أنفسنا أمام خصائص منهجية عديدة لم تتوفر في مجموعها لمعاجم انجليزية عربية أخرى. ومن أبرزها ما ورد في التصدير. من السمات المميزة هذه "الاستيعاب".. فالمورد الاكبر يدانى أكبر المعجمات الانجليزية الانجليزية من حيث مواده وعباراته الاصطلاحية فلا يضطر مستعمله الى التنقيب عما يريده في تلك المعجمات. وتميز المعجم كذلك باستيفاء الشرح اذ عمد المؤلف الى استيفاء المعاني في كل مدخل استيفاء تاما فاضاف معاني ومدلولات مستحدثة الاستعمال وصل بعضها في احيان كثيرة الى ضعفي نظيره الاصلي او ثلاثة اضعافه.
وجاء ترتيب المعاني على أساس التسلسل التاريخي ما أمكن الأمر. يندرج ضمن ذلك ترتيب زمر من المعاني مرتبة ترتيبا يميز بين ظلالها المختلفة. واتبع في المعجم مبدأ مهم هو عدم الاكتفاء بايراد المصطلح الانجليزي وشرحه مما يؤخذ على كثير من القوميس الانجليزية العربية التي تشرح المادة دون ان تاتي بمصطلح مقابل المصطلح الاجنبي او تقترح واحدا مما يفرض على المترجم عبء البحث بنفسه عن مصطلح مناسب.
ويتميز المورد الاكبر ايضا بان مؤلفه استقصى العبارات الاصطلاحية في الانجليزية والحق قوائمها باخر كل مادة تندرج تلك العبارات تحتها ليتضح الفرق بين المعاني المبينة في كل قسم وبين ما يشكل عبارة اصطلاحية اي تعبيرا ينطوي على معنى خاص.
وحافظ المؤلف في هذا القاموس على نهجه السابق في "المورد" و"موسوعة المورد" من حيث العناية بمصطلحات العلم والحضارة ووسع دائرة ما تشتمل عليه فاستخدم رموزا لشتى فروع المعرفة وزاد عليها مداخل كثيرة وبصورة خاصة ما سجل من جديد في العقود والسنوات الاخيرة فتوسل التعريب والترجمة والاشتقاق والنحت لوضع مصطلحات جديدة.
وأفرد المؤلف مداخل للاعلام من مشاهير الرجال والنساء من قدماء ومحدثين وللاعلام الجغرافية من دول ومدن وجبال وانهار وغيرها. ومما يتميز به هذا المعجم اشتماله على مواد موسوعية ترتقي به الى مصاف المعجمات اللغوية الموسوعية وهذه المواد مكملة للمواد اللغوية التي تصاحبها.
وفي القاموس اضافة جديدة في مجال المرادفات والاضداد ألحقها المؤلف حيث اقتضى الأمر وذلك في مواد مختارة يكثر استخدامها. ومن السمات المميزة كذلك ان المؤلف حدد حيث وجد سبيلا الى ذلك.. السنة التي استخدمت فيها الكلمة للمرة الاولى او ربما القرن الذي دخلت فيه حيز الاستعمال. وفي مجال تأثيل الكلمة أي ارجاعها الى اصولها أورد المؤلف بعد ايراد الكلمة وطريقة لفظها ونوعها الصرفي الاصول التي اخذت منها سواء أكانت من لغات اخرى كاللاتينية او اليونانية أو الفرنسية أو العربية أو غيرها أم من مراحل مختلفة من تاريخ الانجليزية نفسها. ولما كان تأثيل اللفظ الواحد قد يظهر انه يرجع الى اصلين اثنين أو اكثر فان الصواب يقتضي التفرقة بين الكلمات الناشئة عن تلك الاصول لانها في حقيقتها من باب المشترك اللفظي.
وجاء المورد الاكبر سباقا الى التفرقة بين الكلمات التي تشترك في لفظ واحد وتعود الى اصول مختلفة. وفي منهج "تسهيلي" فعلا اعتمد المؤلف في ايراد الكلمات مبدأ التقطيع ففصل بنقطة بين مقطع واخر حيث تكون الكلمة الواحدة مكونة من اكثر من مقطع واحد. وعمد المؤلف إلى ايراد المشتقات إذ أدرج في المادة الواحدة تصاريف الكلمات الأساسية.قال الدكتور رمزي بعلبكي انه لما كان والده قد أنجز إنجازا شبه تام القسم الأكبر من هذا المعجم كما كان قد وضع خطة القسم المتبقي منه "فان عملي أنا اقتصر على تنفيذ الخطة التي وضعها المؤلف لما تبقى من المواد التي لم ينجزها...
والى ذلك اضفت في المعجم كله عددا كبيرا من المواد التي استجدت في السنوات الاخيرة ولا سيما ما يتعلق منها بالالكترونيات وعلوم الكومبيوتر كما اضفت المعاني الجديدة التي طرأت على المواد نفسها.