ملحمة فلسطين
ملحمة فلسطين
|
تأليف: د.عدنان رضا النحوي |
مع هذه الملحمة لا أهدف إلى أن أُسجّل تاريخ فلسطين ، ولا تاريخ قضيتها، فهذا التاريخ العظيم أوسع من فسحة هذه الملحمة .ولكن هذه الملحمة تعرض فترة من أخطر فترات قضية فلسطين . تعرض فترة تمتدّ من سنة (1948م ) حتى بداية الانتفاضة في أرض فلسطين ومضي خمسة أشهر تقريباً عليها .
في هذه الفترة انزلقت قضية فلسطين إلى منعطف جديد تجاوز كلّ القيم الماضية والثوابت الممتدة في تاريخ القضية ، الثوابت النابعة من حقّ الأمة المسلمة ودينها ، النابعة من منهاج الله .
وفي هذه الفترة انكشفت أحوال العالم الإسلامي ، وما يمرُّ فيه من وهنٍ قاتلٍ وخلافات واسعة ، فتحت أبواباً كثيرة يدلف منها الأعداء ، وبدأت المساومات تظهر علناً ومسلسل التنازل يتحرّك بسرعة عجيبة . لقد شهدت هذه الفترة أخطر أحداث قضية فلسطين ، فهي التي مهّدت لكل ما حسبه الناس من مفاجآت ، وفي الوقت نفسه كانت هذه الفترة نتيجة طبيعية لمرحلة سابقة ، وأحداث مهّدت لها .
المستقبل بظواهره الجليّة مظلم وخطير . ولا أرى فرجاً إلا إذا أفاق الغافلون وعادوا عودة صادقة نقيّة لله ، خالصة من شوائب الدنيا وشهواتها ، عودة تحمل الإيمان والتوحيد ، والعلم بمنهاج الله والواقع ، والنهج والتخطيط ، والدعوة إلى الله ورسوله ، والإعداد والبناء ، في عمل جاد متواصل لا يكلّ ، فعسى أن يرحمنا الله جميعاً !
( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) [ النور : 31]
لقد جاءت الفصول الخمسة متناسقة مترابطة تقدم صورة للملحمة الإسلامية كما أعرضها في الرأي والنظرية . فالفصل الأول : إقرار للحق الثابت تحت عنوان : فلسطين أرض الإسلام وحقه ، والفصل الثاني : صراع المخيمات في لبنان ، الفصل الثالث : رحلة الموت ، الفصل الرابع : وثبة شراع وانتفاضة طفل وحجر ، والفصل الخامس والأخير : فلسطين وواقع العالم الإسلامي . وهذا الفصل يحمل ختام هذه الملحمة .
لقد كان أخطر ما برز في هذه المرحلة أن الأعداء يسيرون على خطىً مدروسة ، ونهج واعٍ وقوّة فعّالة . وكنا نحن أقرب إلى الارتجال والعاطفة ، بعيدين عن النهج والتخطيط ، غارقين في الوهن . فكان من السهل أن تضيع الجهود ، وتغيب الأهداف ، وتسقط الشعارات !
إنَّ هذه اللحظات التي نعيشها هي أقسى مرحلة توالت فيها النكبات والمآسي المروعة ، وسيظلّ ضياع فلسطين أكبر مأساة في تاريخ المسلمين ، وأكبر جريمة ترتكبها الحضارة الغربية بعد أن خدّرتنا بكل وسائل التخدير .
ستعود فلسطين ـ بإذن الله ـ حين تطرح الأمة كلها وهن الارتجال ، وهوان العزوف عن الجهاد ، حين تضع خّطتها المؤمنة الواعية ، حتى إذا خطت خطوة ، عرفت الخطوة التي منها ، فعرفت دربها وأهدافها .