الشيعة والتشيع
المستشار الدكتور فتحي السيد لاشين*
ورث المجتمع الإسلامي المعاصر قضايا فكرية شائكة لم تزل مثار بحث وجدل كبير بين طوائف المشتغلين بالفكر النظر من أهله، ومعضلات تاريخية ودينية لم تزل حجر عثرة أمام توحد المسلمين ونهوضهم، من هذه القضايا الشائكة «قضية السنة والشيعة» أو «الشيعة والتشيع».
هذه القضية التي تطل برأسها بين الحين والآخر، فتتجرد لها الأقلام، ويكثر حولها اللغط، وتختلف عندها الآراء، وينقسم الناس أمامها، ويختلط الحق والباطل، ويضيع الحق في هذا المعترك الصاخب ويلتبس على الناس أمرهم.
ولقد زاد من الاهتمام بهذه المسألة نجاح الشيعة الإمامية (الاثنا عشرية) في تكوين دولة تدافع عنهم وتنشر مذهبهم وتعلن مواقف جيدة لدعم الأمة الإسلامية في مواجهة قوى الاستكبار، مما لفت إليها أنظار العالم فضلاً عن محاولات نشر المذهب الشيعي في الأوساط السنية.
وجدير بالذكر أن ثمة جهود كثيرة بذلت لرأب الصدع بين السنة والشيعة والتقريب بين المذاهب الإسلامية، ولكنها جميعًا باءت بالفشل ولم تحقق الفائدة المرجوة والغاية المنشودة من ورائها.
كما زخرت المكتبة الإسلامية قديمًا وحديثًا بالعديد من الكتب والرسائل التي عالجت قضية الشيعة والتشيع، غير أن معظم هذه المؤلفات يفتقر إلى الروح العلمية والدراسة الموضوعية، لذلك كان معظمها عبارة عن هجوم أو دفاع عن هذا أو ذاك، والقليل منها الذي عالج الموضوع بشكل جيد بيد أنه في إطار المتخصصين فقط.
لذلك رأت شركة البصائر للبحوث والدراسات أن تضطلع بدورها في تحرير هذه المسألة تحريرًا علميًّا موضوعيًّا مبسطا على نحو يناسب جمهور المثقفين، كذلك قدمت رؤيتها في تقريب وجهات النظر المختلفة وتضييق الهوة السحيقة بين أهل السنة وأهل الشيعة، ورأب الصدع الفكري والسياسي الغائر بين الفريقين، فقامت بإصدار كتابها الجديد «الشيعة والتشيع» بحث في الأفكار والمعتقدات الإنسانية والسياسية للمستشار الدكتور فتحي السيد لاشين الذي تصدى لهذه المسألة بالتحليل والمناقشة العلمية الهادئة مبينًا وجوهها وأبعادها المختلفة مستبعدًا تلك التعقيدات والخلافات والمصطلحات الكلامية الكثيرة التي امتلأت بها المؤلفات الإسلامية السابقة، ومبنيًا على نحو مبسط وشامل أفكار الشيعة وعقائدها وأهم فرقها.
كما وقف على أفكار ومعتقدات الشيعة الإمامية متناولاً أفكارها بالنقد والتمحيص والتفنيد لاعتبارها الفكرة الأكثر انتشارًا والأقوى نفوذًا في العالم الإسلامي.
وأخيرًا قدَّم ورقة عمل للتقريب الجاد والواقعي بين السنة والشيعة على ضوء خبراته العملية والفكرية العديدة دون إخلال بعقيدة أهل السنة والجماعة.
نسأل الله تعالى أن ينفع بهذا العمل المسلمين جميعًا.
* - من مواليد محافظة الغربية 1932م.
- حصل على ليسانس الحقوق جامعة القاهرة 1958م.
- حصل على ليسانس أصول الدين جامعة الأزهر 1958م.
- حصل على درجة الماجستير والدكتوراه في الشريعة الإسلامية.
- عمل في القضاء المصري سنوات عديدة.