واقعنا المعاصر..

واقعنا المعاصر..

للكاتب الإسلامي الكبير محمد قطب

بقلم الدكتور: محمد وليد


"واقعنا المعاصر" عنوان كتاب نفيس، أفرغ فيه المفكر الإسلامي محمد قطب خلاصة فكرية ناضجة، وتجربة إسلامية غنية، تصف واقع المسلمين اليوم وتحلل جذور المشكلات التي يعانون منها.وقد قام المؤلف بتشخيص خط الانحراف الذي أصاب

المجتمع الإسلامي وبدأ الهبوط به عن الذروة العليا التي كان عليها جيل الصحابة والخلفاء الراشدين، ثم حلل آثار هذا الانحراف الذي طرأ على المجتمع الإسلامي.ثم انتقل المؤلف بعد ذلك إلى الحديث عن الصحوة الإسلامية المعاصرة بما تشكله من آمال كبار وما يعترض طريقها من مشكلات، إلى أن ينتهي بنظرة إلى المستقبل؛ كل ذلك في عرض مفصل شيق وبأسلوب رصين معتدل.

وهو وإن فصَّل، بحكم المعايشة، في تجربة مصر في هذا المجال، إلا أن ما ينطبق على مصر ينطبق على كثير من البلدان العربية والإسلامية، سواء على الصعيد الإسلامي أو على الصعيد العلماني. ويقع هذا الكتاب النفيس في خمسة فصول.

جيل إسلامي فريد

يتكلم المؤلف في الفصل الأول عن الجيل الإسلامي الفريد الذي رباه الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان الجيل الذي تم فيه اللقاء بين المثال والواقع، فترجم مثاليات الإسلام إلى واقع، وارتفع بالواقع البشري إلى درجة المثال، وكيف كان هذا الجيل يتحلى بصدق الإيمان فيه، وجديته في الأخذ من الكتاب والسنة.

وبعد ذلك يصف كيف أنشأ هذا المفهوم السليم خير أمة أخرجت للناس، أمة العقيدة التي لم تتحقق في أي تجمع آخر من تجمعات التاريخ وكيف قامت هذه الأمة بتحقيق العدل الرباني في واقع الأرض مستوحياً بعض الدروس التربوية من السنة المطهرة، وسيرة الفاتحين المسلمين الأوائل مع أهل البلاد المفتوحة.

ثم يذكر أخلاقيات "لا إله إلا الله" التي حكمت المجتمع المثالي المسلم، وكيف وعى الجيل الأول هذه الحقيقة بكل عمقها وكل فعاليتها، وكيف ترجمت هذه المعاني السامية إلى حركة إسلامية علمية بعد أن لم يكن لدى العرب رصيد علمي سابق، وإلى حركة حضارية إسلامية، مبيناً أنه في جميع الأحوال لا تنفصل الأشكال المادية والتنظيمية عن القيم المصاحبة لها.

خط الانحراف

يبين المؤلف في الفصل الثاني كيف بدأ خط الانحراف في العهد الأموي، بالانتقال من الخلافة الراشدة إلى الملك العضوض كما وصفه الرسول "صلى الله عليه وسلم"، وذكر جانباً من بحبحة خلفاء بني أمية في الإنفاق من بيت المال، وعنفهم في معاملة خصومهم السياسيين من جهة، ومن جهة أخرى قعود الأمة عن مراقبة حكامها.ومع ذلك فقد غلب الخير على الشر في ذلك المجتمع، واتسعت الفتوح الإسلامية وبقيت الأمة في مجموعها تتعامل بأخلاقيات لا إله إلى الله.وعندما جاء العباسيون زاد العنف السياسي ضد خصومهم، وأصبحت الخلافة وراثية كما ظهرت فتنة الفرق وظهر الفكر الإرجائي  بكل سلبياته وهو القول بأن الإيمان هو التصديق بالقلب وإخراج العمل من مسمى الإيمان. كما زاد الترف في العصر العباسي الذي رافقته فتنة كثرة الجواري، والجواري المغنيات اللواتي ملأن قصور الخلفاء والأمراء والوزراء والأغنياء من التجار وكان بينهن يهوديات ونصرانيات تنطوي قلوبهن على حقد خبيث على الإسلام.ولكن كان الإسلام ما زال باقياً، وكانت جذوة العقيدة قد علاها الغبار بتأثير المعاصي والبدع ولكنها حية، فما إن جاء صلاح الدين وقطز حتى اشتعلت الجذوة من جديد وانتصر المسلمون على الصليبيين والتتار.ويتحدث المؤلف عن انحراف آخر أصاب المجتمع العباسي وهو نشوء الصوفية السلبية الانعزالية التي تدعو لإهمال الحياة الدنيا وإهمال تعمير الأرض، مما ساعد على شيوع التواكل بدلاً من التوكل، وتحولت عقيدة القضاء والقدر من عقيدة إيجابية دافعة إلى عقيدة سلبية مخذلة.ويذكر أن ما جاء في تاريخ الصوفية من علماء وزهاد ومجاهدين، لا ينطبق عليهم حكم الصوفية المنحرفة، وهم في الحقيقة زهاد وإن ألحقوا بالتصوف، وهم قلة في تاريخ الصوفية.ثم يتحدث المؤلف عن قيام الدولة العثمانية ورغبتها في خدمة هذا الدين وبذل الدماء والأموال في سبيل ذلك، وكيف أنها حمت العالم الإسلامي من غزوات الصليبيين لمدة خمسة قرون متوالية. لكنه يذكر أيضاً أنها كانت دولة غير مستعربة، ومارست استبداداً سياسياً بسبب طبيعتها العسكرية مع سوء في نظام الولاة؛ ويشير إلى سيادة الصوفية فيها على المجتمع واعتبارها هي الدين بعد أن كانت في ركن معزول عن المجتمع في العصر العباسي.كما يشير المؤلف إلى عدم سماح العثمانيين –غيرة على الدين- بفتح باب الاجتهاد الذي أغلق في القرن الخامس الهجري رغم كثرة المستجدات في أمور الدين والدنيا، مما حدا بالخلافة إلى أن تلجأ – ولأول مرة في تاريخ المسلمين وكسابقة خطيرة - إلى إدخال القوانين الأوربية العلمانية لتحكم بها المحاكم في الدولة الإسلامية، وقد حدث ذلك منذ عهد السلطان سليمان القانوني.

آثار الانحراف

يشير المؤلف في هذا الفصل إلى الآثار التي نتجت عن خط الانحراف السابق، وخاصة في القرنين الأخيرين من الزمان حتى نرى كيف وصلنا إلى واقعنا المعاصر الذي نعيش في هذه اللحظة، ويفصل ذلك في عدة أبواب.

ويذكر أن التخلف العقيدي كان أول هذه الآثار، فقد ضمرت العقيدة تدريجياً في حسّ الناس وواقع الحياة حتى أصبحت في النهاية  تقال ولا تعمل، وصار عند الناس إسلام بلا أخلاق حتى وصل الأمر إلى ذروته في القرن الأخير خاصة حيث نحيت الشريعة الربانية عن الحكم على يد الغزو الصليبي الحديث.وفي الباب الثاني يتحدث المؤلف عن التخلف العلمي والحضاري والاقتصادي والحربي والفكري والثقافي.. فبعدما تخلف المسلمون عقيدياً، طردوا ما ازدهر في عصور الإسلام الأولى من علوم الفلك والطب والكيمياء من معاهدهم ليقتصروا على العلوم الشرعية مع ما في دراستهم للعلوم الشرعية ذاتها من تخلف، وتفشت الأمية والجهل.ومن أسباب هذا التخلف: التقاعس والتواكل والضعف العلمي ووهن العزائم والانصراف عن عمارة الأرض والرضى بالفقر على أنه قدر من الله لا ينبغي السعي إلى تغييره خوفاً من الوقوع في خطيئة التمرد على الله..

أما فيما يتعلق بالحقد الصليبي، فقد بين المؤلف كيف أن أوربا رغم أنها هجرت دينها إلا أنها ما زالت تشعر بالحقد الصليبي تجاه المسلمين.ثم يتحدث المؤلف عن دور محمد علي باشا الذي تعاون مع فرنسة ضد الخلافة العثمانية وكيف بدأت البعثات العلمية لفرنسة بدون تخطيط وتحصين للشباب الموفدين الذين حملوا معهم علوم العصر وفساده في نفس الوقت مثل رفاعة الطهطاوي.ثم يتحدث المؤلف عن دور الاحتلال البريطاني وإفساده وسائل التعليم، ومهاجمة عقائد الإسلام عن طريق الصحافة المستحدثة، وإشاعة الفاحشة عن هذا الطريق، ومهاجمة المرأة المسلمة وحجابها. وتحدث كذلك عن قضية تحرير المرأة، وبين أن القضية ليست قضية تحرير المرأة ولا قضية الرجل وإنما هي قضية الأمة الإسلامية كلها بجميع رجالها ونسائها وأطفالها وحكامها وعلمائها وكل فرد فيها. وذكر كيف أن مظاهرة النسوة في ميدان قصر النيل أمام ثكنات الجيش الإنكليزي عام 1919 كانت مسرحية قادتها صفية هانم زوجة سعد زغلول، إذ سارت المظاهرة حتى وصلت أمام الثكنة وإذا بالنساء يُلقين بحجابهن على الأرض ويدوسونه، ومنذ ذلك اليوم سمي الميدان بميدان التحرير، ليس تحرير مصر من عساكر الإنكليز، ولكن تحرير المرأة المصرية من حجابها.لقد كانت المرأة مظلومة فعلاً ووضعها بحاجة إلى تصحيح لرد الكرامة إليها، ولكن تصحيح ضمن مثل الإسلام، وليس خروجاً عليه.

الفكر والأدب

قام الإنكليز بتخريج جيل من الزعماء في اتجاهات مختلفة منهم: لطفي السيد، قاسم أمين، محمد عبده، سعد زغلول، الذين كانوا كلهم من رواد صالون نازلي فاضل، وهي أميرة متحررة من أميرات أسرة محمد علي، كان من أكبر رواد صالونها اللورد كرومر نفسه. وكانت الساحة خالية من القادة الطبيعيين لهذه الأمة وهم عُلماء الدين، وعلى العكس فحتى الشيخ رشيد رضا ومحمد عبده، كانوا يقدمون فتاوى تبريرية لا تبيّن موجبات التوحيد على الصورة الربانية التي عرفها السلف الصالح. وقام بعض المفكرين يدعو لأخذ الحضارة الغربية بخيرها وشرها وحلوها ومرّها كما قال من بعد طه حسين.

الانقلابات العسكرية واستخدام الاشتراكية لحرب الإسلام

ثم يذكر المؤلف كيف خطط البيت الأبيض لأن يستعين بالنظم الاشتراكية في ضرب الإسلام، واستعان في ذلك بأعوان وحدد لهم خطوطاً للعبة، فإذا اغتروا بأنفسهم وظنوا أنهم قوة حقيقية وأقاموا انقلاباً شيوعياً، تذبحهم أمريكا ذبحاً كما صنعت في أندونيسيا عام 1965 وفي السودان عام 1970.

الصحوة الإسلامية

غفل أعداء الإسلام عن أن الذي يدبر الأمر في هذا الكون العريض كله ليسوا هم، إنما هو الله. وغفلوا كذلك عن أن هذا الدين هو دين الحق الذي ينبض به قلوب المسلمين. وقد ميّز هذه الصحوة في الربع الأول من القرن العشرين:

1 – أن الذين يحملون هذه الدعوة هم الأفندية وليسوا المشايخ.

2 – أنها لا تقف موقف الجمود من الحضارة الغربية ترفضها جملة، أو تقبلها جملة، وإنما تكررت عملية الانتقاء من الحضارات التي حصلت في تاريخ المسلمين الأوائل.

3 – أنها تقول للناس: إن ما أصابهم من التخلف في جميع الميادين ليس سببه الإسلام، إنما سببه البعد عن الإسلام.

4 – انتشارها انتشاراً كبيراً في صفوف المثقفين بالثقافة الحديثة من أطباء ومهندسين وطلاب جامعة في شتى الاختصاصات.

ولقد أثار ذلك مخاوف الإنكليز منذ البداية فضغطوا على النحاس باشا ليمنع ترشيح حسن البنا عن دائرة الإسماعيلية.. وتوالت الأحداث من اعتقال وتعذيب وتشريد بعد أن اجتمع سفراء الدول الأجنبية مع قواد القوات البريطانية في مدينة (فايد) بالإسماعيلية وأرسلوا إنذاراً إلى الحكومة المصرية بضرورة حلّ جماعة الإخوان المسلمين. وبلغت الأحداث ذروتها بمقتل الإمام الشهيد عام 1949 ثم تكررت الضربة ضد الإسلام على يد حكام عسكريين يتسمون بـ:

1- جنون العظمة.

2- قسوة القلب.

3- بغض الإسلام.

وأقام عبد الناصر مذبحتين للمسلمين من أبشع مذابح التاريخ: الأولى عام 1954 – 1955 والثانية عام 1965 – 1966، وعندها تفرق عدد كبير من التجمع الذي كان قد تحلق حول الإمام الشهيد ولم يثبت للضربة القاصمة إلا الذين تربوا بالفعل على يد الإمام الشهيد والذين كان –في تقسيمه- يسمّيهم الإخوان العاملين.

الثغرات

لقد كان في البناء الضخم الذي أقامه حسن البنا بعض الثغرات التي ظلت تعطي تأثيراتها بشكل سيّء في خط السير:

أولها: الاستعجال في التجميع الجماهيري، ويرد ذلك إلى أمرين:

أ – افتراض أن القاعدة الإسلامية موجودة بالفعل والمطلوب تجميعها وليس إنشاؤها.

ب – عدم التقدير الكافي للقوة المطلوبة لمواجهة الصليبية العالمية والصهيونية العالمية من جهة، والأحداث الداخلية من جهة أخرى، وقد كان الجيل الذي رباه حسن البنا فائقاً في الروح الفدائية وروح الأخوّة العميقة، لكنه كان مفتقراً لكثير من الوعي السياسي.

ثانيها: التعجل في إظهار قوة الجماعة في المظاهرات واستعراضات الجواّلة، والخوض في القضايا السياسية المثارة، ودخول حرب فلسطين.

ويشير المؤلف إلى أن أولى الخطوات الواجبة هنا لإقامة القاعدة الإسلامية المطلوبة هي إزالة هذه الجهالة من حياة الناس وتبصيرهم بحقيقة لا إله إلا الله.

واقع الصحوة الإسلامية

هناك ظاهرتان على الساحة: إحداهما تدعو للتفاؤل، والأخرى تثير الأسى في نفوس الدعاة المخلصين:

الأولى: اتساع القاعدة، واتجاه مزيد من الشباب للإسلام.

الثانية: تبعثر العمل الإسلامي وتفرقه، وكثرة الجماعات التي تعمل في الساحة.

ويعزو المؤلف سبب التبعثر هذا إلى غياب القيادة الكبيرة التي تطمئن لها النفوس، وإلى أن معظم الشباب المقبل على الدعوة اليوم تربى على الكتب والقراءة ولم يترب داخل جماعة واحدة على يد قيادة تقوده وتعلمه وتربيه. ثم يذكر أنه من خلال التجربة والمعاناة سيعرف الناس أي هذه الدعوات المتناحرة أكثر إدراكاً لحقيقة الإسلام الشاملة.

قضية الحكم على الناس

يشير المؤلف إلى أن قضيتنا الأولى والكبرى ليست هي الحكم على الناس بأنهم كفار أو مسلمون، إنما هي قضية تعليمهم حقيقة الإسلام، علماً أن هذه الكتل المضيعة من الجماهير لن تعارض الحكم الإسلامي حين يقوم سواء بدافع السلبية المستولية عليها أو بدافع العواطف الدينية التي تستولي عليها حين يُذكر الإسلام.

منهج الحركة

مع اختلاف الجماعات العاملة في حقل الإسلام اليوم، فإن هناك أمراً مشتركاً يجمعها، وإن اختلفت مناهجها وهو التعجل. فالشباب يتعجلون الوصول إلى الحكم بالقوة، والشيوخ يتعجلون بمحاولة التأثير على الأحداث من خلال الأجهزة السياسية التي تسيطر على حياة الناس.

وللمؤلف حفظه الله، رأيه الخاص في خوض تجربة البرلمانات وهو يرى أنها تميع القضية بالنسبة للجماهير، وهذا الطريق عبث لا يؤدي إلى نتيجة قبل أن تكون القاعدة المسلمة ذات حجم معقول، ولم يحدد ما هو الحجم المعقول في تصوره بالنسبة لوضع الجماعة الإسلامية اليوم. وينتهي المؤلف إلى أنه لابد من ارتياد الطريق الطويل المجهد الشاق البطيء الثمرة "طريق التربية" فالصدام مع السلطة قبل الوجود الحقيقي للقاعدة المسلمة عملية انتحارية، وأحداث حماة مأساة العصر خير شاهد على ذلك، والتسلل إلى داخل الأجهزة السياسية قبل وجود القاعدة عملية عبثية، والبحث عن الحلول العملية للمشاكل المعاصرة قبل وجود القاعدة صرف للجهد بلا طائل.

ما المقصود بالتربية

ربى حسن البنا، رحمة الله عليه الإخوان العاملين على الأخوة المتينة والروح الفدائية الصادقة، والجندية الملتزمة، وحرر (لا إله إلا الله) في حسّهم من تواكل الصوفية والإرجائية، ولكنه رباهم ليكونوا جنوداً لا ليكونوا قادة بعد ذهاب قائدهم، كما ربى الرسول (صلى الله عليه وسلم) الصحابة رضوان الله تعالى عنهم أجمعين.

ينبغي أن يكون هناك توازن بين الروح الفردية والروح الجماعية عند أفراد الجماعة، وأن يكون لدى المسؤولين عن التربية التجرد الكافي للدعوة الذي يجعل مصلحتها فوق ذواتهم ومصالحهم.

قد يقول البعض: وما جدوى التربية ونحن كلما ربينا جيلاً قضى عليه الأعداء، ولكنهم لو نظروا إلى الواقع المشهود لرأوا أنه بعد كل مذبحة تزيد القاعدة توسعاً على الدوام.

السمع والطاعة

يشير المؤلف إلى أن الطاعة مطلوبة في صف الجماعة على أن تنضبط بضابطها الشرعي "إنما الطاعة في المعروف" والقيادة المطلوبة اليوم في الظروف الدقيقة الراهنة هي القيادة التي تستطيع أن تُعطي الشحنة التربوية كاملة، وفي الوقت نفسه تقول للناس: كفّوا أيديكم فيطيعون دون أن يخبو حماسهم للعمل الإسلامي، وأن يأكلهم الضياع واليأس ولا شك أن هذه مهمة صعبة ومعادلة صعبة.

التطرف

إن الذي أوجد التطرف هو الحكومات التي لا تحكم بما أنزل الله ثم تقوم بتذبيح المسلمين وتقتيلهم حين يُطالبون بتحكيم شريعة الله. والذين يحاربون التطرف هم حقيقة لا يريدون الاعتدال وإنما يريدون ثني الشباب عن المطالبة بتحكيم شرع الله، ولا يمكن القضاء على التطرف إلا بإزالة أسبابه أي باستجابة الحكام لأمر الله لهم أن يحكموا بما أنزل الله.

نظرة للمستقبل

إن الصحوة الإسلامية حقيقة واقعة تبعث الأمل في المستقبل، كما أن العالم الإسلامي يمر بفترة سيئة في الوقت الحاضر. إن سنة الله غالبة بنهاية الحضارة الغربية، ولكنها لن تنهار بالسرعة التي يتخيلها بعض الناس، لما تحمل من قوة العلم، والصبر على العمل، وعبقرية التنظيم، والروح العملية لحل المشاكل، ولكنها مع ذلك لا تملك التوقف عن الانهيار الذي هو صائرة إليه حسب السنن الربانية ما دامت مصرة على معاندة كل ما يأتي من عند الله.

الوجود اليهودي في الأرض الإسلامية اليوم رافد من روافد الصحوة الإسلامية، فاليهود رغم ذكائهم الشرير يعملون ضد مصالحهم، فهم يذلون المسلمين ويتوسعون على حسابهم، وهم ينشئون بذلك رد فعل دائم يتزايد باستمرار، إن بواعث الصحوة كلها موجودة منها ما هو قائم ومنها ما هو قادم في الطريق والله هو الذي يدبر الأمور.

وهكذا يختتم المؤلف حفظه الله وأمدَّ في عمره هذا السفر النفيس بما فيه من عمق في التفكير، وأصالة في الانتماء، وثبات على دعوة الحق.

ونحن إذ نشكر لمؤلفنا الكريم هذا الجهد الرائع كنا نتمنى عليه لو أنه قام بتوثيق الحوادث التاريخية التي يسردها والشواهد الفكرية والدينية التي يذكرها، فذلك يزيد من قيمة الكتاب العلمية بالإضافة إلى قيمته الدعوية.

ونحن قد لاحظنا اعتذار المؤلف عن ذلك بفقدانه لما جمعه من قصاصات الصحف والمصادر في ظروف المحنة التي مرت على الدعوة في مصر، ومع ذلك فنحن نطمح إلى أن يتدارك المؤلف هذا النقص في الطبعات التالية من هذا الكتاب حتى يتم به النفع.

والحمد الله رب العالمين