معجم إعراب مفردات ألفاظ القرآن
"
معجم إعراب
مفردات ألفاظ القرآن"
جهد لغوي بارز ومدخل
بحثيّ
تأليف:وضاح يوسف الحلو | |
عرض : فواز دحروج |
جهد كبير ومكثف بذله سميح عاطف الزين في إعراب مفردات اللغة
العربية في القرآن
الكريم، جامعاً بين أصول النحو والاعراب في القرآن وذهنية
الباحث والقارىء
المعاصر.ترتيب هذا المعجم بجزءيه(*) الضخمين انجز على
نحو الفبائي ليسهل على قارىء
القرن الحادي والعشرين ايجاد مفاتيح لغوية لعالم
الإعراب اذ رأى المؤلف ان علم
النحو لا يقلّ ضرورة عن علم التفسير بل أنهما
مرتبطان.إن إعراب مفردات الفاظ القرآن الكريم ضرورة ما دامت اللغة العربية
الفصحى هي
اللغة التي نزل بها كتاب الله، وان فضل الإعراب لا يقتصر على فهم
النص القرآني
بل
هو أساس حتمي في حفظ الروابط الفكرية - الاسلامية بين الاجيال
المتباعدة
زماناً ومكاناً. ويرى المؤلف ان من الامور الطبيعية التي حتمتها
اسباب الحياة،
والمسلّمات التي فرضتها ظروف العيش ان يحصل
التواصل.يتناول سميح عاطف الزين خاصية خلق النطق كخصيصة من مزايا الانسان
الذي يتميز
بالكلام المرتبط بالعقل. وبما ان النطق خاصية مميزة للانسان، واللفظ
هو
تعبيره،
بات
بحكم الضرورة عدم إمكان استغناء الانسان عنه، اي عن النطق،
فاستخدمه ليشمل جميع الموجودات المحسوسة، وجميع المعلومات الممكنة او الممتنعة،
وذلك كله من
خلال الالفاظ.يقول سميح عاطف الزين: "ومن وقائع الحياة بكل
تشعباتها نستقي اهمية النطق، وما
له
من تأثير على العلائق والتعامل بشتى
اشكاله، وصوره ان على الصعيد الفردي او
المجتمعي، وان على الصعيد الداخلي او
الخارجي. وما تجدر الاشارة اليه هو ان
اللفظ غير الفكر الذي نحكم به على الواقع
بعد
نقل هذا الواقع الى الذهن بواسطة
الحواس".يبحث سميح عاطف الزين في
المراحل التي اجتازتها لغات البشر فيرى، كسواه، بأنها
نشأت ناقصة، ساذجة، مبهمة
في
نواحي اصواتها ومدلولاتها وقواعدها ثم سارت
بالتدريج في سبيل الارتقاء.
ويوجز المؤلف آراء العلماء على الشكل الآتي:
-
مرحلة الصراخ.
-
مرحلة
المد، وفيها ظهرت اصوات اللين.
-
مرحلة المقاطع، وفيها ظهرت الاصوات
الساكنة.
ويسرد المؤلف آراء نخبة من علماء اللغة لها رأي مغاير إذ نظروا الى
الموضوع من
ناحية مفردات اللغة، ودلالة بعضها على معان جزئية، وبعضها الآخر على
معان كلية.
وهنا يورد المؤلف مضامين اشهر نظرية بهذا الصدد هي نظرية العلامة
ريب
و التي
تقرر ان الصفة هي اول ما ظهر في اللغة الانسانية ثم تلتها اسماء
المعاني،
وأسماء الذوات ثم ظهرت الافعال، وبظهورها دخلت اللغة الانسانية في اهم
مراحل
رقيها ثم اختتمت مراحل الارتقاء بظهور الحروف. ثم هناك نظرية شليغل الذي
قسّم
اللغات الانسانية ثلاثة اقسام:
1-لغات
متصرفة او تحليلية مثل
اللغة العربية.
2-
لغات لصقية او وصلية مثل اليابانية او التركية.
3-لغات غير متصرفة مثل اللغة الصينية.
يبحث علم اللغة في كشف القوانين التي
تخضع لها الظواهر اللغوية في مختلف
اشكالها ومناصيها. واهتدوا الى طائفة كبيرة
من
هذه القوانين، منها ما يتعلق
بالاصوات، ومنها ما يتعلق بالدلالات، ومنها ما
يتعلق بحياة اللغة، ومنها ما
يتعلق بوظائفها:
لا
تسير الظواهر اللغوية
وفقاً لارادة الافراد والمجتمعات انما تسير وفقا
لنواميس لا تقل في ثباتها عن
النواميس التي تخضع لها ظواهر الفلك والطبيعة. ليس
في
قدرة الافراد او الجماعات
ان
يوقفوا تطور لغة ما، ومهما بذلوا من قوة في
محاربة ما قد يطرأ عليها من لحن
او
خطأ او تحريف فانها لا بد من ان تفلت من هذه
القيود، وتسير في السبل التي
تحملها على السير فيها سنن التطور والارتقاء التي
ترسمها قوانين
اللغة.ويرد بعض الباحثين نشأة اللغة العربية الفصحى وتكاملها الى هجرة بعض
القبائل
اليمنية الى الحجاز، ومن تلك القبائل (جُرهم) التي تزوج منها اسماعيل
الذي كان
ابناؤه نواة العرب المستعربة نحو 1900ق.م ويرى الباحثون ان اللغة
العربية
اندمجت باللغة اليمنية بعد انهيار سدّ مأرب 115 ق.م تغلغل اليمانيون في
بلاد
العدنانيين، وخالطوا شعوبها بعدما حملوا معهم لغتهم السبئية او الحميرية،
وأدى
ذلك
الاختلاط الى اندماج اللغتين خلال عملية تاريخية امتدت 500 سنة ثم
تكونت
منها لغة عربية واحدة هي التي جاء بها الشعر لجاهلي.
وهكذا صارت
قريش افصح اللسان العربي، واشدّه بلاغة، واكثره متانة، كما كانت
قريش تأخذ أعذب
الالفاظ من اللهجات الاخرى، وأجمل ما تحويه ثم تضيفه الى ما
عندها من فصيح
الكلام حتى صارت لغتها ام اللهجات العربية، ولغة العرب الفصحى.اللغة
العربية اشتقاقية، استطاعت ان تحمل رسالة السماء وكلمات الله. ان اللغات
التي
اتصلت بالعربية (اي من عائلتها) هي السريانية، العبرية، الفينيقية،
الاشورية،
البابلية والحبشية. وزمن نزول القرآن وظهور الاسلام كانت هناك القبطية في مصر،
النبطية في العراق، والرومية في الشام، والفارسية القديمة في
فارس.اللغة العربية، كما ذكرنا اشتقاقية تقوم على ابواب الفعل الثلاثي،
وتحتوي على
اربعمئة الف كلمة، ومعجم لسان العرب يحتوي على ثمانين الف كلمة،
بينما لا
يتجاوز عدد كلمات الفرنسية او الانكليزية المئة الف كلمة. لذا جاء
القرآن
عربياً بلغة عربية مبينة (إنّا جعلناه قرآنا عربيا)، ومن يعرف حقيقة
القرآن
يدرك انه اشتمل على الفاظ قيل انها مأخوذة من لغات اخرى، لكن ذلك لم
يغيّر من
طبيعته شيئاً. ومن تلك الالفاظ لفظة "مشكاة" وقيل انها هندية الاصل،
وقيل انها
حبشية، وتعني الكوّة. ولفظة "القسطاس" وهي رومية وتعني الميزان،
ولفظتا "الاستبرق
وسجيل"، والاولى تعني الديباج الغليط، والثانية الحجر من
الطين، وهما
من
الالفاظ الفارسية.يقول الاديب فيليب دي طرّازي (مؤرخ
لبناني مؤسس المكتبة الوطنية في بيروت): "ان
القرآن هو الكتاب الوحيد الذي
احتفظ بلغته الاصلية وحفظها على قيد الحياة،
وسيحفظها على مر العصور". استمر
تنزيل القرآن ثلاثاً وعشرين سنة، وبعد وفاة
الرسول قام الصحابة بواجب الجهاد
المقدس من اجل القرآن الذي نزل بلغة قريش
المأخوذة من لغة مُضَر، وكانت لغة
مُضَر تنتظم لغات سبعا لقبائل سبع هي: هذيل،
كنانة، قيس، ضبّه، تيم الرباب، اسد
بن
خزيمة، وقريش. ومثل القرآن هذه اللغات
السبع كلها مفرقة، لكل لغة منه نصيب،
وهو
اول الاقوال بتفسير الحديث: "نزل
القرآن على سبعة احرف"، ومرّ تدوين القرآن
في
مراحل ثلاث:
1-حياة النبي.
2-
تكليف عمر وابي بكر زيد بن ثابت
جمع
المصاحف.
3-
ايام الخليفة عثمان بن عفان الذي اسند مهمة جمع القرآن الى
زيد
بن ثابت،
وسعيد بن العاص.
ويختم المؤلف سميح عاطف الزين: "(...)
لسنا على يقين من ان علم النحو أسبق على
علم
لتفسير او انه اتى بعده مباشرة،
ولكن من الثابت ان علم النحو لم يتخلف
كثيراً عن علم التفسير".
هوامش :
(*)
صدر لدى "الدار الافريقية العربية" التابعة لـ"الشركة
العالمية للكتاب"،
بيروت، ،2003 في جزءين من القطع الكبير
وتجليد