لا تخف
كتاب صدر أخيراً عن مركز التفكير الحر للكاتبة السورية المبدعة (إيمان محمد) يتكون من مئة وثمانٍ وسبعين صفحة من القطع المتوسط ، قسمته الكاتبة إلى :
مقدمة ، عشرة فصول ، خاتمة .
تحدث الكتاب عن حوار يدور بين (الأمان) وبين (الخوف) ومساعده (قلق) في زمن الثورة السورية التي نعيشها الآن ..
كان حواراً رائعاً جعلت من الخوف رجلاً له مكتب ضخم ومؤمن بكل وسائل الأمان حتى لا يصاب بأدنى أذى جراء القصف الغاشم على الأحياء والمدن السورية عامة .. وقد أبدعت في وصف حالتها حين سجنها الخوف في مكتبه لساعات عدة في الظلام كي تؤمن بقوته وجبروته ، لكنها كانت الأقوى منه وهزمته .. أثبتت أن الخوف حين يسطر سلبياً على الإنسان فإنه يشل من حركته ويضعفه ، بينما إن فهم معنى الخوف الحقيقي في الدين والشرع وهو الخوف الذي يدفع الإنسان إلى الأمام والعمل من أجل بناء نفسه وأمته ومن ثم الفوز بالجنة ..
وأوضحت أن الحكومة قد ربت أبناءها على الخوف السلبي فجعلتهم يريدون أدنى أسباب الحياة وهي المأكل والمشرب والمبيت فقط لا غير .. عيشة والسلام .. كالأنعام .. ولكن مع الثورة السورية تكسرت هذه المفاهيم وصار الخوف دافعاً للنجاح والعمل والتضحية حتى لا تضيع دماء الشهداء هدراً ولا تباع البلاد قهراً .
واستشهدت على كلامها بآيات قرآنية جليلة كلها تتحدث عن الخوف .. لكنه خوف إيجابي غير سلبي ..
كم أحببت وصفها للأمن بقولها :
(الأمن .. صلح مع النفس ينعكس صلحاً مع الله ، وأثراً طيباً في الناس)
(الأمن طفلة تعانق دميتها بهدوء دون أن تلاحقها كوابيس أسرة مشتتة ، أو مشهد وطن منتهك ، أو آلام قلب لعاطفة مفقودة)
وبعد حوار طويل أُنهكت فيه (الأمان) وتعبت من أساليب (الخوف) الكريهة ومدى حقده على الأمة المستضعفة ووقوفه مع الظالم ضد المظلوم .. أخيراً يقرر (الخوف) قراراً خطيراً وهو الرحيل عن الأراضي السورية وأنه سيعود إلى لقاء (الأمان) لكن بوجهه الآخر الحقيقي الذي جبله المولى عليه وهو الخوف الإيجابي الذي يصنع منك الإنسان الحق ويدفعك للنهوض والإصلاح ، الخوف كما قالت الكاتبة رفيق العلماء لعمارة الأرض وتحقيق دور الإنسان المستخلف فيها .. كما أن الخوف عبادة فالصلاة أساس لتغيير العالم والقرآن منارتنا ، قال تعالى في سورة النحل الآية (50) : [يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون] صدق الله العظيم ..
مثل هذه الأعمال تعطي الإنسان دافعية نحو العمل والجهاد والإخلاص لله تعالى ونبذ الخوف وراء ظهره والسعي بقوة الإيمان لتحقيق النصر المنشود بتوحيد الصفوف والقلوب.
وسوم: العدد 698