مسرحية: "المنعطف الأخير"
مسرحية: "المنعطف الأخير"
للكاتب السيد إبراهيم أحمد
السيد إبراهيم أحمد
صدر عن "حروف منثورة للنشر الإليكتروني مسرحية: المنعطف الأخير للكاتب السيد إبراهيم أحمد، وتقع في 34 صفحة، ويقوم العمل على شخصيتين، هما: اللص، وصاحب الشقة.
أما من ناحية المقدمة المنطقية للمسرحية، أو الفكرة التي تدور حولها، فيناقش الكاتب تلك الجدلية الكبرى التي تلازم البشر على اختلاف مجتمعاتهم ألا وهيَّ الصراع الدائر بين الغني الجامح والفقر الجائح، تلك التي قصمت ظهور الرجال، وأفسدت الضمائر، وأوردت أجيال في المهالك..
يحاول الكاتب من خلال هذا العمل رصد هذه الفجوة الظاهرة بين الطبقة البرجوازية عمود المجتمع وسنامه، وطبقة الملاك من السادة الذين أسلم لهم الواقع خطامه، وتملكوا أدواته، من خلال شخصيتين تمثلان كلا الطبقتين.
أفلت الكاتب من واحدية المكان والزمن بالاستعانة بكوميديا الموقف التي تواكبها بعضٍ من العامية الراقية التي تصنع التناقض وتنميه، وحوارية تعري المجتمع عندما تناقش الواقع ثم تقدم بعض الحلول، فكانت المسرحية أشبه ما يكون بــ "فانتازيا" خلَقتها الوقائع التي فاقت الخيال، وقد يصنفها بعضهم ضمن "البلاك كوميدي" لتضافر الطبيعية بالواقعية فيها معًا.
والمسرحية تتوازى مع فاوست جوته وعَقْدِه مع الشيطان الذي انتهى به إلى الضياع بقدوم "ميفستوفيليس" ليأخذ روحه، ولم يشفع له الندم والبكاء والحوار، بيد أن البطل في العمل الذي نحن بصدده يأتي مغايرًا لفاوست؛ فلم يستسلم ــ رغم انحرافه الجزئي القسري ــ لشهواته وتطلعاته، وأن الحوار قد يفلح مع الشيطان.. أما "الموت/المنعطف الأخير" في حياة الإنسان فلا يفلح معه تلك المحاولة.
فكأن الكاتب بمسرحيته تلك يدق جرس الإنذار منحازًا لطبقته البرجوازية من الوقوع في مهلكة الإفساد، ومنتصرًا للإنسانية في العموم من الجنوح إلى هاوية الطمع اللامتناهي، عساها تدرك قبل منعطفها الأخير مصيبة التمادي في هذا الظلم البين، فتحاول من جديد بث روح العدالة، والمساواة، والرحمة بين عموم البشر.
وقد اقتطعتُ حوارية تؤيد الفكرة التي تدور حولها مسرحية المنعطف الأخير، والتي تخلص فيها الكاتب من الوعظ المباشر، بل سار على نفس الخط الدرامي للعمل من مبتداه إلى منتهاه، كما شهد بهذا أكثر من قرأوا العمل ونقدوه:
اللص : (وقد تخلص من قبضته) اهدأ وسأجيبك..
أنا لست لصًا على الإطلاق، وإنما جارٌ لك، لا ليس هنا،
ولكن بالحي القديم الفقير المقابل لحيكم الغني الذي تطلون
عليه، وعندما أشرب شاي العصاري ببلكونة بيتي الخشبية
أنا وزوجتي أضحك وأنا أخبرها بأننا أذكى منكم لأننا
نستمتع برؤيتكم بلا مقابل، بينما أنتم دفعتم الألوف لتسكنوا
هنا وتطلون علينا، نعم نضحك ثم نتحسر .. حتى قارب
الموقف على الاشتعال..
صاحب الشقة : ولماذ يشتعل الموقف؟!
اللص : متناقضان يتواجهان يوميًا.. الفقر المدقع، والغنى المتبجح،
قنبلة موقوتة تتحرك على ساقين..داخل كل صدر.
صاحب الشقة : (يصفق) محاضرة اقتصادية اجتماعية لا بأس بها
يا بروفيسور..لم نتعارف .. ما اسمك؟
اللص : ليس مهمًا اسمي، بل ليس مهمًا أن نتعارف فلن نتقابل
ثانيةً..
(يجلس وهو يضع رجلاً فوق رجل.. وينظر إليه مليًا)..
أنت الذي فرضت نفسك على واقعي..
صاحب الشقة : (مندهشًا).. أنا.. أنت مجنون.. ومالي بك؟!..فهمني..
اللص : مروقك بسيارتك الفارهة وأنا في طريقي للعمل، كأنك
تصفعني على وجهي، فألعن عجزي، وأثور على حالي،
حتي سمعت ذات مرة من أحد العمال بالأبراج جمعتني
به جلسة على المقهى ما حباك الله به، فاستغربت سنك
ووظيفتك العادية حتى ذكرت اسمك لزميل لي في العمل
فاتهمني بالجهل، وحكى لي عن أعمالك المشبوهة،
وكيف كنت، وعن أصلك الـ..
صاحب الشقة : (مقاطعًا) اخرس.. ولا تعود لوقاحتك..