الفنان المبدع: عبد الكريم الكابلي السوداني
فنون: مبدع من الزمن الجميل
الفنان المبدع: عبد الكريم الكابلي السوداني
توثيقي للفن السوداني
سليمان عبد الله حمد
عبد الكريم عبد العزيز محمد عبد العزيز بن يوسف بن عبد الرحمن من مواليد مدينة بورت سودان في العام 1932 م تزوج والده بمدنية القربات من صفية إبنة الشريف من أشراف مكة اللذين هاجروا للمغرب ثم جاءو للسودان لنشر الدعوة الاسلامية ، نشأ وشب في مرتع صباه ما بين مده بورت سودان وسواكن وطوكر والقلابات والقضارف وكسلا 000 تلقي دراسته الشيخ الشريف والمرحلة الأولية والوسطى بمدينة بورت سودان والمرحلة الثانوية بمدينة أمدرمان بكلية التجارة الصغرى (سنتان) وبعد أن تخرج منها ألتحق بالمصلحة القضائية بالخرطوم وتعين في وظيفة مفتش إدارى بإدارة المحاكم وذلك في العام 1951 م وعمل بها لمدة أربعة سنوات ثم تم نقله إلى مدينة مروى ومكث بها لمدة ثلاثة سنوات إلى أن تم نقله مرة أخرى إلى مدينة الخرطوم واستمر بها حتى وصل إلى درجة كبير مفتشي إدارة المحاكم في العام 1977 م وبعد ذلك هاجر إلى المملكة العربية السعودية ليتعاقد مع إحدى المؤسسات السعودية مترجما في مدينة الرياض في العام 1987 م ولم تستمر غربته طويلا حيث عاد إلى السودان في العام 1981 ليواصل رحلته الإبداعية 0
جاء عبد الكريم الكابلي من شرق السودان الجميل .. تلك البقاع المترعة بالفن والزاخرة بالجمال والبهاء ، فالبحر الأحر ... أغرودة ... وكسلا الوريفة .. زغرودة .. وأرض البطانة قيثارة تبث جميل الكلام وروائع الشعر الشعبي ، وقدمت هذه المنطقة لوطننا .. وطن الفن الإبداع كوكبة من المبدعين من بينهم المبدع حسين بارزعة وأبو آمنة حامد وكجراي والحلنقي... وفي لقاء مع الأستاذ السر قدور خلال لقاء برنامج تلفزيوني إن ابراهيم الكاشف ينتمي إلى مدرسة البحر الأحمر التي ينتسب إليها الأستاذ الكابلي أيضاً وتلألأ نجم الكاشف في عاصمة الجزيرة ، وانتقل الكابلي إلى مدرسة التجارة بإم درمان التي كانت النبع الثر الذي يغذي المصارف السودانية ودوائر المال والحسابات ودنيا الأعمال بالموظفين والمحاسبين الأكفاء ، ثم ألتحق بالهيئة القضائية وقضى فترة في محكمة مروى .. وهام بهذه المدينة الجميلة .. ومجدها (أوبريت مروي) وهو أشبه بثوب قشيب بالألوان والظلال الزاهية ويعتبر إضافة حقيقة للمكتبة الغنائية السودانية ولم يكن انتقال الكايلي من شرق السودان حدثاً عابراً لا يؤبه له ، ولمن يكن إضافة فرد واحد لتعداد حاضرة السودان ، ولكنه شكل حضوراً فاعلاً ، واسهم بقدر وافر في دفع حركة الفن في البلاد واستطاع بما لديه من فن أصيل وغنائية متفردة ودراية بروائع الفنون الشعبية السودانية وبعيون الشعر العربي الرقيق ودرر الشعر الغنائي السوداني أن يساعد على تشكيل وجدان الشعب السوداني ، فقد تعلق أهل السودان بفنه ، لانه طرق باب التراث الشعبي وأنتقى منه أجود الدرر الغوالي التي قدمها لعشاق فنه في أطباق من ذهب ..
عبد الكريم الكابلي شاعر وملحن ومطرب وباحث في التراث الشعبي السوداني ، ظهرت موهبته الصوتية الغنائية وهو بالمرحلة الدراسية المتوسطة بمقسط رأسه ببورت سودان ، وجاء على لسان أستاذه ضرار صالح ضرار بأنه أثناء أداء التلاميذ للأناشيد المدرسية ، كان يسمع صوتاً ندياً لحد التلاميذ من خلفه ، وعندما يلتفت ليتحقق من مصدر الصوت الرخيم ، وأصر على ضمه إلى مجموعة الأناشيد ، ومن الأشياء التي برز فيها في تلك ا لفترة ، ونقصد بها بدايات الكابلي ، تعلم الكابلي العزف على آله (الصفارة) وهي من آلات النفخ البسيطة ، وقد أهلته إجادة للعزف عليها بأن أصحبت فقرة لازمة في كل نشاط تقوم به المدرسة وفي السنة الأخيرة من تلك المرحلة تعلم العزف على آله العود ، ثم التحق بكلية التجارة الثانوية الصغرى بأم درمان وواصل العزف مقلداً لكبار أهل الطرب والغناء في ذاك الوقت 0
كان كابلى يغني لزملائه وأصدقائه فقط ، وبعد تخرجه ألتحق بالمصلحة القضائية في وظيفة كتابية وواصل العزف والغناء للأصدقاء حتى تمكن من وضع الكلمات والألحان لأول أغنية له وكانت بعنوان (يا زاهية ) أهداها للفنان عبد العزيز محمد داؤود الذي تغني بها ، وأعتبرت المرحلة الذهبية للكابلى هي تلك التي وقف فيها أمام الزعيم جمال عبدالناصر في عام 1960 م يغني أنشودة (لأسيا وأفريقيا) .
وهي تمجد لظهور حركة عدم الإنحياز ومؤتمر باندونج بأندونيسيا ، وفي نفس العام جاءت أولى محاضراته عن الغناء الشعبي السوداني بمدرسة المؤتمر الثانوية العليا ، ومع مطلع الستينيات من ا لقرن العشرين بدأت زيارات الكابلي إلى البلاد العربية والأوروبية وغيرها وكما تواصلت محاضراته في دور العلم والمعاهد والمنتديات الثقافية داخل وخارج السودان في أمور الثقافة والتراث الشعبي السوداني هذا إلى جانب تأليفه للشعر العربي فصيحة ودارجة ووضع الألحان لأشعاره وأشعار الآخرين.
الكابلي مستودع الجمال كما يقول المبدع الأستاذ/ حسين خوجلي في برنامجه التلفزيوني (أيام لها إيقاع) كانت حلقات ذات وقع جميل وجرس يأخذ شغاف القلوب.
هذه ومضات وخطفات سريعه من أرشيف توثيق للأغنية السودانية ومبدعيها وسوف يكون لنا لقاء في الأيام القادمات 000 مع صادق مودتي حتى يحين اللقاء مع مبدع من بلادي.