أفلامنا السياسية والدينية ليست تسلية رمضانيه
أفلامنا السياسية
والدينية ليست تسلية رمضانيه
م. هشام نجار
اعزائي القراء
كلما أطلَّ علينا الشهر الكريم رمضان المبارك ,أطلَّ معه عبر حزمة من القنوات التلفزيونيه الأرضيه منها والفضائيه مسلسلات لا قِبَلَ لكم بِعَدِّها او حصرها بحيث يتركوا مواطني الأمه يهرعون بعد إفطارهم مباشرة الى التسابق على الإمساك بالروموت كونترول وكأنه سيجارة العصر لمن أدمن عليها, فبواقي الطعام على مائدة الإفطار مازالت مُكَوَّمة على الطاوله وقد تحلق الجميع حول هذه المسلسلات البريئة منها والمشبوهة يتناقشون حولها فيتفقون تارة.. وتارة اخرى يختلفون.
أعزائي القراء
لن اتكلم عن البريئة والنظيفه منها وخاصة إذا كان عددها محدوداً لا تلهي المسلم عن القيام بفراضه في هذا الشهر كما امر الله سبحانه وتعالى بها.ولكن اوجه اصبع الإتهام الى مسلسلاتنا الغير بريئه والتي تعرض لنا قصصاً تاريخيه او دينيه او سياسيه من وجهة نظر مدعومه بتيار معين لتحقيق مكاسب معينه ومن اهم هذه المكاسب التي يسعون إليها تكريس المغالطات لصالح أنظمة عربيه قد وصلت إلى حاله مترديه من فقدان ثقة شعوبها بها كالنظام المصري لتجميل صورتها ثم الإستناد عليها كنوع من الدعايه الغير مباشره لتكريس حكمها مستغلين هذا الشهر الفضيل إستغلالاً سيئاً للتلاعب بعواطف ابناء الأمه.
في هذا الشهر الفضيل أعزائي القراء.. يوجد ضجه في مصر والعالم العربي حول مسلسل مصري يحمل إسم "الجماعه" لمؤلفه وحيد حامد ومخرجه محمد ياسين ومنتجه شركة "الباتروس" للإنتاج الفني, تَعرَّضَ لإنتقادات شديده من جماعة الإخوان المسلمين ومؤيديها لإنحرافه عن معايير الصدق والأمانه لمجريات هذه الأحداث من وجهة نظرهم , أما إنتقادي الشخصي فينصب على الأمريين التالين طالما ان المسلسل لم ينتهِ عرضه بعد
أولاً- يبدو من عرض المسلسل في هذا الشهر الكريم وبدعم من أجهزه حكوميه قامت بشرائه لصالحها بمبلغ كما قيل يتجاوز العشرين مليوناً من الجنيهات يثير ريبه وإشارات إستفهام عديده حول مرمى هذا المسلسل وغايته في هذا الوقت بالذات,كما يثير تساؤلاً مهماً من جهة تفاهم الوزاره المسؤوله عن التعاقد مع الثلاثي المخرج والمؤلف والمنتج منذ فترة طويله لإنجازه في الوقت المناسب لتحقيق غايات سياسيه
ثانياً -المسلسل يحكي حوادث معاصره مازالت تخص جماعة قائمه وتشكل تياراً في المجتمعين المصري والعربي هم الإخوان المسلمون ثم يأتي إعتراض على حوادثه من قبلهم فهذا حق مشروع لهم.وكان ينبغي حَلّه قبل الشروع اصلاً بهذا المسلسل.
اقول هذا حتى لاتكون افلامنا ومسلسلاتنا التاريخيه والسياسيه والدينيه مجرد لعبه بيد اصحاب السلطه والنفوذ والمال يوجهوننا ببوصلتهم متي شاءوا وكيف شاءوا.فيشوهون تاريخ امتنا بل اكثر من ذلك يُفقدون الشعوب ثقتها بأنفسها وهذا ما يريده تماماَ اعداء هذه الأمه.
واكثر ما يخشاه المرء ان تستمر لعبة المسلسلات هذه لتنتقل الى كل مكونات الأمه من تيارات المعارضه الأخرى. فرمضان اليوم كان عن "الجماعه" ورمضان الغد سيطال حزب العمل ورمضان بعد الغد سيطال حزب الوفد وتستمر اللعبه لتطال الناصريين وحركة كفايه بل كل مكونات الأمه بلا إستثناء عدا النظام ورأس النظام وأبناء النظام وشركات النظام. هذا على فرضيه غير واقعيه طبعاً من ان النظام المصري سيمتد به العمر لعدة رمضانات قادمه بينما الوقائع على الأرض تثبت تفكك النظام وأن إحتمال إنتهاءه هي مسألة وقت لا أكثر.
اعزائي القراء اعود إلى مسلسل "الجماعه" لأقول:إن إعتراض جماعة الإخوان على حوادث هذا المسلسل هو حقٌ لهم ,ولكن دون تفنيدهم لكل فقره من فقراته تفنيداً وثائقياً حتى يبنوا دعواهم على اسس متينه فإن ذلك يُضعف قيمة الإعتراض ,وهذا وما ستُظهره نتائج الدعوى المقامه ضد الثلاثي المؤلف والمخرج والمنتج في الأيام القادمه
بقي لدي إقتراح يتعلق بهذه المسلسلات الهامه
إن إحداث هيئه حياديه تماماً مُنَزَهةٌ عن الهوى ومعترف بها كسلطه مرجعيه كاملة الصلاحيه تضم اساتذة تاريخ ومؤرخين وسياسيين أكادميين وممثلين حقيقيين لأصحاب احداث المسلسل وممثل عن الأزهر في حال كون المسلسل يمس اموراً او شخصيات دينيه إضافة الى مؤلف المسلسل للإتفاق على احداثه بعيداً عن مداخلات السلطه ومخابراتها هو امر مطلوب وهام جداً وذلك حتى يضمن المشاهد وقائع مدروسه مطابقه لمجريات احداث المسلسل ,سواءاً كانت إيجابية في بعض احداثها او سلبية في أحداث اخرى . وفي حال الخلاف على الإتفاق يُبحث هذا الخلاف عن طريق القضاء قبل الشروع بالمسلسل على ان يكون البت في الحكم له صفة الإستعجال
اعزائي القراء
ان بقاء عرض مسلسلاتنا الرمضانيه بهذه الفوضويه والمزاجيه سيؤثر على نسيج الأمه أكثر مما هو عليه حالياً ويضعف ثقتها بنفسها مع توجيه أصابع الإتهام لطرف معين إضافة الى اعداء امتنا.
فمتى يتغير الحال وتصبح مسلسلاتنا السياسيه والدينيه ليست تسلية رمضانيه؟
مع تحياتي