مهرجان أفلام الجبال والمغامرات العالمي  في النمسا

مهرجان أفلام الجبال والمغامرات العالمي  في النمسا

ابطال يسجلون تاريخ الانسانية في اضخم مهرجان سينمائي في العالم

الجبل والصحراء والمغامرات وصراع مع الطبيعة القاهرة في النمسا

من اليمين (المخرج الاماني بيتر شولز، بدل رفو،

نذير صابر اشهر متسلق جبال باكستاني،

فيكتور مدرب المنتخب الروسي في التسلق

بدل رفو المزوري

[email protected]

عدسة: هايمو بيندر

النمسا غراتس(من مهرجان السينما)

أنفاس متقطعة وقمم جبال شاهقة وتسلق بجميع الأشكال ومغامرات مشوقة ومثيرة في الثلج والجليد وطبيعة رائعة وخلابة وحضارات وثقافات غريبة غير معروفة بشكل يجذب الانتباه.محور  مهرجان أفلام  الجبال والمغامرات العالمي  السنوي، والذي يقام كل عام في هذا التوقيت في مدينة غراتس النمساوية التي تعد مرآة لثقافة وفن دولة النمسا حيث كانت عام 2003 عاصمة أوربا الثقافية .يقام المهرجان من 11 ولغاية 14 نوفمبر 2009  وهو المهرجان رقم 21 عبر تاريخه .ويرأس المهرجان متسلق الجبال العالمي روبرت شاور  وبإدارة بربارا كورين ـ تاوشر.

أفلام جميلة دخلت منافسة السباق للنيل بجائزة المهرجان. وقد رشحت هذه السنة 82 ساعة سينمائية في مسابقة أفضل الأفلام .تنقسم الأفلام في هذا المهرجان إلى 5 أقسام:  أفلام الألب الوثائقية والتي تطرح موضوع مجاميع المتسلقين والاكتشافات وأفلام بشهادات تاريخية وشهود حول الألب ،أفلام التسلق على الصخر والثلج وتبين مدى  قوة وتفنن وصبر المتسلقين في أحلك الظروف وأقساها،أفلام المغامرات وتعرض أبطالا بقوة خارقة وصراع مع الطبيعة الحرة وتستخدم في هذه الأفلام تقنية خاصة وزوايا فنية مثيرة،أفلام البيئة والطبيعة وموضوعها كيف بوسعنا أن نحافظ على طبيعة نظيفة،أفلام الألب والحضارات والثقافات الغريبة ومنها الرحيل إلى عوالم غريبة وحضارات لم نسمع منها إلا القليل.تعرض أفلام المهرجان في صالات عديدة في غراتس النمساوية ومنها صالة شوبارت،صالة جبل القلعة،صالة شتيفاني (صالة المؤتمرات)،صالة شتايامارك،صالة الموسيقى.

إن جمالية هذا المهرجان تتركز حول جوانب كثيرة ومنها حضور أبطال الأفلام عروضهم والحديث  حول مغامراتهم وقساوة الطبيعة والثلج بعد الانتهاء من مشاهدة عروضهم السينمائية أو الوثائقية.وتعرض دائما في المهرجان أفلام وثائقية بالرغم من أنها قديمة وقد صورت بالتقنيات القديمة وكاميرات قد أكل منها الدهر وشرب إلا أنها تعرض للمرة الأولى.وبعد الانتهاء من العروض، وفي الليلة الأخيرة من المهرجان توزع الجوائز على الأفلام الفائزة  التي يتم اختيارها من قبل لجنة مكونة من أبرع متسلقي الجبال في العالم والسينمائيين. وكذلك هناك جوائز يومية للجمهور من خلال فرز رقم بطاقة الدخول .

هيأت مدينة غراتس النمساوية جميع المستلزمات من أجل إنجاز هذا المهرجان الذي يعد قبلة لكل عشاق الجبال والثلوج  لحضور الجمهور من النمسا والعالم  عبر سكة حديد النمسا للنمساويين وتخفيض بطاقات الدخول، بالرغم من أن الجمهور هو عالمي  لكون المهرجان يحظى بشعبية عالمية  ومن الدول المشاركة بأفلامها هي النمسا، المانيا، بريطانيا، فنلندا، فرنسا، امريكا، بولندا، ايطاليا، التشيك، النرويج، ودولا أخرى.

يقول رئيس المهرجان عن دورته الحالية لعام 2009:إنه من دواعي سروري أن يقام المهرجان في وقته وبالرغم الأزمة المالية التي كان يتصور البعض. لا سباق في الأفلام ولكنه الحماس والصراع مع الطبيعة والبيئة لا تبدو لها نهاية من النشاط وهو تعبير عن الإدراك المتزايد للقيم الأخلاقية. فالمشاعر الحقيقية ليست مالية.  ويبقى العشق للمغامرة والارتباط الروحي بالثلج والجبال . وتمنى شاور لمشاهدي هذا العام  ساعات سعيدة مع اجل أفلام المغامرات والجبال.

وقال حاكم إقليم شيامارك السيد فرانس فوفيس  بأن الصور والأفلام تنعكس على الحياة وهي تمطر أفكارا للذكرى وتوقظ المشاعر،وتقرر من خلالها روح اللقطة والصورة مع الصوت في موضوع حقيقي كي تقرب لنا الثقافات الغريبة والغير معروفة. وفي هذا لمهرجان ال 21 في تاريخه تختطفنا الأفلام إلى عالم من الجمال  ورحلات إلى الألب الجبلي بكاميرات  من خاطروا بأنفسهم من أجل اللقطة.  وأتمنى للجميع وضيوف المهرجان أسعد الأوقات.

أول هذه الأفلام   كان فلم (ياك) للألماني يان كريك هوف ) واستغرق 44 دقيقة، وعرض في صالة سينما شوبارت. وفيه يلعب المخرج والمصور دورا كبيرا في إبراز الدور المهم لحيوان الياك وهو البقر في جبال الهملايا والتي تستخدم في قوافل الحمل.  ويقول المخرج لو أراد أوربي أن يرافق ابقار الياك  لكانت آخر مغامرة في حياته وهو فلم شد الأنفس من 3 رعاة من الهملايا يرافقون الأبقار في رحلة عبر الممرات الجليدية وترتفع 4000 متر فوق مستوى سطح البحر..الفلم يحكي قصة هؤلاء الرعاة وحياتهم الصعبة في جبال الهملايا..فلم مشوق ومثير ومناظر خلابة والفلم ضمن أفلام الألب والثقافات الغريبة.

فلم كيلينغ هو الاكتشاف الصنف الأخير  ..للألماني اندرياس كيلينغ  والفلم ضمن أفلام الطبيعة والبيئة واستغرق 45 وعرض قي صالة سينما شوبارت أيضا... قصة  كيلينغ والبحث في شمال استراليا حول آخر صنوف التماسيح  ومن هناك إلى قيرغيستان والبحث حول آخر الوعول الجبلية وإلى الهند البحث حول آخر أسود آسيا ومن هناك إلى مدينة في رومانيا حيث الدببة تقتات من نفايات المدينة في الليل . فلم مثير حيث يخاطر كيلينغ بحياته وهو يحمل كاميرته الضخمة من أجل صور  وفيديو لآخر اللقطات لهؤلاء الحيوانات،  قبل أن تنقرض في أماكنها  ويقترب المصور الفنان لغاية مسافة 5 امتار من هذه الحيوانات...فلم مثير وصور رائعة تعيشها مع  هذا الفلم الرائع.

لقد كان الافتتاح الرسمي مساء يوم 1211 بحضور ساسة النمسا وابطال الافلام وجمهور كبير لم تسعهم صالة المؤتمرات ورحب رئيس المهرجان روبرت شاور بالجمهور وتحدث عن تاريخ المهرجان الذي انطلق عام 1986 للمرة الاولى وقال بان في دورة  هذا  العام اشتركت 29 دولة في العالم بافلامها وبعدها تحدث رئيس بلدية غراتس السيد ناكل واهدى مديرة المهرجان بربارا باقة ورد وللسيد رئيس المهرجان قبعة فلكلورية وتمنى للجمهور وقتا سعيدا في مدينة الفن والجمال غراتس النمساوية.

بعدها عرض الفلم المثير جبل سانت الياس واستغرق الفلم 100 دقيقة..من شد الاعصاب والتراجيديا والاثارة والخوف كل هذه الاشياء اندمجت في هذا الفلم الحقيقي الذي يروي ماساة متسلقي  الجبال وموت بعضهم في تراجيديا كبيرة عام 2002 ويقوم مجموعة من النمساويين بتسلق هذا الجبل والواقع في الاسكا ويبلغ ارتفاعة 5489 متر على مستوى سطح البحر ويتغلل الفلم اثارة كبيرة وخوف هذا ما شاهدته على وجوه الجالسين بجنبي وينتهي الفلم بصعود الفريق قمة الجبل ويغرسون راية النمسا على قمته وتنهمر الدموع من اعين المشاهدين والمفاجاة الكبيرة واذا بابطال الفلم الواقعي يصعدون خشبة المسرح وينهض الجمهور تكريما لهم ولا يتوقف عن التصفيق الحار لهؤلاء الابطال الذين سجلوا تاريخا لوطنهم وللانسانية بهذا العمل الكبير.فلم سيتذكره طويلا من شاهده.

ابطال سجلوا تاريخاً كبيراً في عالم الجبال حضروا من كل العالم للاشتراك في هذه الاحتفالية السنوية الكبيرة وفي الصالة المخصصة للصحفيين والضيوف القادمين التقيت بكبار متسلقي الجبال في العالم والذين غرسوا رايات اوطانهم على قمم الجبال التي تسلقوها وسجلوا ارقاماً قياسية لاوطانهم والتقيت اشهر متسلق جبال في باكستان والذي غرس راية باكستان على قمة جبل ايفرست وهو (نذير صابر) وبدل ان يدور بيننا حديثاً حول الجبال تحول الموضوع الى عن الحديث عن الارهاب واوضاع العراق وباكستان فالرجل قادم من باكستان وبعدها تحدثنا عن جبال باكستان وكوردستان وانضم الينا المخرج الالماني الكبير د.بيتر هوغو شولز وحين علم من (نذير ) باني كوردي ومن كوردستان قال لي (بزن هاية)ودهشت لما قال واذا به كان قد صور  فيلما في كوردستان تركيا في جبال ارارات وهو يقصد (عندك معزة) وضحكنا كثيرا واخبرته هذا  اخر شئ كنت اتوقعه ان يتعلمه الماني وبعدها طرقنا باب الحديث عن مهرجان افلام الجبال والدور الذي يلعبه هو في رفد المهرجان سنويا بافلامه ووجهت له الدعوة بان نزور كوردستان العراق ونعمل فلماً سينمائياً حول الكورد وجبالنا  وانضم الينا مدرب المنتخب الروسي( فيكتور) بالتسلق على الجبال  وقال بانها ليست المرة الاولى التي ازور فيها غراتس وقد كانت اول زيارة لي عام1994    و سبق ان شارك بمهرجانات عالمية ولكن هذا المهرجان هو الاقرب الى قلبه من كل المهرجانات..هؤلاء الابطال كشفوا لي في احاديثهم مدى احتراماتهم وحبهم  للشعب الكوردي وامنياتهم له بالخير بعد ان تحدثت لهم عن شعب وجبال كوردستان وحب الكورد بالتعايش مع حضارات العالم.

ومن الأفلام المليئة بالشوق والإثارة والتي عرضت في  صالة الموسيقى من أجل سينما تحكي مغامرات الجبال كان فلم  التزلج على ايفرست. وهو فلم امريكي ل مياك مورالت و ليس كوتهمان واستغرق الفلم 70 دقيقة  من الصراع مع النفس لأجل بلوغ الهدف. ويروي الفلم قصة ستيف مورالت مايك  وأصدقائهم المقربين والذين قرروا لأنفسهم هدفاً وهو التزلج على قمة أعلى جبل في العالم وهي مسالك صعبة ويبدأ  صراع الطبيعة القاسية مع الإنسان ومسافات التزلج  تمتد من مسالك أكثر من 7000 متر وأهدافهم تتمركز في قمم الجبال العالية بما في ذلك ايفرست  وجبل تشو أويو .والفلم يعد ضمن أفلام الألب الوثائقية.

عرضت صالة المؤتمرات  ضمن أفلام الألب والثقافات الغريبة فلماً كندياً ل (اندي كريك) واستغرق الفلم 54 دقيقة ويحكي الفلم رحلة الانثروبولوجي الكندي(ايان ماكنري) والذي يتقن 11 لغة مختلفة، وواحدة من هذه اللغات هي لغة (بيبان) والتي يتحدث بها سكان الغابات الممطرة والذين يعيشون في (بورنيو) ولغة (بيبان) معرضة للانقراض والتهديد  كثقافة وعادات وتقاليد الصيادين في هذه البقعة من الأرض .رحلة للكندي ايان إلى هذه البقعة من الأرض  ، هذه الغابات  من اكبر مناطق الغابات الممطرة يتم مسحها ضمن السياسات الاقتصادية في حكومة ماليزيا .فلم البدوي الأخير رحلة عبر هذه الغابات الممطرة من أجل توثيق هذه التغييرات الكبيرة ولأجل أن تكون رسالة للعالم ولعديمي الضمير كي لا يقتربوا من الأشجار..فلم البدوي الأخير  رسالة انثروبولوجي من أجل أن تظل الطبيعة والأشجار وأن تظل أقوام الغابات وانبعاث الروح فيهم.

 جحيم الخلق..صحراء إثيوبيا..فلم ألماني ل (بيتير فاينيرت و فولفكانك اول) واستغرق الفلم 43 دقيقة وعرض في صالة شتايامارك ضمن أفلام المغامرات، صحراء في شمال إثيوبيا الشرقية  وهي تعد  واحدة من أشد المناطق سخونة في العالم ووعرة على الأرض مع درجات حرارة لا تقل عن 60 درجة مئوية وأحيانا أكثر، وهذا الحوض  يعد فرعاً مجففاً من البحر الأحمر و يصل  لغاية 150 درجة تحت مستوى سطح البحر.  وتعد من المناطق البركانية الأكثر نشاطاً في العالم ولكن بالرغم من ذلك هناك أكثر 130 ألف نسمة يعيشون في هذه الصحراء(صحراء عفار) وهم مالكي الأرض  ويجلبون الذهب الأبيض منها. والفلم يروي قصة هذه الصحراء وحكاية الحاج محمد علي البالغ من العمر 80 عاما وكيف يرافق قافلة الملح  في الصحراء ..الفلم يحكي عادات وتقاليد وكفاح رجل ما زال يمنح الصحراء قوته ودليل على ارتباط الإنسان بالمكان سواء كان جبلا أم صحراء..!!ويصور  كادر العمل حفلة زفاف في هذه البقعة من الارض بصورة فنية رائعة.

الهملايا..بلاد النساء،فلم للفرنسية مارياني كاود واستغرق الفلم 52 دقيقة وعرض في صالة المؤتمرات. ويعد ضمن أفلام الألب والحضارات والثقافات الغريبة،.يحكي الفلم قصة قرية تقع ما يقارب 4000 متر على مستوى سطح البحر وهي إحدى اشهر القرى النائية القصية في منطقة(تسان سكار) في سلسلة جبال الهملايا.سكان هؤلاء القرية ليس لديهم سوى 3 اشهر يجمعون قوتهم كي يدخروا المواد الغذائية واحتياجاتهم ومحاصيلهم،وهنا بالذات  يأتي دور النساء والشباب وكل الأعمار من دون توقف وبهمة عالية خارقة من طلوع الفجر ولغاية غروب الشمس بالعمل على قدم وساق. لقد تمكنت الفرنسية مارياني من أن تعيش مع هذا القوم ومع كاميرتها التي التقطت مناظر ستبقى في مخيلة المشاهد في فلم وثائقي كبير. و الجميل في هذا الفلم بأن هناك 4 أجيال يعملون معا. 52 دقيقة من الشوق والإثارة لمشاهدة حضارة غريبة والعيش بعيداً عن العالم وتطورات العولمة.

شجرة الحياة،فلم ألماني ل (بينير فاينيرت) ومدته 44 دقيقة وعرض في صالة المؤتمرات،ويعد ضمن أفلام الطبيعة والحفاظ على البيئة .يحكي الفلم أحداث في سريلانكا  وحياة قرية وناس وقصتهم مع أشجار جوز الهند .فليس من الخطر بأن يمشي الإنسان تحت هذه الأشجار وبالرغم من أن هناك عدداً غير قليل من الذين ماتوا من تساقط جوز الهند ولكن تظل هذه الأشجار لهذه الأقوام شجرة الحياة.وكذلك قصة الفلم بجانب الأشجار، النباتات القليلة والتي يستخرج منها منتجات مختلفة وتكون السبب في إدامة حياة الكثيرين من الناس  والعوائل والشركات الصغيرة  وكذلك في البحوث العلمية.الفلم يطرح موضوعا عن موجودات البيئة من منسيات لم يستخدمها البشر.فلم ممتع ومواقع تصوير جميلة ترحل بالمشاهد إلى عوالم غير عالم المشاهد.

السير على الحياة ،فلم بريطاني ل ( باول ديفلي) ومدته 20 دقيقة لكنه زمن ومدة صعبة للغاية للمشاهد الذي فقد أعصابه بمشاهدة مهرجان أفلام الجبال والمغامرات العالمي  في النمسا هذه المخاطرة التي يقوم بها البطل ( جيمس بيراسوان).20 دقيقة من الأعصاب والرعب والخوف  فلقد كان قرار البطل صعباً وخطيراً للغاية له  بان يتسلق صخور البحر الملساء الشاهقة  والصخور عبارة عن جدار هائل ومنحدرات  في الساحل الجنوبي لبريطانيا. ، يعد الفلم  ضمن أفلام  المغامرات  وقد كان مشوقاً وكان الجمهور خائفاً جداً من متابعة المخاطرة ولكنة في النهاية ينتصر على الأعصاب  ويبلغ البطل الهدف .فلم ذو إثارة كبيرة وعرض في صالة الجبل.

 مهرجان أفلام الجبال دعوة للحياة بعيدا عن المدينة وتلوثها والعيش مع أكبر جبال العالم وابطال سجلوا تاريخاً كبيراً في سجل الإنسانية.ودعوة لي بان اعرف العالم وابطاله على جبال وشعب كوردستان والتعايش مع الاخر . وكم تمنيت وقتها بان تكون لنا صالات سينما في كوردستان قبل ان تكون لنا صناعة سينما للمهرجانات المحلية و العالمية فقط.