بين الخروج على النص، والخروج على الأدب
ساحة حوار
يحيى بشير حاج يحيى
عضو رابطة أدباء الشام
كثيراً ما نسمع أو نقرأ عن مشادات كلامية تقع بين المؤلف أو المخرج من جهة، وبين الممثل من جهة أخرى، أو بين الممثلين أنفسهم بسبب الخروج على النص لما يسبب من ارتباك وإحراج، إذ يفاجئ الخارج على النص الآخرين بكلمات وعبارات وإشارات لم يكن متفقاً عليها من قبل! وقد يسلم الموقف أحياناً، وقد لا يسلم إلا أن ذلك يسجل في دائرة الإحراج، ويدرج تحت مسمى الخروج على النص.
وفي بعض الأحيان يتوافق الخروج على النص مع الخروج على الآداب العامة، أو التقاليد والأعراف، ويختلف الحكم عليه من جهة إلى أخرى حسب تصورها للموضوع، فما تراه الرقابة على المصنفات الفنية، غير ما يراه عالم الاجتماع، أو عالم الدين، أو حتى رجل الإعلام المنصف في سؤال موجه إلى مدير إحدى الفضائيات الخاصة عن قيام المحطة بعرض مشاهد مخلة في الإعلانات التجارية، وعمدت بعض المذيعات إلى إبراز مفاتنهن، أجاب: إن هذه المشاهد لا تعرض إلا بعد موافقة الأمن العام أو الرقابة؟!! (الشرق الأوسط 9/6/1997).
هذه الرقابة لا تعترض –على سبيل المثال- على الرقص في مشهد مسرحي، ما دام على خشبة المسرح، ضمن مدة زمنية معينة، ولكنها تعترض وتؤاخذ عندما تنزل الراقصة إلى صفوف المتفرجين، فقد الشرق الأوسط في عددها (6726) أن إحدى الراقصات غرّمت (2500) جنيه أي ما يعادل (170) دولاراً لإدانتها بالإساءة للآداب العامة، وبتهمة الخروج على النص، والجهر بأغانٍ غير مصرح لها، وجاء في اتهام المحكمة أن الراقصة إياها، اتهمت بشكل عام بالجهر بالخطب، والأغاني بطريق غير لائقة، ومخالفة للآداب العامة، كما أبدت استياءها من قيام المذكورة بالرقص لمدة نصف ساعة بين الجمهور!!؟
حقيقة أن هذه ومثيلاتها قد أسأن إلى المرأة، المرأة الإنسان التي كرمها الله بالستر والحشمة والحياء، وإلى الفن الذي صار مدعاة لابتزاز أموال الناس، وإلى الذوق العام الذي يضيع في تفاهات وتهريج لا طائل منه، وإلى المجتمع الذي تشيع فيه المبادرات الماجنة، بدلاً من العبارات الودودة النظيفة!؟
وأخيراً فليس بمثل هذه العقوبات التي لا يلقي لها المخالف بالاً والتي لا توقف فساداً، ولا تمنع تفلتاً تعتدل السلوكيات، وإنما بإصدار الحكم الصحيح الذي يرتكز على عقيدة الأمة، وتصوراتها الصحيحة النظيفة، وذوقها الذي ينبثق من هذا الاعتقاد.