الفنّانة نسرين شيروان
الفنّاناتُ الكرديات شموعٌ احترقتْ لتنيرَ دروب الفنّ الكرديّ
الشّمعة 14
الفنّانة نسرين شيروان
1922م - 1990م
نسرين شيروان |
نارين عمر |
حياتها الاجتماعية:
ولدت نسرين عمر عثمان في مدينة زاخو (كردستان العراق) لأبوين قادمين من كردستان تركيا في عام 1922م, وفيما بعد اختارت لقب شيروان ليلازم اسمها في عالم الفنّ.
على الرّغم من عدم انتسابها لأيّةِ مدرسةٍ حكوميّةٍ أو خاصة, وعدم إتقانها للكتابة والقراءة إلا أنّ ذلك لم يدعها تعيشُ امرأة عادية, وربّة بيت كسائر نساء تلك الفترة, بل حاولت أن تسعى من خلال الموهبة التي ولدت معها أن تحدّد لها مصيراً خاصّاً بها, يجعلها في عداد الخالدات في تاريخ المرأة الكردية والعراقية, وذلك بالسّير في طريقٍ وعلى الرّغم من وعورته وعثراته يؤهّلها لتكون كما شاءت, والذي بات جواز سفرها إلى العالم المنشود.
جواز سفرها كان صوتها المتدفّق من نغماتِ شلالات المدينة التي ولدت فيها, ومن ذرا المدينة التي كانت منبت أسرتها الأوّل..
حياتها الفنيّة:
سجّلت في الإذاعة الكردية العديد من الأغاني, وأوّلها أغنية (ده لي..لي, De lê..lê) التي فتحت أمامها أبواب الولوج إلى قلوبِ ونفوس الكرد بسلاسةٍ وعفوية.
تعرّفت على معظم فنّاني وفنّانات تلك الفترة وغنّت معهم من خلال الحفلات الغنائية أو السّهرات الفنيّة المشتركة التي كانت تُقامُ لهم.
أدّت عشرات الأغنيات التي أنعشت من خلالها نفوس وأفئدة ملايين الكرد, وأضفت على عواطفهم الوجد والّلوعة, وقد ناهزت أغنياتها الأربعمئة أغنية.
غنّت من كلمات وألحان الكثير من الشّعراءِ والملحنين الكرد, وفي ذلك تقول الكاتبة (تارا محمد)*2:
(....وسجلت خلالَ هذه الفترة المئات من الأغاني الكردية وكانت كلمات أغانيها لشعراء عظام مثل ((جكه رخوين , حافظ المائي , شيخ سلام) وأغلب أغانيها من نغمات ( البياتي , والحسيني ) , ولها (420) أغنية ومقامات مسجلة).
نهاية نسرين شيروان:
مع الأسفِ الشّديد لم تكن نهاية نسرين شيروان مختلفة عن حياة معظم الفنّانات الرّاحلات الّلواتي تحدّثنا عنهنّ في الحلقاتِ السّابقة (مريم خان, ألماس خان, عيششان, فوزية محمد, ليلى بدرخان...), وحتى عن حياة الرّاحلة الباقية (كلبهار), فقد اعتزلت نسرين الغناء في منتصف سبعينيّاتِ القرن العشرين, ومع تقدّم العمر بها أضحت عرضة للعزلة والوحدةِ والغربةِ النّفسيّة والجسديّة إلى أن لبّت نداء الموت وتابعت رحلتها الأبدية عن هذا العالم الذي منحته كلّ ما تملك من نبضات الحسّ والوجدان والصّفاء, ولكنّه خذلها في نهايتها دون رحمةٍ وشفقة.
عن هذه النّهاية نعود مرّة أخرى إلى الكاتبة تارا محمد التي تقول:
(عاشت نسرين في أواخر حياتها مع الوحدة والغربة حتى انتقلت إلى رحمة الله في مدينة بغداد بتاريخ 10 / 10 / 1990 ودفنت في إحدى مقابر المدينة).
امرأة, تحدّت القدرَ فصنعت لنفسها مصيراً يجعلها مميّزة عن غيرها من النّساء الأخريات, وتحدّت المجتمع الذي كان ينعتُ المرأة الفنّانة بالفجور والفسقِ والمجون, وتحدّت الظّروف حيثُ صمّمت على ألا تظلّ موهبتها كمشاعرها ومشاعر نساء جيلها مكبوتة في طيّاتِ النّسيان. امرأة عاهدت نفسها على أن تنعشَ نفوس وأفئدة الجماهير الكرديّة بصوتها المجبول من طبيعةِ كردستان وشلالاتها المتدفّقة حبّاً وحناناً, وتكون نهايتها العزلة والوحدة والغربة النّفسيّة؟؟!!
ملاحظتان:
*1- صورة نسرين شيروان مأخوذة من أرشيف (موقع سما كرد).
*2- الخبر مأخوذ من مقالة بعنوان (ذكرى مرور 17سنة على رحيل المغنية الكردية (نسرين شيروان) منشورة بتاريخ 12- 10- 2007 في موقع ((Gilgamêş.