لماذا كان أبو راتب

لماذا كان أبو راتب

أباً للنشـيد الإسـلامي ؟ ( 2 )

المنشد أبو راتب

نجدت لاطـة

[email protected]

ها هو أبو راتب يصبح المنشد الأول بلا منازع ولا منافس ، ليس لأنه لا يوجد أحد ، وإنما لأنه جذب الجمهور إليه بشكل مذهل .. فهو طرق موضوعات الجهاد في فترة الثمانينيات بما يتناغم مع أخبار المجاهدين في العالم الإسلامي لا سيما الجهاد الأفغاني الذي كان على أشده .. ولعلكم تذكرون قصص الجهاد الأفغاني والشهيد عبد الله عزام رحمه الله تعالى .

اكتشاف المواهب الفنية :

ويخطو أبو راتب خطوة مهمة جداً في النشيد الإسلامي وهي البحث عن المواهب المدفونة في الشباب الإسلامي ، وما أكثر المواهب المدفونة في الجماعات الإسلامية ، فيكتشف خامات فنية رائعة فيأخذ بيدها وينميها ويدربها .. ليس على مستوى الأفراد فحسب وإنما كذلك على مستوى الفرق الإنشادية ، وليس على مستوى الأردن فحسب ، وإنما في كثير من البلدان ..

وكان أبو راتب يرى أحياناً منشدين ناشئين فيأخذ بأيديهم ويشجعهم ، وفي بعض الأحيان يشترك معهم فـي شريط واحد كنوع من الدعاية لهذا المنشد الناشئ ، أو كنوع من العمل المشترك الذي يوحي بالتعاون بين المنشـدين من شتى البلدان .

فالمنشد موسى مصطفى ـ مثلاً ـ هو صفحة مشرقة من جهد أبي راتب . وهناك غسان أبو خضرة ، وفريد سرسك ، وأبو مالك المصري ( أشـرف زهران ) ، وأبو المجد الجزائري ، وسمير البشيري السعودي ... بالإضافة إلى الفرق الإنشادية المختلفة هنا وهناك .

فكل هؤلاء كان لأبي راتب يد في اكتشافهم أو مساعدتهم أو تشجيعهم .. ولولا وقوف أبي راتب معهم ما سمعنا عنهم شيئاً .

فكرة المهرجانات الإنشادية :

وتنقدح في ذهن أبي راتب فكرة لم تخطر على بال أحد من عظماء وقادة العمل الإسلامي وهي إقامة مهرجان للأنشودة الإسلامية . ويُقام هذا المهرجان في عمان بصورة فنية أذهلت جميع من حضر المهرجان .

ولكن هل قدّر القائمون على إدارة المهرجان جهد أبي راتب الذي كان ـ بمفرده ـ وراءه ؟ أذكر أن أبا راتب قال لي بعد المهرجان : لقد بقيت شهرين كاملين وأنا أُدرّب الفرق الإنشادية ، الصغار والكبار ، والبنات الصغيرات ، على الإنشاد وعلى الدبكات ، وأجهز الديكور ، وأرتب الملابس وأفعل كل شيء ، وبعد انتهاء المهرجان أعطاني مدير المهرجان مائتي دينار ( تساوي ثلاثمائة دولار ) كمكافأة على جهدي في إقامة المهرجان ، مع أني صرفت من جيبي أكثر من هذا المبلغ على المهرجان وعلى المواصلات .

وعلى صيت هذا المهرجان أُقيمت مهرجانات كثيرة في عدة بلدان . وكذلك أقام أبو راتب مهرجانات أخرى للأنشودة .

مؤسسة فنية للأنشودة الإسلامية :

وكذلك كان أبو راتب له اليد الكبرى في إنشاء مؤسسة للنشيد الإسلامي .. ثم انتشرت الفكرة وانتقلت إلى البلدان الأخرى . وتعتبر مؤسسة الهدى التي أنشأها أبو راتب رائدة في هذا المجال .

 المسرح الإسلامي :

وخاض أبو راتب تجربة المسرح الإسلامي بنجاح كبير ، حتى أني سمعت الأستاذ يوسف العظم يقول : لولا أبو راتب لما نجح المسرح الإسلامي .

فقد كان أبو راتب يشارك في التمثيل وفي الإنشاد على غرار المسرح الغنائي الذي تتضمن أحداثه بعض الأغاني للمطربين .

ومن شدة إعجاب الناس بأبي راتب سمعت مرة أحد المشاهدين يقول : أنا جئت ليس من أجل المسرحية وإنما من أجل أن أرى أبا راتب .

خلاصة القول :

بعدما رأينا ما فعله أبو راتب ، أتساءل : من يستحق لقب ( أبو النشيد الإسلامي ) ؟ هل يستحقه أحد من المنشدين الرواد ( أبو مازن أو أبو الجود أو أبو دجانة ) ؟ أليس كل ما فعله هؤلاء هو إصدار الأشرطة فقط ؟ صحيح أنهم كانوا المبتدئين في هذا الفن ، وصحيح أنهم قدّموا أناشيد رائعة .. ولكن في المقابل لم يفعلوا شيئاً لحركة الإنشاد ، فلم يدربوا أحداً ، ولم يكتشفوا موهبة ، ولم يقيموا أي مهرجان ..

       بل إن هناك مأخذاً كبيراً على المنشدين الرواد الثلاثة وهو توقفهم عن الإنشاد لسنوات عديدة ، وتركوا الساحة الإسلامية فارغة من أي إنشاد ، ولولا أن  منّ الله علينا بأبي راتب لكان حال النشيد اليوم سيئاً جداً .

 وأنا أُسمي توقفهم عن الإنشاد فراراً من الزحف الفني ، وهو لا يختلف عندي عن الزحف الجهادي القتالي . وأنا أعرف أنهم لن يفقهوا هذا المعنى ، وذلك لأن الإسلاميين يعتبرون الفنون وسائل ثانوية جداً لا تُقدم ولا تؤخر في العمل الإسلامي . ولكن واقعنا المعاصر يرى أن الفنون هي الوسائل الأهم في توجيه الناس في هذا العصر .

       وفي الختام أتقدم بالشكر الكثير إلى أبي راتب على جهده الكبير في النشيد الإسلامي .. وهنيئاً بهذا اللقب ( أبو النشيد الإسلامي ) الذي يستحقه بكل جدارة .