الإسلاميون وغياب المسلسلات التلفزيونية

الإسلاميون وغياب المسلسلات التلفزيونية

تعقيباً على منع مسلسل ( الطريق إلى كابل )

نجدت لاطـة

[email protected]

       حين منع مسلسل ( الطريق إلى كابل ) في شهر رمضان الفائت ذكر الفنان فهد العابد ـ بطل المسلسل ـ أنه يعتقد أن المسلسل سيعرض بعد العيد ، وانتظرت حتى أشاهده وأكتب عنه ، ولكن ها هي الأشهر مضت ولم يُفرج عن هذا المسلسل المعتقل . وأظن أنه رحلوه إلى سجن غوانتنامو ، أو لعله ما زال هنا قريباً منا في سجن أبي غريب ، وهذا يعني أنهم انتهكوا عرضه ، فأعراض الرجال انتهكت في سجن أبي غريب ، فهل وقفت على مسلسل ؟ وفي سجن أبي غريب أو في سجن غوانتنامو سيتم تغيير أحداث المسلسل ، وسيتم أيضاً تبديل أبطاله ، وقد يصبح بطل المسـلسل هو رامبو ( ما غيرو .. بطل فيتنام وأفغانستان ) .

       فحين منع المسلسل من العرض اتصلت بالأديب الكبير عبد الله الطنطاوي وقلت له : إلى متى يظل قادة العمل الإسلامي غافلين عن أهمية الأفلام والمسلسلات في التأثير على الناس ؟ أليس المسلسل الواحد أشد تأثيراً في الناس من ألف خطبة وألف كتاب ؟ فقال لي : ادع لهم بالهداية .

 

عبدالله الطنطاوي 

       ومسلسل ( الطريق إلى كابل ) كان سيعيد إلى الأذهان قصة الجهاد الأفغاني ضد السوفييت ، ثم يتحدث عن مجيء حركة طالبان وأسامة بن لادن . وقد لمست من خلال عرض الحلقات الأولى منه ـ ومن خلال ما ذكره كاتب السيناريو ـ أن المسلسل سيكون محايداً تماماً في عرض قضية الجهاد الأفغاني ، فهو يذكر الإيجابيات والسلبيات دون أي إجحاف بحق أحد .

       ومن الإيجابيات : إظهار المجاهدين ـ والمجاهدين العرب منهم ـ بمظهر لائق ، وإبراز أفكارهم كما عرفناها عنهم . والمثال على ذلك ، فقد ذكر أحد المجاهدين العرب أنهم لا يقتربون من بيوت الأفغان حتى لا تأتي الطائرات الروسية فتدمر تلك البيوت والقرى بحجة أنهم يأوون المجاهدين . أي أن المجاهدين العرب ظهروا بمظهر إنساني .

       ومن السلبيات : ذكر كاتب السيناريو في مقابلة تلفزيونية أنه أظهر حركة طالبان ـ في الحلقات التي لم تعرض ـ بأنها ضد المرأة وأنها لا تعامل المرأة معاملة إسلامية .

       ولكن مع هذا الحياد للكاتب والمخرج والممثلين لم يشفع لهم ذلك ، لأن الإدارة الأمريكية شعرت بأن المسلسل سيعيد للسلمين ذكريات الجهاد الأفغاني فسارعت بالضغط على دولة قطر ـ التي هـي منتجة المسلسل ـ لكي توقفه تماماً .

       فأمريكا تدرك تماماً ـ بعكس قادة العمل الإسلامي ـ أهمية الأفلام والمسلسلات في التأثير في المشاهدين ، لذا جعلت من هوليوود أداتها الأولى في غزو الشعوب . وبالفعل فقد وجدنا غزواً فكرياً مدروساً في الأفلام الأمريكية ، مما حدا بالرئيس السوفييتي خرتشوف يقول : أنا أخشى من هوليوود أكثر من الصواريخ الأمريكية العابرة للقارات . ومع ذلك فقادة العمل الإسلامي لا يخشون هوليوود .

       في حين يغفل قادة العمل الإسلامي عن الأفلام والمسلسلات ، فإلى الآن لم ينتجوا فيلماً واحداً ولا مسلسلاً . فكانت النتيجة الطبيعية أنهم خسروا الشعوب ، ولم ينجحوا في ردهم إلى تعاليم دينهم . وكيف لهم أن ينجحوا وهم أغفلوا أهم الوسائل الإعلامية فـي عصرنا ، وأعني هنا الأفلام والمسلسلات والقنوات الفضائية . ولا أدري ماذا تبقى للإسلاميين من وسائل ؟ سيقول لي البعض : توجد الصحف والمجلات والكتب . فأقول : هذه الوسائل ثانوية جداً ، وممكن أن تكون النسبة بينها وبين تلك الوسـائل واحد بالألف ، أي واحد للصحف والمجلات والكتب  ، وألف للأفلام والمسلسلات والقنوات الفضائية . خصوصاً بعد مجيء عصر الفضائيات ، فأهل المكتبات والأكشاك يشتكون من قلة المشترين ، والبعض منهم نوّه إلى احتمال اختفاء الصحف والمجلات في العالم الجديد الذي يعتمد اعتماداً كلياً على الكمبيوتر والإنترنت والفضائيات في التثقيف والتعليم .

       وسيقول لي البعض : إن الإسلاميين استخدموا الإنترنت في العمل الدعوي ولهم مواقع كثيرة . فأقول : إن إسرائيل لها مواقع على الإنترنت أكثر من مجمل المواقع التي فتحتها الدول العربية كلها بما فيها مواقع الإسلاميين . بالإضافة إلى أن الإسلاميين تأخروا كثيراً جداً في الاقتناع بأهمية مواقع الإنترنت ، فعلى سبيل المثال : فتحت جبهة العمل الإسلامي ( وهي الحزب الإسلامي في الأردن ) موقعاً على الإنترنت قبل عشرة أشهر فقط . أي بعد الذي ضرب ضرب والذي هرب هرب كما يقول المثل .

       أخلص إلى أننا بحاجة إلى ثورة جذرية على كل العقول القديمة التي ما زالت بيدها زمام أمور الحركات الإسلامية ، فتقتلع كل ما هو قديم وعقيم . وإلا فإن الله لا يعطي نصره إلى أناس لا يعرفون مخاطبة شعوبهم .