أفلام الكرتون وأثرها في الأطفال (1)

 أفلام الكرتون وأثرها في الأطفال 

أطفالنا بين جهل الآباء وخبث الأعداء

( 1 ـ 3 )

أعدّ الملف : إيمان الوزير

وشارك في إجراء الحوارات :

رانية جمبي ـ هيثم الأشقر ـ نجدت لاطة

نُشر هذا الملف في مجلة المنار الصادرة في الكويت

تنادى المربون في السنوات الأخيرة لرصد خطر أفلام الكرتون القادمة إلينا من بعيد، وأصبحت من أهم عوامل التأثير في الأطفال، ولأن الأدب هو نتاج الفكر والمعتقد فإنه من المؤكد أن يتأثر نص الفيلم والسيناريو بثقافة وعقيدة الكاتب ونظرته للحياة، ومن هنا تأتي أهمية الإنتاج الكرتوني الخاص بنا نحن المسلمين.

لقد مهدت أفلام الكرتون والثقافة الواردة إلينا منذ عشرات السنين لاستقبال السوبرمان ورجل الكوبوي الأمريكي.

قصص كثيرة سمعناها تستدعي إعلان حالة الطوارئ في أوساط النخب الثقافية للإسراع في تقديم البديل الإسلامي.

أهمية التلفاز في إعلام الطفل

       في الاستبيان الذي شمل ثلاث مدارس للأطفال ( ذكوراً وإناثاً ) تبين أن 61./. من الأطفال يعتمدون على القنوات الفضائية في مشاهدة أفلام الكرتون، الأمر الذي أكد لنا خطورة الدور الذي يلعبه هذا الجهاز الصغير في بيوتنا.

       وتقول الباحثة الاجتماعية فدوى كركشان: إن التلفزيون أصبح من أخطر المصادر الموجهة للطفل لما له من جاذبية خاصة بسبب سهولة نيله وإدراكه، فهو ينمي الجانب الاجتماعي في الطفل حيث يتبادل مع أقرانه الحديث عما شاهده في التلفاز، إضافة إلى كونه عاملاً مهماً في صقل وجدان الطفل وأحاسيسه بما يغمره من جو الترفيه والتسلية، كما أنه مصدر للمعرفة ومزود قوي للخبرات والمهارات، وعامل مهم في إثارة خيال الطفل بما يقدمه من صور وتمثيليات بألوان ومؤثرات جذابة.

       كما يرى الدكتور حسان المالح أن التأثير الذي يظهر على الفرد بشكل عام يكون أكثر وضوحاً من خلال التلفاز أو الصورة المرئية كالسينما والفيديو، لما تمتلكه هذه الأجهزة من مؤثرات سمعية وبصرية وتقنيات ذات جودة عالية، وفي حالة الأطفال فإنهم عادة ما يكونون أكثر استجابة لتلك المؤثرات.

أهمية الأفلام الكرتونية

       وحول سؤال عن عدد الساعات التي يقضيها أولادنا في مشاهدة أفلام الكرتون أتت الإجابات على النحو التالي :

           ـ ساعتان ( 55 0/0 )

           ـ ثلاث ساعات ( 21 0/0 )  

           ـ أكثر من ذلك ( 24 0 / 0 )

       ويرى د. أسامة جستنية أن أفلام الكرتون من أهم وسائل التثقيف للطفل عندما يتم مقارنتها بالوسائل الأخرى مثل الكتاب والكاسيت والوسيلة التعليمية.. الخ لإمكانية تحقيق التشويق من خلال هذه الوسيلة لتنفيذ أي فكرة، خاصةً الأفكار الخيالية، فإن فيلماً كرتونياً واحداً لمدة ثلاثين دقيقة يساوي في أثره آلاف الكتب وهذا لا يعني التقليل من شأن الكتاب الذي يأتي في مقدمة الوسائل التعليمية التثقيفية الترفيهية الهامة وهو ليس مجال نقاشنا الآن، ولا بد أن نواكب العالم ولو في جانب إنتاج  أفلام الكرتون التي تواكب التطور المذهل في عالم تقنية المعلومات، لقد أتى رأيي هذا من خلال مباشرتي اللصيقة لعالم ثقافة الطفل والذي أؤكد من خلاله أن الأمر في غاية الأهمية ولابد أن نتكاتف لإنتاج عمل ذي هدف واضح ومحدد مع ضمان استمرارية العمل حتى نستطيع أن نجذب الطفل المسلم إلى المفاهيم الإسلامية الأصلية.

        كما تؤكد الأستاذة اعتماد الشريف أن العديد من الأهالي يقومون بتشفير قناتي سبيس تون ووالت ديزني لأبنائهم ويعتمدون عليهما كمصدر أساسي في مشاهدة أفلام الكرتون وغيرها.

       ويعتبر الأستاذ إدريس الكنبوري أن أفلام الكرتون رسالة تثقيفية وحضارية فيقول: إن أي منتج ثقافي، مهما تنوع مرسلوه أو المرسل إليهم، هو رسالة حضارية وثقافية تحمل مضموناً معيناً يراد تبليغه، وتظهر فيه البصمات الحضارية الخاصة.

       كما أكدت الأستاذة غادة عنقاوي على تأثير أفلام الكرتون في شخصية الطفل فقالت :الأمر الثابت الذي ينبغي على المربي معرفته هو أن الصور والأصوات ترتب في ذهن الإنسان بمواقف وتجارب الحياة، وبالحالة النفسية التي يكون فيها لحظة المشاهد أو الاستماع، وهو ما يسمى في عالم البرمجة بالرابط أو الإرساء، وهو أمر طبيعي يحدث في كل لحظة من لحظات حياتنا.

       كما أكدت الدكتورة فوز عبد اللطيف كردي هذه الأهمية لأفلام الكرتون في صياغة شخصية ونفسية الطفل فقالت: إن الطفل ـ كما هو معلوم ـ مولع بالمحاكاة التي يعتمد عليها كثيراً في تعلمه والتي تثبت دراسات التعليم فاعليتها كطريقة في إكساب المهارات والاتجاهات. وقد أثبتت أفلام الكرتون القليلة التي انتهجت هذا المنهج نجاحاً باهراً لاعتمادها على الصوت والصورة والقصة وهي ثلاثة جوانب يحبها الطفل ولها أثرها في التربية والتعليم.

إيجابيات أفلام الكرتون

       يقول الأستاذ إدريس الكنبوري : إن أفلام الكرتون تعطي الطفل فرصة الاستمتاع بطفولته وتفتح مواهبه وتنسج علاقاته بالعالم حوله . وتؤثر في وجدان الطفل، إلى الحد الذي يحقق حالة التماثل القصوى، لأن الصورة المصحوبة بالصوت في المراحل المبكرة للطفل تتجاوب مع الوعي الحسي والحركي لديه، وتحدث استجابات معينة في إدراكه، تساهم فيما بعد في تشكيل وعيه وتصوره للأشياء من حوله، لأنه يختزنها وتصبح رصيده الثقافي والوجداني والشعوري. لكن الصورة والرسوم ليست مستقلة عن الأبعاد الثقافية وعن الهوية الحضارية، فالصورة في نهاية الأمر وسيلة تبليغ وأداة تواصل وجسر بين الطفل والرسالة المحمولة إليه.   

       بينما ترى الدكتورة فوز كردي صعوبة في تحديد نقاط إيجابية في قولها : ربما من الصعب تحديد نقاط إيجابية ونسبتها لأفلام الكرتون عموماً، إنما لفيلم خاص بعينه .. فهناك أفلام كرتونية تخدم جوانب معينة في حياة الطفل، وفي الوقت نفسه تهدم جوانب أخرى!!

سلبيات أفلام الكرتون المستوردة

       نلمس هذه السلبيات في كلمات الدكتور ميسرة طاهر حين قال محذراً من الآثار الناتجة عن اعتماد أفلام الكرتون على الإثارة والعنف، ويؤكد أن تلك الآثار تخزن في العقل غير الواعي للطفل مما يجعل احتمال تأثيرها السلبي وارداً ولو بعد حين.

       وقد أجرت المنار استبياناً على مجموعة من الآباء والأمهات معظمهم من المثقفين وطرحت عليهم السؤال الآتي : هل تشعر بخطر على طفلك من مشاهدة أفلام الكرتون ؟ فكانت الإجابة كالآتي :

         ـ  56 ./. يشعرون بخطر على الطفل .

         ـ  37 ./. يشعرون بالخطر أحياناً .

         ـ  7 ./. لا يشعرون بأي خطر على الإطلاق .

مما يؤكد أن أكثر من 50 ./. لديهم الاستعداد للتفاعل مع أي دراسات أو توصيات تصدر في هذا الشأن، مما يلقي المسؤولية على المؤسسات الأكاديمية المعنية .

الخطر العقدي

       تمثل العقيدة جانباً هاماً ومحركاً في حياة الأفراد والمجتمعات، وبعد أن أوضح استبيان المنار أن 55 ./. من المستطلعين أبدو تخوفهم على عقائد أبنائهم، توجهت المنار إلى الدكتورة فوز الكردي بالسؤال التالي: هل هناك خطر عقدي يستهدف الطفل المسلم من أفلام الكرتون؟

فقالت : أحذر من خطورة تقبل أبناء أمة الإسلام لثقافات الشرق والغرب كالثقافة الأمريكية والصهيونية واليابانية والصينية، ومن ثم انتشارها بين أبنائنا مما يعني وجود غزو فكري، لأن هذه الأفلام قائمة على الصراع الدائم بين أمير الخير وأمير الشر وإن كانت في أصولها الأجنبية تمثل ( آلهة الخير وآلهة الشر ) مما يشير إلى ثمة علاقة بينها وبين الديانات الشرقية كالطاوية والشنتوية والبوذية في الطقوس والحرب. كما يلاحظ وجود بعض الأفكار والأسماء الوافدة مع الألعاب تحمل غموضاً يُخشى من ورائه وجود أفكار دينية من بوذية وكنفشيوسية وأديان التبت بشكل عام كفكرة التأمل لاستمداد الطاقة من قوة عليا. وبعضها يحوي أفكاراً غامضة في التطور والنمو، ويُخشى أن يكون غرضها خدمة النظرية الداروينية التي تتصادم مع الدين الإسلامي في فكرة خلق الإنسان ...

       وتضيف الدكتورة فوز : إن أهم الرسوم المتحركة يكمن في الأخطاء العقدية حيث فكرة القوة الخارقة والقدرات المستحيلة لدى سوبرمان أو ميكي ماوس القادم من السماء لخدمة المظلومين، وفيه منازعة لصفات الربوبية لله تعالى، كما أن فيها إيحاء للأطفال بمفاهيم غير صحيحة تقدح من ثم في اعتقادهم وتوكلهم على الله وغير ذلك...

شاهدت الله ...

       في القصة التي روتها أم فطوم لمحررة المنار تحدثت من خلالها عن بداية متاعبها مع أفلام الكرتون حين جاءت ابنتها التي لم تتجاوز الثمانية أعوام تقول لها أنها شاهدت الله !! فسارعت الأم إلى سؤالها أين وكيف ؟ فردت ابنتها: رأيته وحشاً يصارع رجلاً صعد إلى السماء على ساق نبتة الفول... إنه مخيف يا أمي. فكانت هذه الكلمات التي سمعتها الأم من ابنتها بمثابة ناقوس عقدي يدق محذراً من غزو خبيث يقتحم عقول أبنائنا . وهذه القصة ليست فريدة من نوعها بل أصبحت متداولة وهناك الكثير من القصص غيرها. فقد أخبرتنا أم أحمد أنها تخوفت كثيراً من رؤية أبنائها لفيلم الكرتوني الشهير ( ميكي ماوس ) ذلك الفأر الذي يعيش في الفضاء ، ويكون له تأثير واضح في الخير والشر ، وإنزال الأمطار ، والتحكم في البراكين ، ووقف الرياح ، ومساعدة الآخرين.. وقد تساءلت : لِمَ يصور هذا الفيلم قوة فأر يتحكم بظواهر لا يمتلك التحكم بها إلا الله ؟!! خاصة إذا عرفنا أن الشركة المنتجة لهذا الفيلم ( والت ديزني ) لديها ميول صهيونية واضحة ظهرت جلياً في معرضها الذي أقامته قبل ثلاثة أعوام خصصت خلالها جناحا ًمن معرضها لخدمة دولة الكيان الصهيوني تحت شعار ( القدس عاصمة إسرائيل الموحدة ) !!

       وفي المقابلات التي أجرتها محررتنا السيدة رانية جمبي ، تساءلت أم دلال في معرض حديثها عن الأخطار العقدية : أيُسجد لغير الله ؟ تقول هذه السيدة : هذا ما حصل في الفيلم الكرتوني ( الملك الأسد ) عندما قامت كل الحيوانات بالسجود لـ ( سمبا ) عند ولادته وقام بعدها القرد بعرض ( سمبا ) على ضوء الشمس وكأنه يستمد قوته منها. ألا يكون ذلك لعبادة الشمس التي تمده بالقوة ؟ ألا يكون ذلك في أثر في نفوس أطفالنا نحو مصدر القوة التي يستمدونها ، فيحدث عندهم الخيال الشاطح مع تناقض الواقع ؟! نترك لكم الجواب !!!

       وقد أثار كلام أم فطوم السابق ذكره محررتنا رانية جمبي فاستقصت الأمر من الطفلة نفسها ( العمر 10 سنوات ) فقالت : رأيت رجلاً يأتي  ويضع بذرةً في الأرض ، ثم تكبر النبتة ، وتشق السماء ، ثم يتسلق عليها فإذا وصل السماء وجد رجلاً كبيراً ثم تبدأ الحرب بينهم ، بين العملاق والرجل الصغير .

       وأنت تشاهدين هذا الفيلم الكرتوني هل جاء في خلدك أن هذا الرجل الذي في السماء هو الله ؟ نعم ، ولكني سألت أمي قالت لي : إنه ليس الله . صفي لي هذا العملاق الذي في السماء ؟ لقد كان كبيراً ‍‍‍‍‍‍‍‍ومخيفاً وغاضباً، بل وطماعاً يجمع الذهب في خزانته ‍‍.

       تقول المحررة رانية بعد مشاهدتها لبعض الأفلام الكرتونية : هناك دعوة صريحة إلى النصرانية‍ ، في فيلم ( سالي ) : عندما تذهب ( سالي ) في وقت حاجتها وشدة محنتها إلى الكنيسة لتصلي وتطلب من الرب أن يفك ضائقتها . ألا يكون ذلك دعوة للنصرانية ؟ أليس في ذلك تأثير في فطر أطفالنا السليمة ؟ هذا ما يجب أن نسأله أنفسنا !!!

       في حين وصفت لنا المعلمة ياسمين مرحلة خطيرة مرت بها في طفولتها حين تأثرت بالفيلم الكرتوني سندريلا ورأت في قوة الساحرة التي منحت سندريلا إمكانات سريعة مكنتها من حضور الاحتفال الذي يقيمه الأمير فباتت تتمنى لو أن تلك الساحرة تظهر لها وتحقق معها أحلاماً كانت تراودها ، مما دفعها في بعض الأحيان إلى رغبة ملحة في ظهور مارد جني يتبنى أحلامها كما حدث مع سندريلا.

       بينما ذكرت أم الوليد التي كان أطفالها يحبون مشاهدة أفلام الرعب الكرتونية (دراكولا) أن ابنها كان يقوم بحركات التصليب حين يشعر بالخوف من شيء ما .

       هذا الأمر دفعنا لتوجيه السؤال إلى بعض أرباب التربية وعلم النفس المهتمين بهذه القضية .

        فأكدت الدكتورة خيرية أبو بكر المحضار أن هناك بلبلة عقدية تحدثها الأفلام الكرتونية المدبلجة في عقول أطفالنا .

       فيما أشار الدكتور ميسرة طاهر إلى أن حديث النبي عليه الصلاة والسلام (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) يضع قاعدة رئيسية يتحمل من خلالها المربون أياً كان موقعهم مسؤولية عظيمة في التأثير في المعتقد وما يترتب عليه من سلوكيات .

وللملف بقية ...