(بيرن باخ) تحفة معمارية من قلب النمسا

(بيرن باخ) تحفة معمارية من قلب النمسا

بدل رفو المزوري

[email protected]

النمسا\بيرن باخ

مدينة (بيرن باخ) لها تاريخ عريق في اقليم شتايامارك النمساوي،واسم المدينة يعني(جدول الدببة)وتروي الحكاية في الازمنة القديمة من الزمن الروماني بأن الدببة انحدرت من جبل (كابل)متوجهة صوب التلال وتمشت على جوانب جدول(كايناخ)ولهذا نشأت المدينة وحملت اسم جدول الدببة بالالمانية.في غرب اقليم شتايامارك حيث المراعي الربيعية والمروج الخضراء وتعدو الجياد البيض والتي تسمى في النمسا(الليبزيانر)وهذه الجياد توجد حالياً فقط في دولة النمسا.وتوجد في فيننا مدرسة الفروسية لهذه النوعية من الجياد حيث تتلقى التدريبات القاسية.مدينة(بيرن باخ)مشهورة بصناعة الزجاج وعمال المناجم والفحم وشهرتها ترجع الى ماقبل قرنين من الزمن في استخراج وعمل الفحم وانتاج الزجاج وبمرور الزمن نما الازدياد السكاني في هذه المنطقة وترعرعت هذه الصناعات في النصف الثاني من القرن العشرين،ولكن في السنوات الاخيرة قفزت قفزة نوعية وتحولت من مدينة صناعية الى مركزاً للثقافة والفنون والابداع وقبلة للزوار والسواح بجنب المعالم التاريخية والاثرية في (الجبل المقدس)برفقة 3 آلاف عام من الاستيطان وكذلك دير الكرملين وقصر عصر النهضة بالاضافة الى البرج الرومي ـ القوطي الذي شيد في القرن الثالث عشر لحين وصول عجلة الابداع والثقافة الى التحفة المعمارية وقطعة من قلب الاقليم (كنيسة القديسة بربارا)والتي سجلت تاريخاً انسانياً فنياً في محافل العالم في مجال التصميم للفنان النمساوي الراحل(هوندرت فاسر).

الرسام والمصمم والفنان(فردريك هوندرت فاسر) ترك اثراً كبيراً في تاريخ النمسا الحديث وهو من مواليد 1925\فيننا،وتعود انطلاقته الحقيقية الى عام 1980 لدخول النمسا تاريخاً حديثاً في مجال التصميم والعمارة بالرغم من شهرة الامبراطورية النمساوية وتاريخها العريق في فن العمارة والتصميم.

اسم الفنان(هوندرت فاسر) ومدينة(بيرن باخ) توائم في مجال الابداع الانساني من خلال التحفة الابداعية الانسانية والتي يعدها النمساويون من تحف القرن العشرين في البلاد وقطعة من قلب اقليم شتايامارك وهي كنيسة(القديسة بربارا).

تعد الكنيسة محل دهشة وانبهار وحلم للزوار من النمسا لما لها اثر ووقع على الانسان،بالرغم من رحيل الفنان عن العالم عام 2000 إلا ان اعماله تغزو المتاحف العالمية وانتشرت في اليابان وامريكا وسويسرا ونيوزيلندا ودولاً اخرى بالاضافة الى اعماله الخالدة في النمسا وخاصة قصر الفن في فيننا.

شيدت كنيسة المدينة في (بيرن باخ) خلال الاعوام 1948 ـ 1950 بعد ان خطط  وصمم لها المصمم والمهندس المعماري(كارل ليبفول) كنيسة بعد الحرب العالمية الثانية باسلوب ضليع وقاهر.وفي عام 1987 بدأ الفنان (هوندرت فاسر) بالعمل في هذه الكنيسة فنياً وقرر ان تغدو الكنيسة احدى معالم دولة النمسا الحديثة الفنية بالاضافة الى مكان العبادة ولكن الدور الفني بعد انتهاء الكنيسة برز على الدور العبادي فيها.

كنيسة(القديسة بربارا) ملونة وزاهية والوانها ترمز الى استمرارية الحياة والدوام،حيث تفوق التصميم على الابداع ذاته،حيث البرج والسقف والواجهة الساحرة والقبب الذهبية التي تشبه رأس البصل والكرات الذهبية تشكيلة رائعة ومتنوعة من جمال وكنز الالوان.يحيط بها البناء ذو 12 بوابة ترمز الى الاديان الكبيرة والثقافات الانسانية  العظيمة بالاضافة الى وجود الرموز الكثيرة والتي تحتاج الى تفسيرات وايضاحات وهذه الرموز تسلك دربها صوب اجوبة كثيرة من حياة الانسان.واما داخل الكنيسة فقد طرزت جدرانها والتي تسبح في بحر الهدوء والسكينة باعمال الفنانين النمساويين  ومنهم(البروفيسور فرانس فايس،رودولف بونتر،كورت زيسلر،ايرفين تالكر،اوتو برونير وآخرون).مركز ثقل حجرات الكنيسة يكمن في قوة الضوء والشعاع المسلط على الصليب.

لقد حاول الفنان (هوندرت فاسر) ان يجمع الاديان القديمة في عمله الكبير من خلال الاعمدة والالوان والابراج والابواب والموزائيك وقال في كلمته المشهورة بعد انتهاء العمل:على الكنيسة ان تكون قمة الجمال والابداع وعلى المرء ان يحس بالامان فيها ويجد فيها جسراً الى الطبيعة والانسانية والى الله،الله هو الخالق،فعلى الانسان ان يكون قريباً من دور العبادة.

لقد استغرق العمل بهذه الكنيسة عامان من الجهد الشاق ضمن فريق رائع وكذلك بمجهودات رئيس بلديتها وقتها(كونراد بيركمان).كنيسة(القديسة بربارا)عرض كشكل مجسم صغير في المتاحف ومنها في (بودن سى). يرمز الفنان(هوندرت فاسر) الى تصميم 12 بوابة حول الكنيسة بانها متاحة لكل الاديان في العالم والى التسامح والتعايش والعمل الجماعي معاً.

تعد كنيسة(القديسة بربارا) من اكثر مناطق الجذب السياحي في الاقليم ومنطقة الجياد البيض. وتضاف الى جمالية الكنيسة (نافورة موسى) في حديقة المدينة والتي صممها البروفيسور(ارنست فوكس) وشيدت على مساحة 60 متراً مربعاً من الخرسانة وتم تصميم الحوض ب 144 الف قطعة زجاجية وموزائيك و420 الف قطعة حجر(حصو)وفي حديقة الكنيسة توجد عربة كبيرة مليئة بالفحم الحجري وهي ترمز الى تاريخ المدينة القديم.

اشياء كثيرة في هذه المدينة الصغيرة تجذب النظر والاهتمام ومنها الكنيسة ونافورة موسى ومتحف فرانس فايس،متحف الزجاج،الجبل المقدس،قصر كايناخ،مسبح القصر في المدينة.واما عن تاريخ المدينة فعلماء الاثار يؤكدون بان المدينة قد استوطنها البشر قبل 800 عام قبل الميلاد واليوم تعد من العلامات البارزة في السياحة لوجود التاريخ القديم والثقافة المعاصرة ولكن تظل الكنيسة احدى التحف المعمارية في النمسا بتوقيع من الفنان الراحل (هوندرت فاسر) قبلة السواح.