الحمامة واليمامة (4)
ولأن صحراء الياء ووادي الحاء متجاوران، فقد تتلاقى الحمامتان على غصن
شجرة تقع على حدود المنطقتين.
وعند أول لقاء بعد سرد قصة ذات التوق، أو ذات الطوق، سجعت اليمامة
لصديقتها الحمامة قائلة:
كانت الغاية من قصتي هي التقرب إليك وكسب مودتك ووفائك؛ وأطلب منك الآن
أيضا وبحق الأخوة التي تربطنا بجميع الحمام، أن ترجعي إلى العقل والمنطق؛
وهل ثمة طائر عاقل منصف يقبل أن نتفرق ونحن حمامتان خلقنا من نفس الريش
ونفس الدم واللحم؟! لدينا نفس التطلعات والآمال، نفس الهواجس والهموم؛
فتعالي أن تبقى كل منا على طبيعتها ومعتقدها وطريقتها في الطيران، وأن
نتحد عند الكر والفر مع أعدائنا العقاب والباز والباشق والصقر والنسر...
لكن الحمامة امتنعت من أن تصالح أختها، أو تتعاون معها ما لم تعترف
ببطلان الياء والاعتراف بصحة الحاء.
فصوتت اليمامة برفق: صديقتي، سأعترف بصحة الحاء، ولكن هذا لا يستوجب
بطلان الياء، ذلك لأنني وبعد البحث والمطالعة أيقنت أن اسمي اسم صحيح.
فتعالي ننبذ الاختلاف ونركز على اشتراكاتنا وما أكثرها!
ولنعمل من غد معا، ولماذا نؤجل عمل اليوم إلى غد؟! فلنعمل من الآن معا...
تعالي الآن نخرج في مظاهرة اعتراضا على تغيير مجرى النهر.
غير أن الحمامة رفضت واحتدت على صديقتها وهدرت بغضب كان ارتعاشه بائنا في منقارها:
أنت تخططين لي؟! ابتعدي أيتها الصغيرة!
وصفقت جناحيها وأعرضت مبتعدة تاركة اليمامة في ذهول وامتهان.
وسوم: العدد 785