من المستشفى (4)
يقول المثل الأهوازي: أأنت مريض أم لديك مريض؟ وهذا يعني أن من لديه مريض، مريض أيضا. فذاك يتألم من دائه، وهذا يعاني نصبه وتعبه وتوتر أعصابه. ولهذا لم نذق حلاوة العيد هذا العام وأبي ما يزال في غيبوبته.
اليوم جاءت امرأة كهلة بحماتها العجوز إلى قسم الطوارئ، ومعها 200 ألف ريال، وقد نفد المبلغ بعد شراء الدواء. وعليها الآن أن تدفع 100 ألف إلى المستشفى أجرة حقن المصل المغذي. قالت لهم إنها لا تملك المبلغ، لكنهم لم يتنازلوا. فجاءت إلى حجرة المسؤول تترجاه، ولم يلب توسلها، فرجعت خائبة؛ ولهذا اتجهت إلى صالة الانتظار تستعين بالناس.
وتذكرت قبل سنة جاء شاب وبيده وصفة طبيب يطلب المساعدة، فقدمت له مبلغ الوصفة وفي قلبي حرقة وغضب. وعند رجوعي وجدته يستجدي ثانية وبنفس الوصفة! فأدركت أنه شحاذ غشاش. وقبل أشهر، طلب مني رجل أن أسحب له مبلغا من جهاز الصرف الآلي، ولم يكن في رصيده ما يكفي، فتأوه في حسرة وقال يكلم نفسه: ماذا أفعل الآن ومبلغ العلاج ينقصه 200 ألف؟! فتبرعت له بالمبلغ ...ثم تبين أنه شحاذ نصاب. وأدري أن سبب هذا التحايل والخداع هو الفقر ليس إلا... فهل من أذن واعية؟! أم أن المسؤولين عموا والمندوبين صموا فنبذوا ما وعدوا وراء ظهورهم؟!
ولم يساعد المرأة المسكينة أحد وقد قطع المحتالون البؤساء سبيل المعروف بأنواع الحيل في الاستجداء. فقلت لها: سآتي معك لدفع المبلغ، شكرتني كثيرا... دفعت المبلغ إلى صندوق المستشفى وناولتها الوصل، ولما تبين لي أنها صادقة لم أقصر معها في تقديم المساعدة.
وقضية العلاج قضية ترهق الناس بأسعارها الباهظة ومعظمهم يعانون من البطالة. ألا يجب أن يكون العلاج مجانا؟! ...ومفاتح ثروات أرضنا تنوء بالعصبة أولي القوة! ماذا ينقص هذا الشعب وثروات أرضه تصيب القاصي والداني بينما نساؤه تستجدي تكلفة علاجها؟! وأقولها بصراحة: إن أبناء شعبنا يعانون من البطالة المقصودة. ففرص العمل قد سرقت من أبنائنا واستولى عليها المستوطنون...فلولا تستيقظون.
وسوم: العدد 793