هذا هو العلماني قليل الدين أردوغان !
جاء وفريقه إلى سدة الحكم بعد عقود هيمن فيها العسكر الحديدي العلماني على الحياة السياسية في تركيا، ووجد نفسه أمام ميراث علماني ثقيل قد صبغ وجه الحياة التركية، وأحدث فاصلًا زمنيًا مقيتًا في السياق التاريخي للأتراك.
ركز على إحداث طفرة اقتصادية تفتح له أبواب التغيير الحر، وعندما لاحت البشائر عمل على تحييد المؤسسة العسكرية التي تحمي العلمانية الأتاتوركية، وأعاد الجيش إلى ثكناته بعيدًا عن التدخل في القرار السياسي.
هنا أصبح أردوغان المحافظ ذو الجذور الإسلامية وجها لوجه أمام العلمانية المدنية في سياق الصراع بين الهوية الأساسية والصبغة العلمانية الطارئة، وعينُهُ على إعادة الأتراك إلى جذورهم واستعادة هويتهم العثمانية ذات الركيزة الإسلامية.
حسابات المصالح والمفاسد ومراعاة سنة التدرج جعلت أردوغان يتفادى الصدام مع العلمانية الدخيلة على المجتمع، فلم يقيدها، وأطلق يد الشعائر الإسلامية تحت مظلة الحريات الشخصية.
قد علم أن استعادة الهوية المُغيّبة لن يسعفه فيها الزمن لتغيير الجيل الحالي، فسار على مبدأ حق الرعاية لهذا الجيل، وتنشئة جيل جديد يتولى بنفسه عملية التغيير الواسعة.
ترك أردوغان الأمر للتفاعل المجتمعي، الذي يرجح إحدى الكفتين، تركيا العثمانية أو تركيا العلمانية، ودعّم الاتجاه الذي يتبناه بإحداث تيار من الدراما الهادفة التي تلصق المجتمع بتاريخه وهويته الثقافية، مقابل الدراما التي تتبناها العلمانية وتعمل على تشويه التاريخ العثماني، وتعزز من فصل الأتراك عن جذورهم.
أولى أردوغان الناشئة اهتمامًا بالغًا، وقام بعدة إجراءات لغرس القيم الإسلامية وتعاليم القرآن والسنة في نفوس الأطفال وتعويدهم السلوك الإسلامي، وانطلق بمفهومه عن شمولية الإسلام في الاهتمام بالجوانب العلمية للأطفال، وفتح آفاق العمل السياسي أمامهم مبكرًا، يستقبلهم في قصر الرئاسة بيوم الطفل، ويشكل حكومة ظل من الأطفال وتنصيبهم في الوزارات المختلفة، لتنمية المسؤولية السياسية فيهم منذ الصغر.
ولما تجنب أردوغان الصدام مع العلمانية الذي هو معلوم النتائج، وترك المجتمع يأخذ وقته في التغيير دون أن يفرضه عليه، وخرج من بين صفوفنا من يكذب قائلًا: أردوغان علماني.
تركيا.. الجذور.. وثائقي انتجته على نفقتي الخاصة في 2016 عن تركيا وجذورها الإسلامية بين الفاتح الأول والفاتح الاخير.. ارجو النشر والتعميم والتفاعل للرد على القاعدين والحاقدين الذين يحملون أردوغان كوارث الأمة، مع الشكر الجزيل ..
وسوم: العدد 807