قضبان لامعة
هذه القصة ترويها الكاتبة (ثالما توسون) قالت :
في خلال الحرب العالمية الأخيرة ، صدر الأمر إلى زوجي بالانـتقال إلى أحد معسكرات التدريب في صحراء (موجيف) بولاية نيو مكسيكو وصحبته إلى مقره الجديد ،،،
ولكني سرعان ما كرهت ذلك المكان وأزدريته ، كان زوجي إذا خرج إلى معسكر التدريب في الصحراء ، خلفني وحيدة نهباً للضيق والضجر ، فقد كانت حرارة الجو فوق ما أحتمل ولم أكن أجد من أحادثه أو أسامره ، فالمكسيكيون والهنود الحمر لا يتكلمون لغتي وكان الطعام الذي أتـناوله والهواء الذي أستـنشقه محملين بذرات الرمال وبلغ بي الشقاء مبلغاً كبيراً ، حتى أنـني كتبت لوالديّ خطاباً قلت لهما فيه : إنـني عقدت العزم على ترك زوجي والعودة إليهما ،،،
وردَّ أبي على خطابي هذا بسطرين فقط ، سطرين سأذكرهما ما حيـيت لأنهما غيّرا مجرى حياتي تماماً وهذان هما :
*من خلف قضبان السجن ، تطّلع إلى الأفق إثـنان من المساجين فاتجه أحدهما بـبصره إلى وحل الطريق أمّا الآخر فتطلع إلى نجوم السماء...!*
وقد قرأت هذين السطرين وأعدت قرائـتهما مرات فخجلت من نفسي
وعوّلت على أن أتطلع إلى نجوم السماء ، وما هي إلا فترة وجيزة حتى عقدت صداقة وطيدة مع كثير من أهالي تلك المنطقة وبادلوني هُم وداً بود ، فما أكاد أبدي إعجابي بشيء من منسوجاتهم ، أو أوانيهم الخزفية حتى يسارعوا إلى إهدائه إلي ، ورحت أدخل على نفسي البهجة بتأمل مغيـب الشمس في جوف الصحراء ، كما أخذت أشغل وقت فراغي بإلتقاط الأصداف من الرمال التي كانت يوماً قاعاً للمحيط ،،،
إن صحراء ( موجيف) لم تـتغير كما لم يتغير الهنود الحمر ولكني أنا التي تغيرت ، أو تغير إتجاهي الذهني وبهذا أستطعت أن أُحوّل تجربة أليمة إلى مغامرة مثيرة تعمر بسيرتها حياتي ،،،
بل لقد كانت المغامرة من الإثارة بحيث دفعتـني إلى تأليف قصة بعنوان : ( قضبان لامعة) وكنت أعني بها تلك القضبان التي تطلعت من ورائها فرأيت نجوم السماء...!
وسوم: العدد 808