خطوات متعرجة …. محاطة بالأشواك!
مع مرور الوقت، اكتسب خبرة كافية في مجال الزراعة والإدارة والتسويق …وأصبح المشرف المباشر على أعمال أبيه المسن … وأب لطفلين أيضًا…ولنجاح وديمومة أعماله، لم يتوانى في دفع الرشاوي بمثابة الهدايا وعربون المحبة لجهات معنية! أو كلما تخبط وتعثر عمله في ظرف ومكان ما …
تساقط أحجار العز …
…. بعد مقتل والده، وجد نفسه وحيدًا في حقل كان يعج بالحركة والصخب ومبتل بعرق العمال الذين تمتلئ جيوبهم من خيراته، الذي أصبحت خضاره الآن على وشك الذبول، ومنزل على مقربة منه لا يسكنه سوى التوجس والقلق بعدما كان مفعمًا بالحياة، بالضيوف والولائم وسكانه يوزعون الابتسامات مجانًا …
وهو الذي كان حتى في وقت قريب بمأمن عن السين والجيم وأروقة ودهاليز الاستخبارات والأجهزة الأمنية لطالما لم يكن يحمل أفكار وإيديولوجيات سياسية بته ولا يناهض السلطة الحاكمة أبدًا، ولا ينتمي إلى أي من التيارات المعارضة، جل تفكيره كان يكمن في مصالحه الاقتصادية وملذاته الشخصية، أما اليوم، تضيق به دائرة الخطر …
رحلة باتجاه الغرب…
لذلك، سيضطر لترك مصالحه ومنزله ويعبر الحدود برفقة والدته وزوجته وطفليهما إلى إحدى دول الجوار حيث هناك أخته الوحيدة المتزوجة من أحد معارفهم…
في ظرف بضعة أشهر، وبطلب رسمي من شقيقه المغترب منذ فترة طويلة، وصلوا إليه …
تبدأ رحلة عذاب جديدة في مقارنة بين الأمس واليوم. وهو في حلقات التيه والاغتراب التي تزيد على كاهله ألمًا واكتئابًا، يعيد شريط ذاكرته عندما كان ملك زمانه في دولة كانت أغلب الأشياء فيها تسير على عربات المحسوبية وكم الأفواه بالأوراق النقدية ….
مسألة الاندماج…
الأم راضية بقدرها لأنها على الأقل هي بين أولادها وأحفادها، وشقيقه المتزوج من الأوربية، اكتسب ثقافة أوربية نوعًا ما، ومقتنع بأسلوب حياته…
أما الشاب الذي لم يتجاوز بعد سن الأربعين، يصف شروط الاندماج بالتعجيزية كما الحصول على الإقامة الدائمة والتي تأتي من خلالها معظم الحقوق الأخرى …!
هذه الشروط ربما تكون قاسية حقًا، لكن، على المرء/ اللاجئ! تلبيتها إذا كان يريد البقاء في هذا البلد الأوربي …. حتى إيجاد العمل فهو ليس بالأمر السهل كما كان يتوقعه…
مشروع تجاري …
يتمنى أن يعود إلى وطنه، لكن الحرب لا تزال قائمة هناك، والأخبار تأتيه بالتدافع من هناك كالرصاص الطائش الذي أصاب والده في إحدى معارك لا ناقة ولا جمل لهم فيها! ليصيب جروحاته المفتوحة أيضًا بفعل الغربة فيدخل إلى متاهة أكبر… باكتئاب أضخم! منزله احترق واندثر، والآليات الزراعية اختفت وسرقت بفعل المعارك الدائرة في تلك المنطقة التي تقع قريتهم في قلبها ولم تبق إلا أرض عارية …! أصبحت جرداء…
بعد وقت طويل وتفكير عميق، أسس مع مغترب قديم وشركاءه مشروع تجاري، من بعض الأموال التي نقلها إلى أوربا سابقًا، لكنه في ظرف أقل من عام خسر كل شيء بسبب سوء الإدارة وعدم معرفته بالقوانين ونظام السوق، إضافة إلى عدم إتقانه للغة …
عاد خالي الوفاض، يزمجر غضبًا، لم ينهض من الصدمات متتالية بسهولة.
هم بالأصل شاركوه بسبب أمواله ولا لشيء آخر، ويقول: إنهم نصبوا عليه!
الفرصة الأخيرة …
راود بعض الحانات والمقاهي والنقاط الترفيهية، هناك التقى بـ امرأة، وكونوا صداقة متينة حتى بات لا يهتم بزوجته ويهددها بالطلاق الفعلي إن لم توافق على خطته، والخطة هي أن يطلق أم أولاده أمام الدوائر الرسمية للدولة المستضيفة، ولكن تبقى في ذمته شرعًا إلى حين الحصول على الإقامة!
الزوجة التي هي ربة المنزل، ولا أحد لها في هذا البلد سواه، رفضت الفكرة جملةً وتفصيلًا، ورغم كل محاولاته معها في الشرح عن مزايا مشروعه هذه عليهم!
حصل الطلاق والقطيعة النهائية بينهما!
المرأة الأجنبية/ العجوز التي تكبره عقودًا، قبلت به زوجًا رغم معرفتها عن سبب ولعه بها!
فَقد العائلة …
حصل على الإقامة ونسي الوطن!
وسوم: العدد 841