بلا وطن
كنتُ صغيرة .. صغيرة جداً .. حين زرعوا حبَّه في أعماقي ..
كانت أمي ترسم لي ملامحه بدقة ..
كنتُ أجلس الساعات الطوال أتأمل ابتسامتها . ودمعة عينها حين تقص عليَّ قصصا .. وأحداثا ... من شدة تعلقي بها كنت أتخيلني معهم ..! كبرت ..وكبرتْ معي الصور والأماكن في مخيلتي أكثر . حتى أنّي أكاد أكون عشتها حقيقة..
وصرتُ أشتاقها.. على أمل أن ألتقيها صدفة...
مضت اﻷيام والسنوات ... وشاءت اﻷقدار والتقيت به أخيرا ... وكانت صدمة اللقاء مشاعر جامدة .. أو مبهمة .. ﻻ يشبه أيا من الصور المرسومة له بمخيلتي ...
غريب هو جداً ... وأنا غريبة عنه !!!
اقتربت منه عانقته علّ العناق يشعرني به أكثر .. وإذا بوحشة مخيفة أعيشها بأحضانه .. غربة موجعه ..لم أشعر باﻷمان الذي حلمت به طوال تلك السنوات .. سرت في شوارعه وإذا بها ترمقني بقسوة ...
نظرات استغراب من كل ما حولي ... تجولت أكثر فلم أجد لي أي ذكرى بزواياه .. جدرانه مليئة بالكلمات والرسومات ﻻ مكان لحروفي بينها ..
لن تحكيني أزهاره وﻻ بساتينه ... كل مافيه يلفظني .. نعم يرميني خارجه .. وحيدة أنا .. بلا انتماء ..ﻻ أمل بعودتي لأرض ظننتُها وطني ..
وﻻ حياة في وطن كل مافيه يجهلني ! مطروحة أنا على طرقات الوحدة ... تدهسني عجلات الزمن .. تائهة منذ سنين .. قد أرحل قبل أن أجدني بلا وطن ...
أنتظر صحوته من غفلة تجاهله لي ، فهل تُرى سيصحو ذات يوم ؟
وسوم: العدد 877