نُورَانْ..
محسن عبد المعطي عبد ربه
كَانَ يَا مَا كَانَ ، وَلاَ يَطِيبُ الْحَدِيثُ إِلاَّ بِذِكْرِ رَسُولِ الرَّحْمَنِ إِلَى كَافَّةِ بَنِي الإِنْسَانِ وَكَذَلِكَ عَالَمِ الْجَانِّ ، وَسَائِرِ مَخْـلُوقَاتِ اللَّهِ فِي كُلِّ الْأَزْمَانِ ، فَهُوَ خَاتَمُ رُسْلِ اللَّهِ الدَّيَّانِ ، صَـلُّوا عَـلَـيْـهِ وَسَلِّمُوا يَا خِيرَةَ الْوِلَدَانِ , كَانَ هُنَاكَ أَخَوانِ ، أَحَدُهُمَا اسْمُهُ(نُورَانَ) وَ الْآخَرُ اسْمُهُ (حُلمانَ), نُورَانُ رَجُلٌ طَيِّبٌ ( غَـلْـبَانٌ) يُلْقِي أَحْمَالَهُ عَلَى اللَّهِ الْمنَّانِ، وَيَطْرَحُ الْهَمَّ وَيُلْقِيهِ جَانِباً ، رَامِياً بِهِ فِي عَالَمِ النِّسْـيَانِ ، تَـأْكُـلُ الْقِطَّةُ عَيْشَهُ وَهُوَ رَاضٍ غَـيْـرُ نَدْمَانٍ ، يُحِبُّ أُمَّهُ وَيَرْجُوهَا أَنْ تَدْعُوَ لَهُ وَالْكُلُّ نَعْسَانٌ ، كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، فِي حُجْرَةِ جُلُوسِ عَائِلَتِهِ وَ يُرَدِّدُ بِصَوْتٍ جَمِيلٍ يُرَدِّدُهُ مَعَهُ الزَّمَانُ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)[ سُورَةُ الرَّحْمَن, وَكَانَ يَـأْتِيهِ الْغِلْمَانُ ، وَيَـسْـأَلُونَ عَـنْـهُ الْإِخْوَانَ ، فَـيُوصِى أُمَّهُ - بِكُلِّ طِيبَةٍ وَحَنَانٍ- أَلاَّ تُخْبِرَ أَحَداً - كَائِناً مَنْ كَانَ ،مِنْ بَنِي الْإِنْسِ أَوِالْجَانِّ - عَنْ كَـيْـنُونَةِ وُجُودِهِ فِي أَيِّ مَكَانٍ ، كَانَ يُغْلِقُ بَابَ الْحُجْرَةِ بِامْتِنَانٍ, وَبِقَلْبٍ يَفِيضُ بِالشُّكُورِ , لِرَبٍّ وَاحِدٍ يَعْـلَمُ أَنَّهُ الْمُسَيْطِرُ وَالْمُهَيْمِنُ وَيُوَحِّدُهُ الثَّـــقَلاَنِ ، وَيَظَلُّ فُؤَادُهُ الْهَيْمَانُ مُولَعاً بِتِلاَوَةِ الْقُرْآنِ ، يَنْشَقُّ اللَّـيْلُ بَعْدَ الْمُـنْـتَصَفِ, وَ قَـلْـبُهُ يَـتَخَطَّى الْـمُـنْعَـطَفَ تِلْوَ الْـمُـنْعَـطَفِ ، وَيَـتَرقَّى مَنْزِلاً عَالِياً بَعْدَ مَـنْزِلٍ ، وَصَـوْتُهُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ يُجَلْجِلُ ، وَيُزَلْزِلُ ، فَـتَسْرِى تِلاَوَتُهُ ، تَزِيدُ النَّـبِيهَ نُوراً عَلَى نُورٍ فِي كَافَّةِ التِّلاَلِ وَالْهِضَابِ وَالْوَاحَاتِ وَالْغَابَاتِ وَ الْوِدْيَانِ وَ الْخِلْجَانِ ، وَتنْزِلُ عَلَى قَـلْبِ الْحَـيْرَانِ تُعْطِيهِ الدِّفْءَ وَ الاِسْتِقْـرَارَ وَالْأَمْنَ وَالْأَمَانَ ، وَ تَهْبِطُ عَلَى قَـلْبِ أَخِيهِ الْعَاصِي (حُلْمَانَ) كَالْـبُرْكَانِ ، فَيَتَحَوَّلُ (حُلْمَانُ) - الَّذِي كَانَ رَجُلاَ شِرِّيراً عَلَى مَدَارِ الْأَزْمَانِ, يَعُمُّ شُرُورُهُ حَـتَّى الْجِيرَانَ فَيَتَأَذَّى مِنْهُ أَخُوهُ نُورَانُ - إِلَى كَائِنٍ رَقِيقٍ جَمِيلٍ صَاحِبِ شُعُورٍ مُـتَـيَـقِّـظٍ نَدْمَانٍ ، مُـتَـفَـتِّحٍ لِنُورِ الْقُرْآنِ ، مُنِيبٍ إِلَى اللَّهِ بَعْدَمَا قَطَعَ طَرِيقاً طَوِيلاً فِي بُـحَـيْـرَاتِ ( التَّـيَهَانِ) ، يَسْـتَغِيثُ مُحَاوِلاً أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الشُّطْآنِ ، مُمْسِكاً ( بِالنِّسِيلَةِ) لتعاونَهُ على الخروج ،وَلَكِنَّ جُذُورَهَا تَخْرُجُ فِي يَدَيْهِ، وَ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ الْغَرِيقَ ، وَلَكِنَّـهُ يَجِدُ مَكَاناً جَمِيلاً كَالْـبُسْـتَانِ ، مَكْـتُوباً عَـلَـيْـهِ : الرَّحْمَنُ ، فَيَصْـرُخُ يَا الرَّحْمَنُ ، يَا مَنْ زُيَّـنْتَ بِنُورِ حُرُوفِكَ الْجِنَانَ وَ سَبَّحَ لَكَ اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ، وَيَجِدُ نَـفْـسَـهُ قَدْ انْـتُشِلَ مِنَ نَارِ الْعِصْـيَانِ وِأَصْبَحَ فِي قَـلْبِ الْجِنَانِ ، تَصْحَـبُـهُ(حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْـسٌ قَـبـْـلَـهُـمْ وَلَا جَانٌّ (74) [ سُورَةُ الرَّحْمَنِ, وَهَكَذَا تَـتَبَيَّنُ فَضَائِلُ آيَاتِ الرَّحْمَنِ ,وَيُصَدِّقُ حُلمَانُ, بَعْدَ أَنْ تَزَيَّنَ بِنُورِ الْإِيمَانِ ,وَاشْتَاقَتْ لِقِيَامِه ِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ رَكْعَـتَانِ ، فَـيَـتَـوَضَّـأُ وَ يُصَـلِّي مَعَ أَنَّ السَّاعَةَ اثْـنَـتَانِ ، وَينَامُ شَكُوراً مُطْمَئِنَّ الْجَنَانِ.