قصص قصيرة بتصرف من واقع الثورة السورية

قصص قصيرة

بتصرف من واقع الثورة السورية

§ كان(بسبس القط) كصاحبه يعشق الحرية و كان يهرب كلما فُتح الباب, و اليوم كان الباب مفتوحا طوال الوقت, و لم يخرج بسبس منه أبدا, لقد خاف بسبس من الحرية التي جعلت صاحبه مضرجا بالدماء, و بقي بجانبه طوال الوقت يودعه.

§ كانت ابتسامات الشهداء تغريه فيلحُّ على الله بالدعاء أن يلحقه بركبهم, و أخبرنا اليوم بأنه سيكون العريس وصدَق, و كانت ابتسامة حلوة تزين ثغره أيضا.

§ توقعت أنه سيلزم بيته بعد تلك الأيام التي قضاها في المعتقل و كل تلك الجروح و الحروق و الندوب التي عاد بها, و لكنه لم يفعل بل لزم الشارع و أحيا الحي بكامله بهمته و عناده و عشقه للحرية و للشهادة.

§ دفع زوجها مبالغ طائلة لرشوة ضابط الأمن و سمح لها بأن تزور ولدها الشاب في ذلك المعتقل الذي جُمع فيه المتظاهرون, و عندما اقترب موعد الزيارة و دخل الشاب اليافع كان بجواره طفل بعمر العاشرة, أسرعت والدته نحوه تحتضنه و توصيه بإخوته الصغار هناك.

§ أسرعوا ليحملوا رفيقهم المصاب برصاص قوات الأمن قبل أن يأخذوه و تتم تصفيته في مشافيهم, دخلوا إحدى البنايات و أغلقوا بابها, و استطاع الأوغاد أن يعرفوا مكانهم و بدءوا بضرب الباب, تركوا رفيقهم على الأرض مغمى عليه من شدة النزف- و هربوا نحو السطح بعد أن أخذوا منه أوراقه الشخصية, و خرج أحد الساكتين من بيته ليفتح باب العمارة, ووجد رجال الأمن في وجهه فقبضوا عليه و جرُّوه معهم, فنزل الشباب المتظاهرين بعد مدة ليحملوا رفيقهم نحو مكان آمن.

§ تكالبوا على رفيقه كالمجانين, و بدأت ركلات الحقد و ضربات الغيظ تحطم عظامه و تنثر دماءه و هو بعيد عنه ضعيف في هذه المواجهة, فما كان منه إلا أن صرخ باتجاههم : “فجر نفسك..لقد أصبحوا فوقك عشرين” فهربوا و فك الله قيد الأسير.

§ كتب على ساعديه عبارات تؤيد الرئيس القاتل, و خرج في المظاهرات المطالبة بالحرية, و كان ينتظر من تلك العبارات أن تحميه لو وقع في الأسر, وعندما اعتقلوه ؛عرضها عليهم قائلا أنه خرج مع المؤيدين, و جاؤوا له بالأفلام التي صورها (العواينية) و التي تظهره و هو يهتف للحرية و ضربوه ضربا مبرحا مضاعفا, و خرج بعد أيام و عاد للمظاهرات دون أن يكتب على ساعديه أي شيء.

§ كنا نعرفه سكيرا و من أصحاب الذنوب و كان الجميع يتحاشاه, ورأيناه في بداية المظاهرات ينتظر المصلين عند باب المسجد خجلا من دخوله وهو يحمل على ظهره أطناناً من الذنوب, و بعد مدة رأيناه في المسجد و كان يبتسم للجميع و يحكي عن قصة توبته قبل أن يخرج معهم.

§ أتعبته تلك الأزمة القلبية التي اضطرته للزوم المنزل, و لكن نداءات الثورة لم توقفه؛ بل أرسل لها ولديه بكل محبة و تسليم, و لكنه كان يوصيهما بالتوجه نحو مكانين مختلفين, و كان يرجوا أن يسلم واحد منهما لو أصيب أو اعتقل الآخر.

§ عرفوه منذ زمن زعيما للحشاشين و البلطجية وقف في دوما وطلب من منادي الثورة أن يسمح له بالكلام امام المتظاهرين ففسح له المجال فقال باسم الزعران و الحشاشين و النصابين اقف بينكم اليوم لاعلن عن توبتنا جميعا عن كل الأثام ارادة ان يسقط النظام (ثبتهم الله على احسن حال)

§ امرأة من الخنساوات أكرمها الله بأربعة من الشهداء زارها في معسكرات تركيا في الشمال فأراد أن يعزيها فسبقته بالعزاء قائلة لم يكن أولادي الأربعة يعرفون القبلة للصلاة و منذ ان بدأت الثورة لم يفقدهم يوما الصف الأول من صلاة الفجر الى أن صاروا عند الله العزيز الغفار.