القصاب

القصاب

عادل العابر - الأحواز

[email protected]

 قالت زوجته: فلنشتر اللحم من هذا القصاب.

مسك يدها وراح يمشي نحو قصاب ثان وهو يقول:

ذلك القصاب يعرفني ويحترمني كثيراً، فييبيع عليّ اللحم دون أن يكثر بالشحوم.

كان القصاب ماسكاً الساطور والسكين دون أن يكسر أي عظم أو يقطع أية لحمة أو شحمة، بل يتبادل النكت مع صديقه ويضحكان بملء فيهما، ولما رأى الرجل مقبلاً حياه بوجه باش ثم سبقه قبل أن يطلب نوع اللحم قائلاً:

لا شك أنك وطبقاً للعادة تريد لحم غنم!

قال الرجل وهو ينظر نحو زوجته متباهياً : نعم وأرجو أن يكون طلياً صغيراً.

تبسم القصاب وهز رأسه للطاعة وقال:

عمره لا يتجاوز العشرة أشهر!

ثم أخذ المبرد بحركة روتينية بيده اليسرى وسن سكينه المسكينة التي يسحلها للمرة الألف منذ الصباح ونقى للرجل من ناحية الفخذ لحوم جيدة وناولها إياه.

إستلم الرجل لحم (الطلي) ودفع المبلغ ومشيا إلى محل آخر،

ثم تذكرت زوجته ما يلزمها من لحم مثروم،

قال الرجل مغتنماً الوقت: إشتر اللحم من نفس القصاب وستجدينني في المحل الآخر أكمل المسواق.

رجعت المرأة إلى القصاب الذي يحترم زوجها ويجله، كان لم يزل متمطقاً بالنكت مستغرقاً في الضحك!

قالت في نفسها: ماذا رأي زوجي في هذا القصاب من طيب وأنا لا أراه؟!

فلا أراه إلا تافهاً غير مهذب.

ثم طلبت منه لحماً مثروماً.

لم ينتبه القصاب إلى زوجة الرجل أو ربما لم يعرفها فقال لصديقه: 

هل رأيت الرجل الذي إشترى اللحم للتو؟

قال صديقه وقد أثير فضوله: نعم، اكمل.

قال القصاب ولم يملك نفسه من الضحك:

مدرس مسكين، أبيع عليه لحم (عنز) بدل الطلي في كل مرة ولم ينتبه لحد الآن!

قال صديقه بعد أن زهزق في ضحكه: هكذا هم المدرسون، بسطاء ويثقون بالطرف المقابل ثقة عمياء.

سمعت الزوجة ما قاله القصاب وصديقه فأبلغت زوجها بما دار بينهما،

فرجع الزوج بغضب متكدس ورمى اللحم في وجه القصاب الغشاش وشهره في السوق.

وخسر القصاب زبوناً محترماً ينظر للناس بعين إيجابية، بما فيهم العاملون في الأسواق.