عبودية الأحرار

د. عصام محمد عبيد*

[email protected]

اقترب منتصف الليل عندما نزعت " إيمان " ورقة من مفكرتها و جلست على مكتبها و أخذت تكتب بقوة من يخشى أن يستسلم لضعفه ، و كتبت تقول أرجو سيدي ألا يغضبك صدقي أو يحزنك ، فقد كتبت إليك في لحظة كرهت دوماً أن تأتى ، فحين رايتك لأول مرة توهمت أن هناك خيطاً متيناً بيني و بينك ، يشدني بقوة رجل احتمى في احساسه و صدقة و يحتوينى بمشاعره الفياضة ،  و ظننت أننا سنلتقي في عمق الصدق و الإحساس لكنني حين أحببتك ازددت أنت قوة و منحتني ضعفاً .

و اليوم فقد كرهت ضعفى و مللت استسلامي و انتظاري ........ سيدي كرهت الحب الذي جعلني أكون فقط حين أكون معك ... و الآن  بعد أن اصبح لدى يقين بأنك مصدر ضعفى ، و وددت أن أقول لك أنني اكره العبودية ، فبداخلي عشق للحرية يفوق عشقي لسواها ... و حينما رايتك .... احسستك .. توهمت أن حبك لي يمنحني الحرية ...

حرية أن احبك اكثر ، أن احبك اعمق حباً نكون فيه أقوياء حيناً و ضعفاء حيناً آخر ..... حباً يمنحني قوتي و يسلبني ضعفى ... تأخذ بيدي كما اخذ بيدك ... لا أن تجعلني انتظر حتى تمد يدك فتذكرني بضعفى .. نعم توهمت خطأ ً انك دون العالم كله اننا نزداد قوة حين نكون أنا و أنت احراراً .

و قررت " إيمان " أن تسلم ورقتها إلي " خالد " بنفسها ، فتتحدى بذلك كل ضعف شعرت به معه لكي تنكره و هي اكثر احساساً بقوتها ... اكثر احساساً بحريتها ...و بالفعل تقابلت معه و سلمته الخطاب دون أي كلام ... سوى الصمت الغاضب منها .

و في اليوم التالي وجدت " خالد " يسلمها رداً على رسالتها يقول فيه ... حبيبتي بل سيدتي ... قوتي و ضعفى لا تقلقني ، فالحب سيد على روؤس البشر .. فلا تغضبي ، فلست أنت " عبداً " وحدك ، و إنما نحن الاثنين عبدان لسيد واحد ، اخترناه بإرادتنا .... نعم نحن الاثنين عبدان له ، لكنها أحلى عبودية ، إنها  " عبودية الأحرار "  فلا تحزني و لا تطلبي منى حريتك ، فان فاقد الشيء لا يعطيه ، أما قوتي التي منحتينى إياها بحبك فأنا لا أنكرها .. لكنها ليست القوة التي يقابلها ضعف منك . .. إذ كيف لضعيف أن يهب قوة .... لأنه لا يهب القوة لغيرة إلا من هو أقوى ... سيدتي بل أميرتي ... أنا أيضا لا اشعر بكياني إلا بجوارك ، فاستمد سعادتي من دفء المشاعر التي منحها الله لكي دون حساب ، فتحتويني بقوة جذب لا أقاومها .... لا أواجهها .....

و أخيراً لا تكلفي نفسك مشقة الرد ... فقط أتمنى رداً واحداً ..... أن تدعى أوهامك جانباً .... و تأتى لنكمل معاً رحلتنا ....

و أسرعت " إيمان " إليه تسبق الفرحة كلماتها ... نعم سيدي سأترك أوهامي جانباً أكمل معك أحلامي ...... حين يضمنا بيت صغير ... أكون فيه خلفك و بجوارك و معك دوماً دوماً ............ !

               

*د. عصام محمد عبيد

تاريخ الميلاد : 1/12-1971

محل الإقامة الحالي : الاسكندرية - مصر

الجنسية : مصري

المهنة : أستاذ جامعي

الشهادات الدراسية : دكتوراة في المكتبات والمعلومات

الإيميل : [email protected]