بنت الشوك
بنت الشوك
أ. تحسين أبو عاصي
– غزة فلسطين –
الزواج عندنا قسمة ونصيب ، والحياة دروس وعبر لمن أراد أن يتعلم العبر .
تزوج رجل من فتاة وأنجب منها خمسة من البنات ، ولم تنجب له ذكرا واحدا في حينها ، وفي كل مرة كان يسْود وجهه ويكظم غيظه ، ويزمجر مهددا زوجته ، متوعدا بطلاقها إذا أنجبت له بعد ذلك بنتا .
كانت تتألم بمرارة لا يعلوها مرارة فالله هو الذي يهب لمن يشاء ذكورا ويهب لمن يشاء إناثا أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ، هكذا يعلمنا الله في كتابه ، وهي لا حول لها ولا طول في ذلك .
أنجبت له البنت السادسة ، وعندما عاد من عمله وبُشِّر بها ، قذفها في حقل لنبات الصبر ؛ لتقع وهي بنت الساعات من عمرها بين ألواح وأشواك نبات الصبر ، أسرعت النساء إليها و تم تنظيفها من الشوك ومن ثم تغسيلها والعناية بها ، وكما يقول المثل : الحي حي ما له قاتل .
أنجبت الأم بعدها أربعة من الذكور ، وأصبح كل واحد منهم رجلا فتيا ،
أما البنات فقد كبرن ثم تزوجن ، تزوجت كل واحدة منهن في مكان بعيد عن بيت الأسرة التي ترعرعت فيه ، كل واحدة في مدينة ، إلا البنت التي ألقى بها أبوها بين الصبر والشوك ، فقد تزوجت بالقرب من بيتها بحيث لا تبعد عشرات الأمتار عن بيت أسرتها .
كبر الأب ، ووهن عظمه ، وصار في حاجة لأبنائه ، ولكن الله سلّطهم عليه ففي كل يوم كان يحلو لهم أن يوجهوا له الشتائم والإهانات والتوبيخ .
لم ينفعه في محنته غير ابنته التي قذف بها بين الشوك فهي الوحيدة التي كانت تبرّه وتقوم بخدمته وتسهر على رعايته وخدمته ، فهل يعتبر بعد ذلك الإنسان ؟ .
قال صلى الله عليه وسلم : من أعال ثلاث من البنات ، وأحسن إليهن، أدخله الله الجنة ، قالوا واثنتين يا رسول الله ؟ قال واثنتين ، قالوا : وواحدة يا رسول الله ؟ قال : وواحدة . صدقت يا حبيبي يا رسول الله .
(( فويل للقاسية قلوبهم من عذاب أليم ))