مأساة حذاء

مأساة حذاء

لبنى ياسين

[email protected]

اتلاقى و اياه على حافة جرح امة تنزف, و على شفير هاوية ذل مؤلم . (الكل) يندد و يستنكر ثم يلتهم عشائه ممزوجا بمشاهد الاخبار الدامية فيسب و يلعن تلك المشاهد و الاخبار التي خربت عليه عشائه و شهيته  ثم يقلب قنوات التلفاز بحثا عن حفلة ما...أبطالها تعر ٍ فاضح و حركات ماجنة تعلن عنها قناة الفحش بكل صفاقة و ترعاها كل شركات الاستثمار و التغذية التي استثمرت شبابنا استثمارا مقززا و غذت عقولهم بما لا يسمن و لا يغني من جوع , و بضمير اقل ما يقال عنه انه مرتاح يتكئ الكل على كرامة الأمة المذبوحة لمتابعة احداث الحفل بشهوانية فاضحة فقد فعلوا ما يجب عليهم فعله ... نددوا و استنكروا و خرجوا في مظاهرات سلمية تناولوا اثناءها المرطبات بانواعها و هم يشجبون الاحتلال الامريكي للعراق ثم جلسوا على ضمائرهم بانتظار معجزة ما .

أراني حذاءه الرياضي الجديد متفاخرا : انظري ... أليس انيقا ؟؟؟

أجبت : حقيقة هو في غاية الأناقة ... ثم استطردت : و لكن لم اشتريته ؟؟هل تنوي العودة الى ملاعب كرة السلة؟؟

أجابني هازئا : السلة؟   لا طبعا ... أين ذهبت بتفكيرك؟؟ اللعبة الآن أهم و أقوى من السلة و الفوز فيها فوز عظيم ...

ـ....؟؟
و يكمل :انه من اجل الجهاد , اريد ان اتحرك بخفة و انا اقاتل الجيش الأمريكي ...لعل النصر يكون قريبا و يأتي به الله على ايدينا, او يتقبل منا و يكتبنا من الشهداء الابرار.

غلفني الحزن فصمتت و لم اضف , كنت اعرف عزمه على الشهادة او النصر و اعلم انه لن يهنأ بالا الا بطرد الاحتلال الأمريكي خارج حدودالعراق الطيبة .

دارت في خاطري افكار غريبة , أ للأحذية اقدار و مسارات ايضا كما للانسان ؟؟؟ حذاء كهذا سيعانق قدميه الطاهرتين و ينغرس في معارك التحرير فاما هو و صاحبه شاهدان على النصر او صاحبه شهيد ..حري به ان يفخر بالقدمين اللتين يعانقهما ... حري به ان يقبلهما , فصاحبهما و الله يشهد من اكرم و انبل و اطهر الناس و احسنهم خلقا و خلقا.

و يحدث ان يعتلي حذاءا ما قواد قذر فيصرخ الحذاء معترضا : أ مثل هذا يعتليني ...حق علي ان اعتليه أنا و اشرف رأسه.

و يحدث ان يعتلي حذاء آخر ـ ربما كان من أفخر الماركات و مصنوع من جلد بقرة او تمساح او حتى حمارـ  سياسي محنك او محنط تفوح من رأسه رائحة المؤامرات و الخيانات و الدسائس النتنة فيستجير الحذاء قائلا : رائحة هذا الشئ الذي يعتليني انتن من رائحة حذاء قديم مهترئ انقذوني منه .

و قد يعتليه سجان ظالم او ضابط من ذوي الرتب المرعبة التي تسمح لصاحبها بالتدخل في اقدار الناس و مجريات حياتهم و بتطبيق انواع من الظلم ما اتى به اليهود .

و قد يعتليه مجاهد  لا يخشى في الحق لومة لائم كما حالنا فيبتسم هذا الحذاء تحت قدمي صاحبه فخورا بكل خطوة يخطوها تحت اقدامه , أو عالم جليل كرس نفسه و علمه لخير البشر , او مواطن نظيف لا هم له الا لقمة عيش لا تنغمس الا بعرقه .

اليس للاحذية مسارات غريبة تتعاقب عليها ارجل تسير بها حيث تشاء من مرقص الى قاعة مؤامرات عفوا اقصد مؤتمرات الى ساحة معركة الى  جامعة؟؟؟

الا ينتظر حذاء صاحبه على باب المسجد بينما ينتظر آخر تحت سرير غانية فيسمع ما يجعله يشعر بالغثيان ؟؟

و ابتسمت عند هذا الخاطر ... يشعر بالغثيان ... أليس هذا ممكنا؟؟؟

بعد بضعة ايام من شراء الحذاء استشهد صاحبه كما اراد دائما و كان في ذمة الله طاهرا نظيفا لم تلوثه قذارات البشر , تحتفل به السماء و تستقبله الملائكة مرحبة .اما الحذاء ...فما زال ينتظر قدمين آخرين ...يتمنى ان يكونا لمجاهد آخر ... و من يدري... قد يطول انتظاره ... و قد لا يطول .