بار.. أحرنوت !
بار.. أحرنوت !
محمد مسعد ياقوت- باحث تربوي
بلطيم كفر الشيخ
دائماً يسترسل في الماضي الأليم ..
لا يقوى على نسيان الجراح ، أيام كان طفلاً صغيراً ، يلعب بالرمال الفيروزية على شاطىء" يافا" الساحر!
أيام تحولت هذه السعادة الوردية إلى أحزان و أشجار من الأسى ، بعدما تحطم بيته البسيط ، جراء القذف الصاروخي البغيض
صوت الجرافات المزعج يخترق أذنيه الرقيقتين !
( طنين طنين طنين..طُب !)..
ضربات الصواريخ المفزعة .. تهز كيانه..
( أزيز.. أزيز.. أزيز....طاخ!!).
.يحن إلى مسجد" عثمان" شرق يافا ،
لقد تعلم فيه دروس التجويد و الفقه والسيرة .
ولكن في الحقيقة هذا الحنين يصعق في كل مرة بتيار كهربي بشع ، حينما يتذكر هذا المنظر الجلل ؛ الذي ظهر فيه سقوط المسجد وتدميره بالجرافات..!
يواصل الحنين بعدما ذهب تأثير الماس الكهربي المتردد ؛ و من ثم يواصل استرساله وسيره نحو مكان مسجد عثمان العتيق..
هاهو يمشي في طريقه إلى مكان المسجد ..
يقترب و يقترب ..
أصبح على مرمى البصر ..
وكلما اقترب يرتفع في وجدانه صوت شيخ المسجد..
نعم .. لقد تذكر دروس المسجد في القرآن والسيرة ..
ترن في ذهنه ترديد حلقات القرآن :
ـ أقرأ يا محمود " والتين والزيتون" ...
ـ أحسنت يا محمود !!
ـ حسبك يا محمود !
ـ يا ولد يا محمود !؟
و لا زال في سيره شارداً ، وبتابع صوت الشيخ الأجش ، و هو يصف ببراعة براعة الصحابة الكرام في فتح حصون خيبر المنيعة :
ـ الله أكبر خربت خيبر !!
ـ لأعطين الراية غداً لرجل يحبه الله..
.ـ أين علي بن أبي طالب ؟
ـ الله أكبر قُتل مَرحب !!
و محمود يتفاعل بكل كيانه مع الحكاية..
و لكن..!
تتوقف أحداث غزوة خيبر في وجدان محمود ..
فقد وصل إلى مكان مسجد عثمان العظيم ..
محمود ينظر إلى مكان المسجد ..
يتأمل .. يتلفت .. أين المسجد ؟؟
يدقق أكثر و أكثر لاسيما وقد وقف بالفعل في المكان الحقيقي ..
آه.. يا ربي..!
ما الذي ُبني على أنقاض المسجد ؟؟
بناء ضخم ، مكتوب عليه كلمات باللغة العبرية ..
هو لا يدقنها كأهلها ..
لكنه تمكن من قرأتها وفهم معناها :
بار أحرنوت للمتعة فقط !!