أَقْمَرْتَ في ليلي لِمَ؟!!!
سعاد درير
قفزت على أحد وأربعين درج، وصدّقت أني ألقيت بنفسي في فراش وثير. تبخّر كالماء... بحثت عنه في كل سماء ولم أجده في سماء.
تسلّقت أحد وأربعين درجا، وأشرقت في اللحظة التي أقمر فيها ليلي بسيد الكواكب. توّج ليلي دون موعد وبلا سابق إشعار. ودون موعد وبلا سابق إشعار انسحب في صمت قاتل.
كم يلزمني من غيبوبة لأستوعب رحيله!
لم أتعوّد على غيابه، ولم أُعوِّد نفسي على فراقه. لم أتدرب على فراقه... ليتني على الأقل تدرّبت على الاختفاء بعيدا عنه مرّة مرّة علّني أبتلع رحيله دفعة دفعة.
أما كنت أنا نجمته الشاردة التي وقع عليها من بين آلاف النجوم التي تثقب السماء؟! أَيُعْقَل أن تنال مني تلك الغيمة وقد حجبته عني؟!
آخر مرّة حطّ فيها على نافذتي بعث فِيَّ شعلة من الاستياء نتيجة محاولاتها المتلهفة للاطباق عليه. تلك الغيمة لا تملّ ولا تشبع من مطاردته. تغيب ، تغيب... وما أن تتمكن منه حتى تتمكن منه.
دون سابق إشعار رحل ساحبا خلفه مضخة دمي وما ترك لي غير حبل ندم يلتفّ حول عنقي وما من خلاص! لو أن الزمن يعود ليدلّني سيد الكواكب على سبب واحد يشفع لرحيله. كأن الأرض ابتلعته في رمشة عين. من أين لي بنخلة الصبر أتسلّقها عساها تبلّلني برطب يسندني إلى آخر الطريق؟!
في خيمتي التي أقفرت منذ غيابه أتحسّس كأس الشاي وطبق العسل الأبيض مع مطلع كل صباح، أقاسمهما رحلة اليتم. من الخيمة المجاورة يأتيني صوت الولد وهو يُرَتّل آيات الوجد لمن سكنت شغاف قلبه فذكّرني بابتهالات القمر. كان الولد رابضا فوق نافذة مولاته تماما كما القمر.
ألملم يتمي، أجرّ ذيل خيبتي الثقيلة، وأسأل السماء أن تمطرني ماء الرحمة.
كم يلزمني من خيط دموع لأحيك وجعي!