مؤهلات لا ترفض

قصة : نعيم الغول

بضعة أسئلة أخرى ويقرر. قال لنفسه بأنه يستطيع أن يعمل عمل لجنة كاملة. تكومت على نفسها أمامه على الكرسي . سأل نفسه أهو الحياء ؟ أم أن المقابلة تتطلب ذلك؟  ترى هل ستظل كذلك أم أن الحال قد يتغير؟

 سال: طبعا لديكم كل المعلومات ؟

أجابت المرأة التي كانت تجلس إلى جانبها وتحك انف جعله يفكر أي نوع من الطيور يشبه:

- بصراحة لقد سألنا وعرفنا كل شيء.

- ما هي مؤهلاتك العلمية؟

تنحنحت. أجابت المرأة ذات المنقار:

- ماجستير لغة عربية.

صمت.  أية مقابلة هذه التي لا تجيب فيها صاحبة الطلب. لكن ما باليد حيلة . قيل له ان يسأل، وأن يحصل على الإجابة التي يريد، والأمر في نهاية المطاف لن يشكل فرقا كبيرا بالنسبة له من سيجيب. المهم الإجابة.

اخرس صوتا في داخله يقول:  إنها تحمل الماجستير و أنت  لم تستطع تجاوز عتبة الثانوية العامة.  عادي . الفتيات تفوقن على الشباب. وها هن يستولين على الوظائف، ويتحركن في كل الاتجاهات ويبادرن الى كل  ما لا يخطر على بال. وهم يموتون جمودا وجوعا وجنونا. لكن دائما هناك طريقة اخرى للخلاص. لطالما فكر في ان يجمع النساء في ساحة ضخمة ويقتلهن جميعا. لن يحزن على أي منهن  ولن يخش العاقبة فهو مقطوع من شجرة ، وغير متزوج، وليس له أولاد بالطبع حتى ولا بالحرام.

  - كم بلغت من العمر؟

تحركت لتجيب، فسارعت المرأة وأجابت :

-  تحت الخامسة والثلاثين.

تأمل فيها . وجهها يشبه وجه كاتبة متمردة سمعت عن موت عشيقها الذي ألهمها الكثير من الجمل والكلمات. إيه  ، تبدو اكبر من ذلك بعشر سنين على الأقل يعني سنها قريب من سن أمه. في مثل هكذا مؤهلات الأعمار ليست مهمة كثيرا. إطراقها هذا الذي يشبه إطراق مالك الحزين  لا يشجع على المزيد من الحديث. وهذه المرأة كلما سأل صاحبة الشأن تكلمت فتذكره بطائر يثير الشؤم .

- هل تجيدين مهارات معينة حاسوب ، طباعة ، انترنت؟

رفعت رأسها. ربما نسيت أن تشكر الله على نعمة الجمال فسحبها منها. الجمال أيضا لا يجب أن يكون عقبة. أرباب العمل الفاسقون فقط هم الذي يفكرون في تشغيل فتيات صغيرات وجميلات وكأنهم يديرون ماخورا وليس مصلحة محترمة.

 لعلع صوت المرأة البومة بلهجة امتزجت بالسخرية:

- نعم لقد التحقت بدورة حاسوب شاملة. وهي مديرة مدرسة ،وراتبها يصل إلى مئتين وخمسين دينار، وهي تجيد الطبخ، وتتقن صنع الحلويات،و تقدس الحياة الزوجية. والشقة التي نجلس فيها الآن ورثتها عن أبيها. ولكن ما كل هذه الأسئلة الآنسة لا تبحث عن عمل؟!

أجل ، هو الذي يبحث عن عمل. وهو يسأل فقط ليعرف. سيحتمل أي شيء إلا  الجوع والتشرد، وذكر نفسه وهو يومئ بالموفقة  أنها التي "بادرت بطلب الزواج".