أريد تلك الدمية

هديل حسين أبو نبعة

هديل حسين أبو نبعة

[email protected]

-  " أحببتها وسأشتريها يا أمي "، قالها مؤيد وهو يؤشر بسبابته نحو لعبة صغيرة لفتت عيناه الصغيرتان .

ردت عليه أمه :  إنها دمية للفتيات يا مؤيد !

أخذ يبكي ويصيح : أريدها أريدها ....

-  أيقظ حدة الصراخ الدمية من نومها بحثت عن مصدره وجدته فوجئت إنه صبي صغير يصارع من أجلها !

 أعطاها من الأمل بريقه أخذت تلملم قطرات دمعه التي تساقطت عليها أخفت ابتسامتها كيلا يراها أحدهم

-  حسنا ً حسناً سأشتريها لك هدئ من روعك يا بني ....

فرح الطفل بلعبته الجديدة  وتناولها من بين جميع اللعب رغم أنها لم تكن أحلاها داعب وجهها ورفعها بين يديه عاليا ً وأطال النظر فيها وعاد بها إلى منزله منتشيا ً .

كان يحادثها كأن فيها روح تنبض ويجلس معها الساعات الطوال تناسى عالمه الخارجي وانشغل بها تعجبت والدته لأمره خافت عليه لكن سرعان ما تلاشى خوفها فهي ترى ابنها الصغير سعيدا ً مرحا ً .

في ليلة حالكة أجلسها بجانبه وروى لها مغامراته الطفولية وبطولاته وأخذ يسرد لها أحداث يومه حتى غفى وارتمى في حضن حلمه تاركا ً ابتسامة خفيفة ووجه طفولي سعيد .

استيقظ فزعا ً بعد ساعات متأثرا ً بصراخ والده ، كان يقف بجانب السرير ممسكا ً بدمية مؤيد ملوحا ً بها بعنف... ما هذا  ! ماذا يحمل ابنك بيده . موبخا ً زوجته

رد الطفل عليه ببراءة محاولا ً رفع النعاس من على عينيه : إنها دميتي  أعطني إياها يا أبي..

- من الذي اشتراها لك إنها للبنات لا تليق بك أريدك رجلا ً ، ثم حاول تمزيقها دون إدراك منه أنه بتلك الفعلة يمزق رغبة ابنه وكيانه وإرادته إنه بتلك الفعلة قد ألغى وجود ابنه تغافل عما يريد ابنه ليمجد سلطته الأبوية ويصفع أحلامه الوردية بلجام من قوة وقمع مزق بهذا أحلام ابنه التي ارتسمت كما شباك العنكبوت فرغم قوتها أزالها وأتلفها غير مدرك أنه جرح ابنه الصغير وتركه بين رغبة بالصراخ على والده وبين الإستسلام والرضوخ ومحاولة إقناع ذاته أن والده ربما على صوا ب وشيء من هذا القبيل .

    قام الأب بعدما مزق الدمية مرات عديدة برميها من نافذة الغرفة فسقطت وارتمت على قارعة الطريق وقامت الريح بنثر أجزائها الصغيرة في كل مكان كان من بينها دموع رطبة أندت قارعة الطريق وصيحة بصوت رقيق امتدت وانتشرت لتملأ نسمات الهواء الندي في تلك الليلة السوداء .

بكى الطفل حاول الخروج من منزله ليجمع أشلاء دميته منعه والده وحبسه في منزله أياما ً حتى تزول آثارها ....ليكمل والده تحكمه به وبرغباته وحتى ألعابه أحضر له  لعبة أخرى من منظور والده تتناسب وذوق ابنه من وجهة نظره بعد محاولات بائسة من والده ان ينظر إليها مؤيد وتمنعه لأيام أنه لا يريدها ولا يريد غيرها فقد نزع والده حبه للعب نزعا ً دون أن يولي الأمر أهمية .

في نهاية المطاف خضع الابن واستكان بعدما كان يثور كبركان وأرخى سمعه لمدح أخوته للعبة الجديدة وإعجابهم بها أراد أن يرى اللعبة ، بشيء من التردد خالج رغبته المنكسرة دخل الغرفة ورآها .