قصص قصيرة جداً
(30)
عادل العابر - الأحو
از المحتلة1 – زامل
نصبوا المشنقة أمام عينيه... وكان يبتسم!
كبلوا يديه من الخلف وقالوا له:
لم ندعك تقبل حبلها كـ (ريسان)! ... وأسرعوا فوضعوا المشنقة حول رقبته.
قال والإبتسامة لم تبرح شفتيه:
علمتـنا عواطفنا العربية أن نقبل من يعانـقـنا ... ألم تروا أنها تعانقني؟!
حنق الرئيس فأمر أن يرفعوه!
ولما رفعته المشنقة اقترب حبلها إلى شفتيه فقبله ألف قبلة وقبلة!
2 – السياسي
قالوا لها بعد تضرع وبكاء أنهم سيحاكمونه غداً،
فغبشت تجرجر الأطفال الخمسة قبل أذان الفجر واتجهت نحو المحكمة للمرة العشرین،
لم تسمع صوتاً إلا نباح الكلاب، بحثت عن الطعام معها في سلات المهملات لتمسک رمق أطفالها الذين لم يتعشوا البارحة!
إنتظرت حتى الظهر ثم عادت خائبة كالأيام الماضية.
واليوم وبعد أربعة أعوام ... لم تصدق أقوالهم بأنه أعدم،
فهي تحسه لم يزل حياً، ولهذا تواعد الأطفال كل مساء بأنه سيعود غداً حاملاً معه الأكياس التي كان يجلبها معه من السوق!
3 – إقتراح
بينما كنا نتمشى ونتباحث حول الإحتلال وطرق الخلاص من هيمنته، وصلنا إلى محل المثلجات فدعوته،
سألني: كم ستكلفنا المثلجات هذه من نقود؟!
قلت وقد ظنيت أنه حريص على النقود: ألف تومان تقريباً، ثم أنا الذي سأدفع المبلغ.
قال: ما رأيك أن أضع على ألفك ألفاً فنستنسخ أربعين نسخة نخدم بها القضية التي سوف لن تتقدم بمجرد النقاش والشعارات شبراً واحداً؟!
قلت وقد ندمت مما دار في ذهني نحوه: لو ترجمنا نصف شعاراتنا إلى أعمال، لتحررت الأحواز في يوم وليلة.
(31)
1 – المغفل
تجند في المعسكر الذي يقع بالقرب من بيتي،
وكان يؤدي الواجب ويزورنا مرتين في الأسبوع جالباً معه بعض زملائه من جنود الإحتلال!
ولما تسرح من العسكرية تنفسنا الصعداء ... لكنه جاء بعد شهر قائلاً:
جئت لأزور زملائي في المعسكر وأؤدي الواجب تجاهكم!
2 – الفقير
عمل مجتهداً حتى جمع مئة ألف تومان،
إحتار ماذا يفعل بهذا المبلغ! .. لم ينم الليل!!
سرح فكره ما بين النذور ليكسب الثواب.. والولائم ليثبت كرمه للناس.. والمآتم الحسينية ليحظى بشفاعة الحسين عليه السلام!
ثم صفت نيته على واحدة من الثلاثة وصرف نقوده لتحقيقها ... فنام بعدها لياليه هادئ الروح مطمئن القلب!
3 – التلميذ
بينما كان يبحث عن بنطال في المحلات التجارية وجد أحد تلامذته القدامى،
أقسم التلميذ أن لا يبرح المعلم إلا واشترى بنطالاً من محله ... ذلك كي يبيع البنطال عليه بسعر منخفض جداً ... أقل من سعر شرائه من شركات الإنتاج!
ثم أضاف: أريد أن أطبق النصائح التي نصحتني بها عن الإنصاف حين كنت تلميذك في المدرسة!
فاقنع معلمه أن يشتري البنطال منه ثم باعه عليه بسعر مضاعف!
1 – التشييع
قالوا لأبيه: إحضر أنت وأمه لندفنه غداً ... ومن دون تشييع!
وفي صباح الغد، عندما حملوا جثمانه الطاهر من السيارة إلى المقبرة، كان الألوف يشيعونه وهم يرددون:
(لا إله إلا الله، محمد رسول الله).
والرئيس يتسائل في دهشة: كيف تسلل هؤلاء من الحزام الأمني الذي يطوق المقبرة؟!
2 – الصدمة
نهوني من الخروج في تلك الساعة وأنا أحمل أوراقي الممنوعة، ولكني عاندت وخرجت.
وفجئة وقفت أمامي سيارة الشرطة حيث لم أتمكن من الفرار!
نادوني بالإسم: تفضل إركب معنا يا سيد فلان! .... فركبت.
لاشك أني رحت إلى سجن لا تقل مدته خمس سنوات.
سألني أحدهم بنبرة الصديق عن أحوالي وأين أسكن وماذا أعمل!
قلت بإختصار: الحمد لله ..ولم أكمل.
قال: كأنك لم تعرفني! أنا كنت زميلك في الدراسة قبل عشرين عاماً!!
عندها فضلت أن أسجن خمس سنوات ولا أرى صديقاً كنت قد أقنعته بالنضال لأجل قضيتنا لكنه اليوم متعاون مع الإحتلال.
3 – الفكة
كانا يتمشان حتى وصلا إلى صندوق صدقات،
وضع فكة في الصندوق،
قال له معترضاً: لقد زودت دخل حكومة الإحتلال! ألا تدري أن الصناديق هذه تشرف عليها حكومة الإحتلال؟
يفترض عليك كـ مناضل أن توفرها لمحاربة الإحتلال لا لدعمه!