أحبك يا وطني
البراء كحيل
كان يحلم منذ نعومة أظفاره أن يسافر إلى هذه الدولة العربية ربما ليس بقصد العمل لكن لزيارتها لما سمعه عن تقدمها الحضاري وعن نهضتها العمرانية حتى أصبح يسأل اللهَ في صلاته أن يبلغّه هذا البلد , وشاءت الأقدار أن يسافر إليه للعمل وربما لأسباب أخرى دفعته لهجر الوطن , عندما صعد درج الطائرة كانت السعادة تغمره لكن يشوبها خوفٌ لا يدري مصدره ,
وصل إلى ذلك البلد المتقدم والمتطور والذي طالما حلم به وأحبّ زيارته , لكن ما إن سار خطواته الأولى على أرض هذا البلد حتى شعر بشيءٍ غريبٍ داخله وشعر بانقباض في قلبه لكنّه لم يعرف مصدره , بدأ حياته الجديدة وعمله الجديد أذهله التقدم والتطور الذي شاهده في البلد الجديد وكم تعجب لماذا لا يكون وطني هكذا مميزاً ومتقدماً , لكن بعد أيامٍ قليلةٍ وخبرةٍ زهيدة بدأت تتكشف لديه الحقائق وتظهر أمامه الخفايا وبدأتْ تزول عن عينيه الغشاوة , إنّه الآن يشعر أنّه جسدٌ بلا روح وحياته بلا معنى خاليةً من الحبّ والودّ والعلاقات الاجتماعية الصادقة , نعم إنّ هذا البلد متقدم ومتطور لكنّه عبارة عن مصنعٍ كبير والنّاس فيه كالآلات التي تعمل بالوقود ولا تملك أية أحاسيس أو مشاعر , كل شيءٍ هنا مختلف عن وطني حتى الهواء الذي أتنفسه يختلف عن هواء موطني , الطعام شكلٌ بلا طعم والماء ملحٌ أجاج , يا الله كم أشتاق إليك يا وطني كم كنتَ صغيراً في عيني عندما كنتُ فيك والآن أعلم كم أنت عظيمٌ وهام , بدأ يصرخ أحنّ إلى وطني الغالي وأشتاق لكل ما فيه حتى ولو كان خراباً فهو خير من هذه الحضارة الزائفة , وفي النهاية اتخذ القرار الشجاع في اللحظة الحاسمة وقرر العودة إلى وطنه وهو يردد (كوخٌ صغيرٌ في وطني خيرٌ من قصور الذهب في بلاد الغربة وكسرة خبزٍ في رحاب الوطن أحبّ إليّ من حُمر الِنعَم في بلاد الحداثة )
لكنَّ السؤال ماذا يفعل من يعجز عن العودة إلى الوطن ؟؟؟؟ !!