شباط

 محمود خليل /الأردن

إنقطعت الأمطار طويلا فلا روت أرضنا التي شبعت عطشا و زادت قحفا ولا أخفت دموع العاشقين الذين يجوبون الشوارع ليلا كأنهم ولاة الأمر منا ,يراقبون النوافذ العالية المضيئة و يتسائلون بحسرة مميتة يدغدها شعور بالفضول إذا كانوا من القلة الذين وهبهم الله السعادة.

 إذن الشوارع خاوية إلا من عاشق هائم يسبح مع الظلام, يشد معطفة ليبعد عنه برد الليل القاسي, أوراق تتطاير من حوله أمسك إحداها , رسالة عشق من مجهولة إلى رجل أحمق يقرأها "لا تعليق"  يرميها يلتقط برشاقة أخرى طارت بالقرب من وجه, قائمة مشتريات فيها ملاحظة " لا تنسى البطيخ بلاش يطلع بعين ابنك بطيخة !!" التوقيع زوجتك الحامل.  يبتسم قليلا و يتحسر على الزوج !!! 

يعود لحاله يمشي في ظلام إلى ظلام, يقترب من بعيد شخص لا يستطيع تمييز وجهه يقترب شيئا فشيئا إنارة الشارع تلقي اشعتها الخافتة على الوجه اذ هي فتاة, دمعة أبرقت على خدها لا يبالي فعنده مخزون كافي من الدموع ليهتم به .

 تعود العاشق هذا الروتين الشتوي يهيم بالارض ليلا بحثا عن عشاق يحلم من خلالهم بقصور العشق , حلم كبير صغير ,إمرأة تعشقه و يعشقها كوخ صغير مدفأة يغذيها بالحطب كلما خبت نارها, تعبق البيت برائحة خشب الصنوبر , كأس من الشاي الساخن و أحاديث بمسافة الليل , هيهات يا صاحبي أن تلاقاه.

 ها هو شباط يدق الابواب برد يسكن العظام بتعسف كأنه حكومة عربية لا أمطار و نعود ونقول الحمدلله على كل حال ,و أنت لا زلت تبحث عن العاشقين في مدينتنا يا صديقي لن تجد عشاقا في مدينتنا إلى القطط , لعلها الأوفر حظا في شباط !!! مياووو .