الكلمات خزائن العطور

مصطفى الشيخ الأحمد

مصطفى الشيخ الأحمد

[email protected]

بعد رحيل يوم مع غياب شمس الحرية ، وظلام دامس ومطر يغطي الأرض ذهبت إلى البيت متعباً من مشقات الحياة ٠ دخلت غرفتي كان هناك حمل ثقيل على أكتافي ، أحتاج إلى نوم عميق  .ألقيت بنفسي على السرير. أغمضت عيني  وبدأت تطاردني الأفكار أتقلب يميناً وشمالاً و لكنها تلاحقني ،  أفتح عيني للحظة ثم أغمضها . أنها تتعبني وعقلي معها ألاف الكيلومترات يأخذني مرة يطير بي فوق السحاب  وأحياناً في بحور يغرقني  لافائدة من النوم . ومن جهة أقرب معدتي تهددني عصافيرها تزقزق أيقظت الجدران  .

قمت أبحث عن شيء أتذوقه هنا قطعة خبز قديم تبخر منه الماء وغطى نفسه بقبعة خضراء وثلاثة زيتونات سود إلتمت على نفسها وتغذت بزيتها ولم تعد تنفع  ، ومازلت أبحث وزادني البحث جوع وتعب عدت جلست على السرير ، نظرت الى داخل غرفتي الصغيرة هناك أوراق متناثرة من كتابات قصائد وقصص وكلمات .

 مع دفاتر صغيرة يغطيها قليل من الغبار . أظن أنها  تحتاج لأن ترى الشمس ، وضعت يدي على رأسي وأغمضت عيني . وأبحرت في بحر كنت أبتعد بنفسي  أن لا أقترب إلى شواطئه  ٠ 

وفجأة بدون سابق أنذار . قمت أبحث بين الأوراق بشوق وأشتياق عن شيئين أحدهما  مكانه ثابت وبدأت أرفع أوراق حتى بان لي ما أبحث عنه أنها شمعة قد كبرت في السن وتمايلت أعدلتها حتى أستقامت وقسمتها الى أربعة أجزاء صغيرة  .والشيء الأخر. أنه في داخل صندوق صغير من الخشب يسكن مع خواتم من الفضة وأحجار كريمة  أنه صحن صغير من الفضة الصافية عليه بعض الرسومات . كان قد أهداني إياه آنذاك أستاذي مدرس مادة التاريخ مسحت الصحن جيداً  بقميصي البنفسجي اللون الذي ألبسه صففت الشموع وتركت بينها فراغ بسيط وأشعلتها  في البداية تشكل عليها الحزن  وقليلا قليلا بدأت سعادتها ترفرف  قربت صحن الفضة فوق سعادة الشموع . مددت يدي اليمنى تركتها تغازل الأوراق حتى أختارت ورقة من بين الأوراق سحبتها بيدي  كانت قصيدة عشق  أحسست بحزن  ينتابي  لم أتوقف معه. ووضعتها فوق صحن الفضة  بدأ الخفيف يتبخر ويتطاير مددت يدي إلى الأوراق أصابع يدي محتارة مرة تحتضن بعضها بشدة قبض .ومرة الأصابع تائهة  تدور حول نفسها  غازلتها بهمسة عطر .وأختارت لي ورقة من بين الأوراق كانت قصيدة  روح الأنسان   وضعتها مع قصيدة العشق  وأصبحا توأمان  يتعانقان  لابد لهما من عطر سقاء حتى يطيبان . 

وعطرهم أسمعتهم جميل كلمات أوزان  حتى طربت وتراقصت أوراقي وكتاباتي وعطوري ومجوهراتي ، و الخبز نزع قبعته الخضراء وظهر لونه من جديد والزيتونات عادت للحياة فرحة  وكل شيء داخل غرفتي أقترب وإجتمع حولي يتراقص ويتمايل طرباً حتى السقف والجدران رسما غرفتي الصغيرة جميل ألوان  وطار الذي تبخر  وبقي على صحن الفضة مسك وعنبر . 

تركت الشموع مع السعادة تتراقص وكل شيء عاد الى مكانه  وبيدي  كنز غذاء . حملت نفسي من على الأرض

وجلست على السرير.

أخذت لقمة وما أن وضعتها بفمي 

أغمضت عيني وغبت في الزمان ...  ماشاهدت من قبل هذا المكان    

                     وما عرفت له في الدنيا عنوان 

وعدت الى نفسي وألتهمتُ كل مافي الصحن من رمان .لاأعلم أين ولا كيف  لكني

 أخرجتها عطر     .     وأرجعتها جبر    .     وتفسيره يتعذر

 الكلمات حياة وعطر أكثر ...   ربما  للصمت هي أقرب أكثر      

                         و الصمت الصمت الصمت 

عن الكلمات يعتذر ويتعذر    ...    وعما يدور بالحياة يتألم ويتحير