من أروع قصص الوفاء !
قصة حزينة حدثت في القاهرة قبل ستة قرون ونصف، ولكن مازالت آثار فجيعة صاحبها تؤثر في النفوس، وتبكي العيون!
وهي تذكرنا بنماذج الوفاء في الحياة، وبعد الوفاة في زمن عز فيه الوفاء بين الزوجين في اﻷسرة المعاصرة!
فقد كان للمؤرخ المقريزي المصري المعروف زوجة بغدادية، وصفها بقوله: كانت من خير نساء زمانها!
اسمها: سفرى ابنة عمر بن عبد الصمد، تزوجها سنة ٧٨٢هـ، ورزق منها بولدين، هما: محمد، وعلي.
ولكن ما لبثت أن توفيت شابة بعد ثماني سنوات من اقترانه بها رحمها الله تعالى.
ولكن الشيخ ظل متعلقا بها، وفيا كل الوفاء لها، وآية ذلك أنه كان كثير الاستغفار لها، والترحم عليها.
ومن العجائب ما حدثنا عن رؤيا مؤثرة رآها في المنام، فلنستمع إليه ليقص علينا ما رأى:
قال رحمه الله:
واتفق لي إني أريتها في بعض الليالي، وقد دخلتْ علي بهيئتها التي كفنتها بها!
فقلت لها: وأنا أعرف أنها ميتة: يا أم محمد الذي أرسله إليكِ يصل؟ -أعني: استغفاري لها-
قالت: نعم، في كل يوم تصل هديتك إليَّ.
ثم بكت، وقالت: قد علمتَ أني عاجزة عن مكافأتك.
فقلت لها: لا عليكِ، عما قليل نلتقي.
وكانت غفر الله لها مع صغر سنها من خير نساء زمانها، ما عُوضت بعدها مثلها.
ثم أنشد:
أبكى فراقُهم عيني فأرّقها
إن التفرق للأحباب بكّاءُ
ما زال يعدو عليهم صرف دهرهم
حتى تفانوا وصرْف الدهر عدّاءُ
ثم رفع يديه إلى السماء يدعو ربه بقوله:
"جمعنا الله بها في جنته، وعمّنا بعفوه ومغفرته".
مصدر القصة كتاب: درر العقود الفريدة في تراجم اﻷعيان المفيدة، للمقريزي ٩٩/٢.
وسوم: العدد 652