التّدخين داخل حرم الجامعات بين الرفض والقبول
يعدّ التّدخين من أكثر الظّواهر السّيّئة شيوعا في العديد من بلدان العالم، حيث يبلغ عدد المدخنين في العالم حوالي 1.3 مليار شخص، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 1.7 مليار شخص بحلول عام 2025، وبينت الدراسات أن عدد الوفيات في العالم نتيجة التدخين قد بلغت حوالي 3.5 مليون شخص، ويتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى حوالي 10 مليون شخص عام 2030.
قد يعتبر البعض أن التدخين إحدى وسائل الترويح عن النفس والتّخفيف من الضغط النفسي، وهذا بحد ذاته يشكل دافعا للاقبال بنهم على التدخين، دون الالتفات إلى مضاره التي تنعكس عليهم وعلى غيرهم من غير المدخنين، بما يطلق عليه التدخين السّلبي، والذي يتسبّب بالعديد من المشاكل الصحية، فهو مسبب رئيسي لأمراض القلب والجهاز الدوري والجهاز التنفسي، ومع مرور الوقت يتسبب التدخين في ترسب كميات هائلة من المواد المسرطنة في الفم والحنجرة والرئتين، وتعتبر الأمراض الناجمة عن التدخين من أكبر الأسباب المؤدية للوفاة في العالم في الوقت الحالي، كما يتسبب التدخين في العديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية فهو يزيد من نسبة الفقر بين متعاطيه وعائلاتهم.
ومن خلال جولة استطلاعيّة أُجريت على موقع التّواصل الاجتماعيّ "فيسبوك" استهدفت مجموعة من "طلاب جامعة بيرزيت"، بهدف رصد رأي الطّلاب في التّدخين داخل الكلّيّات، تبيّن رفضهم للظّاهرة بشكل صريح وواضح من خلال إجابتهم في تعليقات عن الأسئلة الآتية.
-هل أنت مع أم ضد التّدخين داخل الكلّيّات ولماذا؟
- هل صادفت موقف كهذا؟ (طالب يقوم بالتّدخين داخل كلّيّة) وماذا كانت ردّة فعلك؟ (هل قمت بالتّدخّل مثلاً).
وكانت الإجابات كالتّالي:
أجاب الطّالب زيد الخطيب بأنّه ضدّ التّدخين داخل الكلّيّات، مؤكّدا أنه يشعر بضيقٍ في صدره من الرّائحة، أمّا بالنّسبة لردّة فعله، فأجاب أنّه يتدخّل في حال كان المدخّن صديقاً له.
وكتبت الطّالبة لانا محسن بأنّها ضدّ هذه الظّاهرة، داعمةً إجابتها بأنّ هناك من يعاني من مشاكل بالتّنفّس.
وعلّقت الطّالبة سيرين مؤقت بأنّها ضدّ هذه الظّاهرة بشدّة، مؤكدة على أنّ التدخين في مكان مغلق يزيد الطين بلّة، ويزيد نسبة الأذى، خاصة وأن بعضهم يعاني من مشاكل صحية كالحساسية والأزمة. والمشكلة أنهم يستهترون باللاصقات المطبوعة على الجدران لمنع التدخين.
وشدّدت الطّالبة أسيل ناصر من خلال إجابتها على أنّها ضدّ هذه الظّاهرة لكونها مؤذية ومزعجة لغير المدخنين. كما أنها أكّدت على أنها تلحظ أنّ هناك ارتفاعا لهذه الظاهرة التي باتت مقلقة.
وأجاب الطّالب أسامة الفاخوري بأنّه أيضا يرفض الظاهرة بشدّة خصوصا في فصل الشّتاء، حيث تكون النّوافذ مغلقة، مما يزيد من تأثيرها السيء على المدخن ومن حوله. وأكّد أنّه في كثير من الأحيان يتدخّل ويطلب من المدخن أن يطفىء سيجارته أو يخرج خارج المبنى.
أمّا الطّالبة آية ماجد، فنعتت المدخّنين بالأنانيّين لعدم تقدير ظروف غيرهم من غير المدخّنين، وأشارت إلى أنّ التأثير السّلبي للدّخان على غير المدخّن أكبر من تأثيره على المدخّن ذاته، وهذا ما لا يقدّره المدخّن ولا يعترف به، على رغم أن الدراسات أثبتت ذلك.
ووصف الطّالب إياس رائحة الدخان بالمقززة إضافة إلى أنّها مضرّة، فهو يرى تأثير التّدخين الفوري على الطلبة، فيسيب اختناق وسعال وضيق في التنفس.
أما الطالبة سهير محمد فقد قالت أنها تشعر بالقرف من المدخنين ورائحتهم، وأن رائحة الدخان تعلق بشعر وملابس كل من حول المدخن، خاصة وأن المكان مغلقا. وأكدت أنها اعترضت أكثر من مرة، وتحدثت بأدب مع أكثر من زميل يدخن داخل المبنى، ترجوهم بأن يطفئوا السيجارة، أو يدخنوا بالخارج، بعضهم استجاب وبعضهم أهمل طلبها.
أمّا الطّالب مجد منصور، فقال بأنه يستغرب من آراء الطلاب الذين يرفضون ظاهرة التدخين، حيث قال: من يتعرّض لضيق من الدّخان، فبإمكانه الابتعاد عن المكان. وكتبت الطّالبة أمنية ميشال في تعليقٍ لها تستهجن تعليق من سبقها، أشارت فيه إلى أنّ هناك قانونا يمنع التّدخين داخل الكلّيّات، ويظهر هذا جليّا في اللّافتات التي تفيد منع التّدخين، ولكن للأسف لا يوجد احترام للقانون.
من خلال الإجابات السّابقة، يتبيّن وجود رفض واستياء عام من هذه الظّاهرة، فبالرّغم من القانون الواضح والصّريح الذي يمنع التّدخين داخل أروقة الجامعة، والذي يتجلّى واضحاً في الملصقات، إلّا أنّ هناك انتشارا واسعا للتدخين داخل أروقة الجامعة المغلقة.
ويبقى السّؤال هنا: هل ستقوم إدارة جامعة بيرزيت بالتّدخل، واتّخاذ الإجراءات القانونيّة المناسبة والصّارمة بحقّ الطّلبة غير الملتزمين والمستهترين بالقانون وبصحة زملائهم من الطلبة؟ أم أنّ نسبة ظّاهرة التّدخين داخل أروقة الجامعة ستأخذ بالازدياد نتيجة غض النظر عن المخالفين؟ ويبقى السّؤال مطروحا.
وسوم: العدد 763